الصفحة الأساسية > البديل الوطني > اعتصام باردو واستكمال المسار الثوري...
اعتصام باردو واستكمال المسار الثوري...
15 كانون الأول (ديسمبر) 2011

يدخل اعتصام باردو1 أسبوعه الثالث بعد أن تم الإعلان عن انطلاقه في 30/11/2011 وذلك بمشاركة منظمات المجتمع المدني ووفود من أهالي الحوض المنجمي ومناطق أخرى ومناضلي الاتحاد العام لطلبة تونس والأحزاب السياسية ومواطنين مستقلين، وقد جاء الاعتصام على حد تعبير المعتصمين في إطار استكمال المسار الثوري الذي عرفته البلاد ووقع اختياره واحدا من أشكال النضال السلمي من أجل تحقيق أهداف الثورة وضمان الإجهاز الحقيقي على الدكتاتورية والاستبداد.

تزامن الاعتصام مع جملة من الأحداث الهامة ومن بينها حادثة كلية الآداب بمنوبة من جهة واحتدام الجدل داخل المجلس وخارجه حول مشاريع القوانين المقترحة من طرف الأغلبية من جهة أخرى، وهو ما خلف ردود فعل متباينة خصوصا وأن البعض اعتبره تعطيلا للمسار الديمقراطي ويحمل في طياته نوايا سياسية رخيصة تهدف إلى تحريض الرأي العام ضد الأغلبية الفائزة في الانتخابات وقد بلغ الأمر بحركة النهضة حد شحذ أنصارها للتظاهر يوم السبت الموافق لـ03/12/2012 أمام مقر المجلس التأسيسي في باردو وذلك في حركة أشبه بالاستعراض الرياضي للجماهير الكروية، وقد رفع المتجمهرون شعارات عقائدية تشير إلى أن من يقف في الضفة الاخرى جَمعٌ من أعداء الاسلام من العلمانيين والحداثيين والشيوعيين وطالبوهم بإخلاء المكان لأن أحجامهم الانتخابية لا تسمح لهم بإملاء القرارات على من انتخبهم الشعب في 23 أكتوبر وقد وصل الأمر إلى حد الاعتداء على المعتصمين بالعنف المادي واللفظي في محاولة لفك الاعتصام بالقوة.

أمام ردود الفعل المربكة ووسط التشويه الاعلامي للاعتصام من طرف بعض القنوات التلفزية، على غرار قناة الجزيرة، عبّر المعتصمون عن تمسكهم بالاعتصام كأداة للتعبير السلمي، ولكن بين ما أبداه أنصار النهضة من امتعاض وما عبّر عنه المعتصمون من إصرار يبقى البحث في سقف المطالب المرفوعة ومدى ارتباطها بالواقع السياسي والاجتماعي أهم الشروط الأولية لتقييم الاعتصام بعيدا عن إثارة المسائل الهامشية وعلى رأسها المسألة العقائدية.

الاعتصام ورقة ضغط

لم يُخْف المعتصمون أن اعتصامهم يشكل ضغطا على ما يحدث داخل قاعة المجلس من مداولات خصوصا في ما يتعلق بمشاريع القوانين المقترحة من طرف الائتلاف الحكومي، وقد طالب المعتصمون بالعدول الفوري عن مشروع القانون المنظم للسلط العمومية الذي يتضمن احتكارا لجميع الصلاحيات لرئيس الحكومة وهو ما اعتبروه تأسيسا لدكتاتورية جديدة وقد تمكن الاعتصام من فرض بعض التعديلات في هذا لاتجاه، هذا بالإضافة إلى المطالبة بمراجعة التنظيم الداخلي للمجلس التأسيسي وذلك بفرض أغلبية الثلثين على كل القرارات التي سيتم اتخاذها واعتماد أغلبية50% +1 في تزكية الحكومة واعتماد نفس هذه الاغلبية في سحب الثقة منها، كما نادى المعتصمون بضرورة إحالة الدستور الجديد على الاستفتاء الشعبي وهو ما لم يتم اتخاذه بعين الاعتبار من خلال التصويت ضد هذا المقترح داخل المجلس، وعلاوة على هذا طالب الاعتصام بإعادة البث المباشر لمداولات المجلس الذي انقطع مع انطلاق أشغال اللجان دون أي مبرر ويبدو أن هذا المطلب وجد صداه داخل قاعة المجلس إذ تمت إعادة بث المداولات على المباشر في وقت لاحق.

تفعيل آليات المحاسبة

أكدت البيانات الصادرة عن لجنة الاعتصام على ضرورة اتخاذ جملة من الاجراءات الاستعجالية بخصوص ملف الشهداء والجرحى وذلك عن طريق المحاكمة العادلة والفورية للقتلة والمجرمين ورد الاعتبار لجرحى الثورة ماديا ومعنويا ومؤازرة عائلات الشهداء، وتجدر الإشارة إلى أن مجموعة من جرحى الثورة المعتصمين في باردو دخلوا في إضراب جوع يوم الثلاثاء الفارط احتجاجا على تجاهل مطالبهم المشروعة والتي تتمثل بالأساس في حق التعويض والعلاج المجاني.

وأمام ما تشهده جل القطاعات من فساد مالي وإداري طالب المعتصمون بتطهير الجهاز القضائي من رموز الفساد باعتبارها خطوة أولى لضمان استقلالية القضاء، هذا بالإضافة إلى ضرورة المعالجة الفورية لملفات الفساد التي تشهدها الإدارة التونسية حتى يتم القطع بشكل فعلي مع منظومة الاستبداد التي تعتبر الإدارة أحد أبرز وجوهها.

التشغيل: شعار مركزي

تجسيدا لأهم المطالب التي رفعتها الثورة التونسية اختار المعتصمون لاعتصامهم عنوانا رئيسيا وهو «شغل، حرية، كرامة وطنية» وذلك للتنصيص على الطابع الاجتماعي الذي اتسمت به أغلب التحركات الجماهيرية منذ السابع عشر من ديسمبر 2010 وصولا إلى ديسمبر 2011، وعلى ضوء هذا المطلب وجد اعتصام باردو إسنادا كبيرا من العديد من الشرائح وعلى رأسهم أهالي المناطق المحرومة الذين انضموا إلى الاعتصام منذ اليوم الأول مثل أهالي الحوض المنجمي وتالة، هذا بالإضافة إلى التفاعل الإيجابي من طرف اتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل الذي ساند الاعتصام من خلال التحركات التي يخوضها منذ فترة، على هامش المطالبة بالتشغيل. كما نادى المعتصمون أيضا بضرورة إرساء آليات جديدة تضمن التنمية الجهوية والتوزيع العادل لثروات وطالبوا بتعليق سداد الدّيون الخارجية.

ياسين النابلي



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني