الصفحة الأساسية > البديل العربي > حقوق وحريات على لوح من الجليد محفوظة
حقوق وحريات على لوح من الجليد محفوظة
8 أيار (مايو) 2008

حق التعبير، حق التنقل، حق الإضراب، احترام حقوق الإنسان، حق الانتخاب، حق الترشح، الخ. لا تخلو الدساتير العربية من كل هذه الحقوق وكل بلد يتفنن في صياغتها على الوجه الأكمل، فمن يتصفح هذه الدساتير يظن أنّ الحريات والحقوق العامة والفردية من أصول عربية ضاق بها الخناق فهاجرت تاركة شعوبها تعاني الاضطهاد والظلم.

لقد صارت كل سلطة تؤسس لقمع شعبها وتنظر لاضطهاده سالكة مسار التسابق نحو شهائد الامتياز وصكوك الرضا من القوى الإمبريالية.

فترى كل دولة عربية تهرول إلى الانخراط في الهيئات الحقوقية العالمية لتلميع الصورة من ناحية ولإضفاء الشرعية على تسلطها، وتبرّر به قمعها لشعوبها من ناحية أخرى، جاعلة من أمنها عمادا "لديمقراطيتها". فانعدمت الثقة بين مواطني الشعب الواحد وكثرت الوشاية وتلفيق التهم فتحول عون الأمن من حامي الحمى إلى شبح يلوحون به متى أرادوا إخافة أحدهم.

فظلّت الدساتير على الرفوف وظلت الرفوف في غرف مظلمة محكمة الغلق، أتدرون لماذا حجبت هذه الدساتير واختفت؟ لا لشيء إلا لأنها مكتوبة على صفحات من الجليد متى رأت النور والشمس ذابت وتبخرت معها كرامة المواطن وحقوق الشعب.

فأصبح كل مواطن عربي يلعن في قرارة نفسه الحكام والأمراء ويكره الشعر والشعراء، ويحفظ قوانين مكافحة الإرهاب عن ظهر قلب، و يحصي عدد خطواته إلى السوق والعمل وعدد الساعات التي يقضيها في المقهى، حتى لا يقع في المحظور فيحرم من العمل والمقهى معا.

ألجمت الأفواه وجففت ينابيع الأقلام الحرة وليس لك الحق في أن تحب وطنك على الوجه الذي تراه.
فالوطني لدى هؤلاء الحكام من يمجد ظلم الحاكم ويبايع قمع المتسلط، ويبارك في خطبة الجمعة صفات الأمير الخلقية واللاأخلاقية، فترى الناس سجّدا على أنغامها ركعا على نشيدها ومن تخلف عن هذه المواكب وجد نفسه في غياهب السجون. تلك هي الوطنية لديهم.

أما العميل فهو من يذكرهم بمحتوى تلك الدساتير ويحثهم على العمل بسننها، والعدو فاقد الإنسانية هو من يتحدث عن الحريات وحقوق الإنسان في بلده والإرهابي هو من يضرب عن الطعام أو العمل من أجل حق مكفول ضمن بنود الدستور، والمرتشي هو من يرابط من أجل رابطة لحقوق الإنسان.

فبـأيّ وطـنية سألقاك يا وطـني؟


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني