الصفحة الأساسية > البديل الثقافي > «لن يمروا...»
إطلالة:
«لن يمروا...»
6 تشرين الأول (أكتوبر) 2011
سمير طعم الله

العديد من السياسيين دخلوا عالم السياسة من باب الثقافة، أيام كان لنوادي السينما والأدب والموسيقى والفكر بدور الثقافة صيتها وسطوتها المعرفية والفكرية.

وفي سنوات القحط والجفاف كان نظام الاستبداد يعمل جاهدا على إفراغ هذه الفضاءات من محتواها، فتصحرت نوادي السينما، وتعطّلت نوادي السينمائيين الهواة إلاّ من كان على درجة من الشغف والصمود والتحدّي فأنجز ما سمحت به إمكانياته المادية الشحيحة بعض الأعمال التي تعد على الأصابع، لتتم محاصرتها في الآخر في المهرجانات وتقصى، بما في ذلك مهرجان قليبية لسينمائيين الهواة.. أما في عالم الموسيقى فحدث ولا حرج، إذ لا شي يأت سوى حشرجات الرّياح على فتحة النافذة الموصدة، لا صوت يأت، فقط بعض الذين آمنوا بالغد فكابدوا وناضلوا من أجل استمرار النبض في جسد الوتر والكلمة مثل البحث الموسيقي والحمائم البيض وعيون الكلام وغيرها، رغم الحصار ورغم المواجع.. أما بخصوص المسرح فالأمر أشد عناء لارتباطه الوثيق بالفضاءات التي لا وجود للمسرح دونها وهو الركح وقاعات التدريب والإعداد فلم يبق من المسرحيين سوى بعض الأصوات ممن خرج عن فلك مسرح التهريج أو كما يسميه البعض «الجو»..

اليوم بعد أن طهّر دم الشهداء ساحات البلاد ما عاد للمبدعين من تعلّة حتى لا يناضلوا من أجل إعادة المشهد الثقافي إلى إشعاعه وبهجته وعطائه، ليس ثمة من مبرر حتى لا يتجمّع المبدعون في فضاءات البلاد ويرفعون أقلامهم وكامرواتهم وأقنعتهم المسرحية دفاعا عن حرية هي لهم وأعادها لهم الشعب الذي آمن بالحرية.

ماذا لو اجتمع الموسيقي والشاعر والروائي والمسرحي والفنان التشكيلي والسينمائي في دائرة ضوء واحدة حتى ينيروا مستقبل البلاد ويتبادلوا التجارب والخبرات ويؤسسوا لثقافة بديلة قوامها قيم الحرية والكرامة الإنسانية والانتصار للقضايا العادلة في تونس والبلدان العربية والعالم...

لتكن المقاهي ودور الثقافة والنوادي لبنات هذا البناء...

الأكيد أن القوى المضادة للثورة التي يقودها أصحاب المصالح والمتمتعين بخيرات بن علي والمافيا النوفمبرية لا يقتصر مجالهم على السياسي والاقتصادي فقط... وأن سماسرة الفعل الثقافي هم الآن يعدّون العدّة ويتآمرون ويتسترون بالشعارات الثورية للالتفاف على الثورة ويراوغون تحت جنح الظلام مثل ما فعل اتحاد الكتاب أخيرا وما يفعلون في المسرح عبر مهاجمة النقابة والعمل على حلّها وتعطيلها... لكن، الأكيد أيضا أن المثقفين الحقيقيين هم أيضا على درجة من الوعي الذي يجعلهم يقفون في وجه الارتداد والعود إلى الوراء، الطريق ليس سهلا... لكن يقظة الكاميرا وحركة المسرحي وقلم الأديب والمبدع لن تتركهم يمروا وكما أنشد عبد الجبار العش « لن يمروا دمي اتحد الآن بالشهداء...».

سمير طعم الله



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني