الصفحة الأساسية > البديل الوطني > لنوقف الهجمة على الإعلاميين وعلى مناضلي الحركة الديمقراطية
لنوقف الهجمة على الإعلاميين وعلى مناضلي الحركة الديمقراطية
15 تشرين الثاني (نوفمبر) 2009

مباشرة بعد انتهاء المهزلة الانتخابية وفي غمرة احتفالات الدكتاتورية النوفمبرية بـ"الفوز الساحق" لبن علي ولحزبه "التجمع" في هذه المهزلة، وتنفيذا للتهديدات التي أطلقها بن علي ضد كل من يشكك في "نزاهة" هذا "الفوز"، شنّ البوليس السياسي هجوما على المعارضة مستهدفا بالدرجة الأولى الصحفيين.

فقد استدعى البوليس الكاتب والصحفي توفيق بن بريك ولفق له تهمة (الاعتداء بالعنف على امرأة) وزج به في السجن في انتظار محاكمته أواخر هذا الشهر بتهم ملفقة قد تصل عقوبتها إلى 5 سنوات. ويعود السبب الحقيقي لاعتقال بن بريك إلى سلسلة المقالات والحوارات الصحفية التي نشرها والتي بين فيها الطابع المهزلي لانتخابات 25 أكتوبر.

كما تعرّض مساء الأرٍبعاء 28 أكتوبر الصحفي سليم بوخذير إلى اختطاف من أمام منزله قامت به عصابة من البوليس السياسي واقتادته على متن سيارة خاصة إلى غابة بلفدير واعتدت عليه اعتداء فظيعا مخلفة له إصابات بليغة بكامل أجزاء بدنه. ولم يكتف المعتدون بذلك بل جرّدوه من ملابسه وافتكوا كل ما لديه من وثائق شخصية وغيرها ومال وهاتف... ويأتي هذا الاعتداء على خلفية ما يكتبه بوخذير من مراسلات صحفية تعرّض فيها بالخصوص لتفاقم ظاهرة الفساد وضلوع المقربين من بن علي فيها.

ويوم الخميس 29 أكتوبر تعرّض الصحفي لطفي حاجي عند عودته من قطر للسبّ والشتم من طرف مجهولين على مقربة من مطار تونس قرطاج الدولي. ووقع تهديده مرة أخرى عندما عاد إلى المطار مسافرا إلى لبنان. وفسّر حجي هذا الاعتداء بتصريحاته لقناة الجزيرة التي انتقد فيها انتخابات 25 أكتوبر التي أبقت بن علي في الرئاسة ومكنت حزبه من مواصلة هيمنته على مؤسسات الحكم.

كما تعرّضت الصحفية والناشطة الحقوقية سهام بن سدرين يوم 4 نوفمبر إلى اعتداء من طرف أعوان البوليس السياسي عندما كانت أمام المحكمة لمواكبة محاكمة الصحفي زهير مخلوف. ويأتي هذا الاعتـــــــداء عقابا لها على نشاطها الصحفي المستقل وخاصة في "راديو كلمة" الـذي يتعرّض العاملون فيه إلى شتى أنواع المضايقة والتهديد.

ومن المعلوم أن السلطات كانت اعتقلت يوم 21 أكتوبر 2009 الناشط الحقوقي وعضو الحزب الديمقراطي التقدمي، زهير مخلوف على خلفية تحقيق حول الظروف البيئية في المنطقة الصناعية بنابل وانعكاساتها على حياة السكان. وسيحال مخلوف على المحكمة يوم 3 نوفمبر بتهم مفتعلة.

ولا يجب أن ننسى ما تعرّض له "راديو 6"، إذ داهم البوليس مقر هذه الإذاعة وصادر كل الأجهزة والمعدات وأغلق المحل، في انتظار محاكمة العاملين فيه بتهم مفتعلة. وكان العاملون في "راديو6" قد اعتصموا للمطالبة بحقهم في بعث إذاعات حرة ومستقلة.

وكان البوليس السياسي اعتدى يوم 29 سبتمبر 2009 على الرفيق حمه الهمامي الناطق باسم حزب العمال ومدير جريدة البديل المحظورة وعلى زوجته راضية النصراوي رئيسة الجمعية التونسية لمقاومة التعذيب، وذلك بمطار تونس قرطاج على خلفية تصريحات حمه الهمامي لقناتي الجزيرة (25 سبتمبر 2009) وفرنسا 24 (26 سبتمبر 2009). وعلى إثر ذلك عمدت السلطات إلى افتعال قضية حق عام ضد الزوجين. وما يزال الحي الذي يسكنانه محاصرا من طرف أعوان البوليس السياسي.

وقد شمل الهجوم أيضا كل من اتصل بالصحافيين الأجانب أثناء الحملة الانتخابية. ومن أخطر ما سجل في هذا الإطار حالة المناضل الطلابي محمد السوداني الذي انقطعت أخباره منذ أكثر منذ أسبوعين. وأكد شهود عيان أن آخر مرة شوهد فيها كان بصحبة صحفية بأحد النزل وسط العاصمة وقد لاحظوا وجود عدد من أعوان البوليس السياسي يتربصون به. وقد تمكن محمد السوداني من الاتصال ببعض أصدقائه وأكد لهم أن البوليس السياسي يحاول اختطافه، لتنقطع أخباره بعد ذلك. وقد أكدت الصحفية التي كان بصحبتها محمد السوداني أن البوليس السياسي كان موجودا بكثافة في محيط المكان الذي اجتمعت فيه معه. وهذا يؤكد أنه تعرّض لمكروه خاصة وأنه لا يوجد سبب آخر يجعله يختفي. ومما يزيد من المخاوف على حياته أن اختطافه جاء في وقت استشرى فيه القمع البوليسي.

وفي نفس الفترة شددت الدكتاتورية النوفمبرية محاصرتها لصحف المعارضة (الموقف، الطريق الجديد، مواطنون) وحجزت بعض الأعداد واستعملت طرقا ملتوية لمنع وصولها إلى القراء، ووصل بها الأمر إلى حد الاتصال بالمطابع التي تطبع هذه الصحف وإلزامها بعدم تسليم النسخ إلى مستحقيها. وهو ما دفع هذه الصحف إلى محاولة التنسيق في ما بينها لمواجهة هذا المنع والتضييق.

ولم يستثن الهجوم الصحافة الإلكترونية ومستعملــــــي الأنترنيت. ونكتفي بالإشارة في هذا الصدد إلى حالة أستاذة المسرح فاطمة الرّياحي التي تمّ اعتقالها يوم 4 نوفمبر في العاصمة ومداهمة منزلها في المنستير ومصادرة حاسوبها الشخصي. ويأتي هذا الاعتقال على خلفية مقالات ورسوم كاريكاتورية نشرت على مدوّنتها.

ويأتي هذا الهجوم الشامل على الإعلام استكمالا لما كان بن علي قد بدأه منذ مدة، من انقلاب على نقابة الصحافيين وعلى مكتبها الشرعي وتنصيب مكتب موال ومتواطئ مع السلطة. وكذلك الهجوم على قناة "الحوار التونسي" ومحاصرة العاملين فيها والمتعاملين معها، ومن بينهم الفاهم بوكدوس، مراسل القناة في قفصة، المحاكم غيابيا بـ6 سنوات سجنا.

ولا يخفى على أحد أن الهدف من هذه الهجمة الشرسة هي تكميم الأفواه وفرض حالة من الصمت على الجميع وإشاعة جوّ من الرعب في صفوف الصحافيين الأحرار لإجبارهم على ملازمة الصمت في اتجاه خلق خطوط حمر ورقابة ذاتية تكبل العمل الصحفي. وقد بات واضحا أن هذه الخطوط الحمر تتعلق أساسا بملف الفساد وضلوع المقربين من بن علي فيه، وكل من يتجاوزها سيكون مصيره مثل مصير سليم بوخذير وتوفيق بن بريك.

إن حزب العمال الشيوعي التونسي إذ يدين بشدّة هذا الهجوم وهذه الاعتقالات والقضايا المفتعلة انتهاكا لحرية التعبير والإعلام، وطمسا للحقيقة حول استشراء الفساد وحول انتخابات لا تتوفر فيها الشروط الدنيا لانتخابات حرة ونزيهة فإنه، يدعو كل القوى الديمقراطية أحزبا وجمعيات ومنظمات وشخصيات إلى التصدي لهذا المنزلق الخطير الذي لا يستثني أحدا، والمطالبة بـ:

-  الكشف عن مصير المناضل الطلابي محمد السوداني وتحميل السلطة كل مكروه يصيبه.
-  إطلاق سراح الصحفي توفيق بن بريك والناشط الحقوقي والسياسي زهير مخلوف، دون قيد أو شرط.
-  إنهاء التتبع ضد مراسل قناة الحوار الفاهم بوكدوس
-  الكف عن افتعال قضايا حق عام ضد مناضلي الحركة الديمقراطية ووقف كل التتبعات ضد حمه الهمامي وراضية النصراوي ورفع الحصار عن محل سكناهم.
-  إيقاف الجناة الذين اعتدوا على سليم بوخذير وعلى سهام بن سدرين وإحالتهم على القضاء.
-  رفع التضييقات عن صحف المعارضة (الموقف، الطريق الجديد، مواطنون) وعن الإذاعات المستقلة (راديو كلمة، راديو6...).
- إطلاق سراح فاطمة الرياحي ورفع القيود عن الأنترنيت وعن مستعمليها.
- رفض المكتب المنصّب على نقابة الصحافيين ورفع جميع القيود لكي يمارس الصحافيون حقهم في التنظم دون وصاية أو تدخل من السلطة.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني