الصفحة الأساسية > البديل الوطني > بريق المؤشّرات التنموية يخفي محيطا من البؤس والشقاء الاجتماعي
بن عروس:
بريق المؤشّرات التنموية يخفي محيطا من البؤس والشقاء الاجتماعي
3 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011

في آخر أيام الحملة الانتخابية وقبل يومين من الموعد الحاسم لانتخابات المجلس التأسيسي اقترح الحزب على الشعب ضمن برنامجه العام مهمّات محدّدة وملموسة للنضال معه سويّا من أجل تحقيقها ومن أولى هذه المهمّات انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التي يعتبرها الحزب لحظة ثورية وخطوة أولى في مسار الانتقال إلى نظام ديمقراطي حقيقي ولتحقيق هذا الهدف يجب أن تكون هذه الانتخابات حرة وديمقراطية وشفافة ينبثق عنها مجلسا تأسيسيا ممثّلا للشعب يتولّى صياغة دستور جديد يرسي القواعد الأساسية للجمهوريّة الديمقراطيّة المنشودة بما في ذلك الضّمانات الكفيلة بوضع حدّ لهموم ومشاغل العمّال المضطهدين والفلاحين الكادحين والطلبة والتلاميذ والشباب المعطل عن العمل والمهمّش والمرأة في الريف والمدينة وتمكنهم جميعا من الحرية والعيش الكريم.

إن البديل الثوري لحزب العمال لا يتوقف على لحظة انتخابات المجلس التأسيسي بل أنّ نضاله يبقى دائما ملتصقا بمشاغل شعبه ومبنيا على قاعدة احتياجاته المباشرة والمرحليّة فهو يدعو إلى مواصلة النضال ضدّ حالة البؤس والشقاء الاجتماعي المنتشرة بكامل البلاد والناتجة عن سياسة تنمويّة فاشلة سخرت كل الامتيازات وموارد الدولة لفائدة فئة محدودة من المستثمرين وأصحاب النفوذ المالي والاداري وفي المقابل تم إهمال الحاجيات الملحة لأغلب المتساكنين من شغل قار وسكن لائق ومرافق صحية وتعليمية وثقافية وترفيهية واجتماعية ورياضية.

مؤشرات تنموية براقة

وتعتبر جهة بن عروس نموذجا صارخا لحجم الهوة بين المؤشرات التنموية البراقة من جهة وحجم البؤس وتردّي الظروف المعيشية لحزام واسع من المتساكنين فولاية بن عروس التي تعد ما يفوق 566.531 ألف نسمة تضم ما يعادل 984 وحدة صناعية تشغّل ما يقارب 146118 عاملا بأجور بائسة وسط تضييق على الحق النقابي وإهمال للبيئة وتنصّل من دفع الأداءات بل أن ثلث المؤسسات تصنف كوحدات صناعية ملوثة تعرّض صحة العاملين بها والمتساكنين للخطر، ويبلغ عدد العملة المستقلين غير الفلاحيين ما يفوق 25000 أغلبهم في قطاع الخدمات، وفي المجال الفلاحي تغطي الأراضي الفلاحية نسبة 44% من مساحة الولاية دون أن تساهم في عملية التشغيل نتيجة التكثيف الزراعي والنسبة العالية للمساحات المروية و الإعتماد على العمل الموسمي لليد العاملة النسائية بالخصوص في ظروف قاسية، وفي الجهة الشرقية يعكس أسطول الصيد البحري وجها آخر من المعاناة اليومية لبحارة أنهكتهم الديون والعجز الواضح عن صيانة مركبات الصيد المهترئة أصلا ، وعوض أن يتّسع الشريط الساحلي للبحث عن لقمة العيش أصبح يضيق بالحراقين المتعلقين بوهم التخلّص من أغلال الفقر ليجدوا أنفسهم في جحيم البطالة والعنصرية والاستغلال ببلدان الهجرة حيث تطور عدد المهاجرين من متساكني الولاية ليتجاوز 40 ألف مهاجر، جزء منهم خلّف عائلات وأطفالا يواجهون صعوبات يومية في التعليم والسكن والاندماج الاجتماعي.

فشل منوال التنمية

إن حزب العمال لا يعتبر المنوال التنموي بالجهة قد فشل في تحسين ظروف عيش المتساكنين فقط بل سارع في نسق انتشار الأحياء الشعبية حيث تسود البطالة والفقر وتردي البنية التحتية ومختلف المرافق والتجهيزات الجماعية وتتعقّد الأوضاع العقارية بعديد الأحياء على غرار منطقة نعسان وحي فرحات حشاد بحمام الأنف وحي الطيب المهيري برادس وحي علي بالفالح ببرج السدرية وبرج السوقي بمرناق وحي الزيتون بنعسان مما ضاعف من ظاهرة النزوح والبناء الفوضي ومزيد تردي الخدمات في حين ينعم المضاربون العقاريون بكل الامتيازات المالية والعقارية ليحوّلوا حياة العملة والموظفين إلى كابوس نتيجة العجز عن مواجهة نفقات السكن ، كما تشكو مئات العائلات من تراكم الديون تجاه شركتي السنيت والسبرولس بأحياء الملاحة برادس المحاذي لأكبر ميناء تجاري بالبلاد وبرج الوزير بالزهراء المتاخم للمدينة الرياضية برادس حيث يحرم البعض من عقود التمليك بالنسبة لمساكن 26-26 وكل هذه الوضعيات تعزز الشعور بالقهر تجاه عجز البلديات على الاستجابة لحاجيات المتساكنين وعدم اكتراثها بمظاهر التلوث والإعتداء على الملك العمومي المشترك والنظافة وصيانة المسالك داخل الأحياء وتمويل الأنشطة الشبابية والثقافية والرياضية لفائدة الأطفال والشبان وعجز المؤسسات العمومية على تقديم خدمات لائقة في مجال التعليم والصحة والنقل ورياض الأطفال والمحاضن في حين تسند الامتيازات لبعث مشاريع خاصّة في ميدان التعليم والصحة والترفيه توفر خدمات عالية الكلفة ويتمّ ترك غالبية المتساكنين فريسة للمرض والفقر في غياب إحاطة اجتماعية كافية وفرص تشغيل ملائمة ومتكافئة بالنسبة للباعثين الشبان من الفئات الفقيرة و ذات الاحتياجات الخاصة من المعوقين والمعوزين والمسنين فاقدي السند والأطفال المهددين، وقد ساعدت كل هذه العوامل السلبية على مضاعفة ظواهر الانقطاع المدرسي المبكر والجنوح والجريمة واستهلاك وترويج المواد المخدرة والتسول الذي عرفت به أحياء بكاملها والحرقان الذي أصبح هاجس فئات واسعة من الشباب اليائس والذي ازدادت وتيرته نتيجة عجز الحكومات الانتقالية لمرحلة ما بعد الثورة على معالجة الآشكاليات التنموية الملحة ووضع تصورات تؤسس لعدالة اجتماعية واقتصادية حقيقية.

البديل الثوري

إن البديل الثوري لحزب العمال يقتضي مقاومة كل محاولات و مشاريع الالتفاف على الثورة ويدعو إلى تحويل مشاغل متساكني جهة بنعروس إلى برنامج نضالي يومي في كل المواقع بصفة موازية مع مرحلة صياغة الدستور وإلى حين إيجاد مؤسسات منتخبة تتبنى اختيارات وطنية نابعة من إرادة الشعب وقادرة على تلبية احتياجات أفراده وفئاته المحرومة ونخص بالذكر:

- تحسين أجور العمال في القطاع الصناعي والفلاحي وضمان حرية العمل النقابي وضمان مساهمة الوحدات الصناعية الكبرى في حماية البيئة وتوفير النقل ومحاضن ورياض الأطفال لفائدة العمال وأبنائهم.

- وضع برنامج مباشر وعاجل لإزالة كل مظاهر التهميش والإهمال بالأحياء الشعبية وتسوية الأوضاع العقارية الجامدة وإعداد دراسات فنية وميدانية تطرح بدائل لتغيير واقع البؤس بمختلف الأحياء الشعبية وتزويدها بمختلف المرافق والتجهيزات ومشاريع تحسين البنية التحتية والنقل لمختلف مؤسسات الانتاج والصحة والتعليم الجامعي.

- إعادة النظر في المرحلة الانتقالية القادمة في المخططات الاستثمارية للبلديات على قاعدة الاحتياجات الأساسية اليومية للمتساكنين في ما يتعلق بمقاومة التلوث وإيقاف عمليات التلاعب بالملك العمومي المشترك ودعم الأنشطة الثقافية والشبابية والرياضية وتوفير ظروف النشاط الملائمة للجمعيات والمنظمات التي تنفذ أنشطة ذات صلة بتحقيق أهداف الثورة .

- تشخيص الحاجيات الدقيقة للفئات الهشة والفقيرة في علاقة بالتغطية الاجتماعية والصحية والمنح القارة والمساعدات المدرسية وتحسين المسكن وبعث موارد الرزق والرفع من الحصص المخصصة لها.

- إيجاد مسالك التمويل والبرامج العاجلة لمساعدة البحارة على صيانة مركباتهم وتوفير التجهيزات الضرورية لعملية الصيد بمختلف أنواعه.

- إعفاء المتساكنين من دفع الديون العالقة لدى شركتي سنيت وسبرولس وخاصة من الأسر الفقيرة والمعوزة .

- وضع حد للمضاربات العقارية والتلاعب بمشاريع الاسكان وتحديد كلفة معقولة لمختلف أنواع المساكن ووضع مخزون عقاري لتسوية الوضعيات الصعبة من العائلات الفاقدة للسند الراغبة في مقاسم صالحة للسكن.

- مساعدة الفلاحين الصغار بإعادة جدولة ديونهم وتشجيعهم على استصلاح أراضيهم لضمان موارد رزق قارة لأسرهم وتمكينهم من الضمانات في مختلف مراحل الانتاج والترويج حماية لليد العاملة النسائية خاصة من كل مظاهر الاستغلال بالضيعات الفلاحية الخاصة.

- تحسين خدمات المؤسسات الصحية المحلية وإعداد الدراسات الفنية لإحداث مستشفى جامعي بجهة بنعروس قادر على ضمان كرامة المريض الذي أرهقته ظروف النقل والاكتضاظ بالمؤسسات الصحية بالعاصمة .

- إعادة النظر في هيكلة وبرامج المؤسسات الثقافية والشبابية والمكتبات العمومية ووضع برنامج عاجل لتعصير تجهيزاتها وتمكينها من الموارد البشرية المختصة استجابة لحاجيات الأطفال والشباب خاصة ولتوفير قاعدة متينة لثقافة وطنية تقدمية بديلة.

- وضع برنامج عاجل لتطوير المنتزهات الحضرية وإعداد الدراسات لإحداث فضاءات بيئية متنوعة ترفع من مؤشرات التغطية بالمساحات الخضراء وتساعد على نشر ثقافة بيئية سليمة بالوسط التربوي والاجتماعي عامة.

- حماية الشريط الساحلي من التلوث ووضع مخطط لإعادة الحيوية لهذا المرفق وتنشيطه لضمان حق العائلات وأبنائها في الترفيه والاصطياف بأقل كلفة ممكنة.

تلك هي أهم المهمات الملحة والملموسة التي سيناضل من أجلها حزب العمال بدائرة بنعروس إلى جانب قضايا الحرية والعدالة الاقتصادية والاجتماعية التي تضمنها برنامجه العام والتي سيعمل على تثبيت مضامينها بالدستور القادم ومواصلة النضال حولها سويّا مع مختلف القوى الثورية والتقدمية.

حزب العُمّال الشّيُوعيّ التّونسيّ
فرع الضاحية الجنوبية



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني