الصفحة الأساسية > البديل العربي > بيان الدار البيضاء
النهج الديمقراطي * الخيار اليساري الديمقراطي القاعدي * التضامن من أجل بديل اشتراكي:
بيان الدار البيضاء
25 كانون الثاني (يناير) 2009

بعد سلسلة من اللقاءات التشاورية بين قيادات ثلاثة تنظيمات يسارية - النهج الديمقراطي-التيار اليساري الديمقراطي القاعدي – التضامن من أجل بديل اشتراكي، نظمت هذه التنظيمات بتاريخ 25 يناير 2009 بمقر النهج الديمقراطي بالدار البيضاء ندوة سياسية داخلية شارك فيها ثلاثون من مناضلي وأطر التنظيمات الثلاث. وقد تمحورت أشغال هذه الندوة حول الوضع السياسي الراهن ومهام اليسار الجذري، وقف فيها المشاركون على تطورات الوضع عالميا، جهويا، ومحليا وعلى التحديات السياسية المتولدة عنها وما تمليه من مهام مرحلية وإستراتيجية على اليسار الجذري على هذه المستويات الثلاث.

1- المستوى العالمي: ليست الأزمة المالية العالمية الأخيرة مجرد حدث عابر في مسار تطور أزمة الرأسمالية العالمية، بل هي تأكيد على ملازمة الأزمات للنظام الرأسمالي. إن الأزمة باختلاف تمظهرتها (المالية والغذائية والبيئية والطاقية...) هي تعبير عنيف عن فشل الرأسمالية الليبرالية.

وإذا كانت الأزمة الاقتصادية قد أكدت أن لا وجود لرأسمالية دون أزمات، فان الحرب على غزة واصطفاف كل القوى الامبريالية خلف الكيان الصهيوني في حربه الإبادية ضد الشعب الفلسطيني، تعيد التأكيد ،بعد الحرب على أفغانستان والعراق وغيرها من التدخلات العسكرية، على أن لا وجود لنظام امبريالي عالمي خال من الحروب.

إن حروب الدمار والتدمير والتدخلات العسكرية هي الوجه الأخر للحرب الاقتصادية والاجتماعية التي تشنها القوى الرأسمالية بهدف استنزاف الثروات وتكثيف الاستغلال وتدمير البيئة وتجويع الشعوب...

لا خيار أمام الشعوب والطبقات الشعبية والشرائح الاجتماعية المضطهدة من خيار آخر، غير خيار مقاومة الامبريالية والنضال ضد الرأسمالية من أجل بزوغ عالم بدون حروب وخال من الأزمات تتحرر فيه البشرية من الاستغلال والبربرية.

2- المستوى الجهوي: إن الحرب على غزة،ليست مجرد عدوان للكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني ،بل هي حلقة في سلسلة الحروب التي شنتها القوى الامبريالية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية على شعوب المنطقة، من أجل تأبيد الاحتلال الصهيوني لفلسطين وتشديد السيطرة على شعوب المنطقة وثرواتها.

لقد كشفت الحرب العدوانية على غزة عمق روابط التبعية والخضوع بين الأنظمة الرجعية الحاكمة في المنطقة والقوى الامبريالية العالمية، لكنها بالمقابل، أبانت عن عمق التضامن الأممي بين شعوب العالم العربي وشعوب العالم.

إن شعوب أمريكا اللاتينية وقواها التقدمية والثورية تنير الطريق أمام شعوب العالم العربي وقواه التقدمية والثورية: إن التحرر من الأنظمة التابعة والعميلة هو طريق السيادة والاستقلال والتحرر من الهيمنة الامبريالية.

3- المستوى المحلي: إن وضع التبعية والاندماج في العولمة الرأسمالية والخضوع للامبريالية ومخططاتها،لا يجعل المغرب بمنأى عن الأزمات الاقتصادية والمالية والبيئية التي تضرب عمق وأركان الرأسمالية العالمية.

فالحرب الاجتماعية التي تشنها الطبقات السائدة على الشغيلة والجماهير الشعبية الكادحة، واستسلام النظام المخزني للمخططات الامبريالية وانخراطه من موقع "متقدم" في تنفيذ أوامرها وإملاءاتها، هي أحد تمظهرات الأزمة الرأسمالية وأحد أشكال "الشراكة" في تنفيذ هجوم العولمة الرأسمالية والامبريالية. ومن بين نتائجها الاجتماعية، اتساع دائرة الفقر والبطالة، والتسريحات الجماعية للعمال وتدمير مناصب الشغل وضرب القدرة الشرائية وتفكيك الخدمات العمومية والاجتماعية. ومن نتائجها الاقتصادية تدمير القطاع العام وفتح الباب أمام الشركات المتعددة الاستيطان لنهب البلد واستغلال عماله واستنزاف ثرواته المعدنية والبحرية والمائية والسيطرة على مرافقه العمومية. أما نتائجها السياسية فتتمثل في تثبيث دعائم نظام استبدادي وقمعي، وخنق الحريات وقمع النضالات وإفراغ المؤسسات التمثيلية من كل محتوى...

4- النضالات والمقاومة الاجتماعية: إن الجماهير الشعبية لم تستسلم للهجوم رغم حدة القمع واختلال موازين القوى، فقد عرفت السنوات الأخيرة صحوة نضالية تعبر عن استعداد شعبي لمقاومة هجوم الطبقات السائدة (افني – صفرو – بوعرفة – ورززات - الحسيمة...) كما أن الاستعداد النضالي الذي أبانت عنه الحركة الطلابية (مراكش – فاس - اكادير...) وحركة المعطلين (باختلاف مجموعاتها) والانخراط الواسع للشبيبة التلاميذية في حركة التضامن مع الشعب الفلسطيني هي مؤشرات على وجود قوى وطاقات مناضلة كامنة، وتأكيد على أن الطبقات الشعبية خزان لا ينضب لتغذية روح الكفاح والمواجهة..

5- مهامنا: إن مواجهة تحديات المرحلة الراهنة تفرض على التنظيمات الثلاث العمل بشكل جماعي على توفير المداخل الأساسية لبناء تنسيق وطني يسمح بتوحيد نشاط وجهود مناضليها وتحفيز انطلاق سيرورة سياسية تروم بناء تحالف استراتيجي مفتوح في وجه كل القوى اليسارية المناهضة للرأسمالية،أفرادا ومجموعات وتيارات.

إن دواعي هذه المبادرة السياسية، لا ترتبط برهانات انتخابية لمؤسسات تشرعن الاستبداد والحكم الفردي المطلق، بل تنبع أولا من الخيار الوحدوي للتيارات الثلاث وثانيا من الوعي بالمستلزمات التي تفرضها صحوة النضالات الشعبية، ومن الالتقاء حول هدف بناء قوة سياسية وازنة لتعديل موازين القوى لصالح النضالات الشعبية، وتوفير أفق سياسي جديد للأجيال الجديدة المناضلة،على طريق بناء الأدوات السياسية المستقلة للعمال والكادحين والمضطهدين.

وانطلاقا من الوعي بمتطلبات النضال ضد العولمة الرأسمالية وتحديات مواجهة الطبيعة العدوانية والحربية للامبريالية، فان التنظيمات الثلاث تنخرط بنشاط في المجهود الأممي لتطوير وإغناء الفكر والاستراتيجة الماركسية وتجديد المشروع الاشتراكي على طريق بناء تضامن أممي بعمق ثوري وجماهيري.

وفي الأخير تعلن التنظيمات الثلاث عن تشكيل لجنة للمتابعة، وتدعو كافة مناضليها ومناضلاتها، وكل مناضلي اليسار الجذري إلى تعبئة كل القوى والطاقات للانخراط بنشاط في تفعيل وتطوير هذه المبادرة السياسية على كافة مستويات وجبهات النضال.

الدار البيضاء 25 يناير 2009


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني