الصفحة الأساسية > بديل المرأة > نحو استكمال النّضال من أجل تحرر المرأة
نحو استكمال النّضال من أجل تحرر المرأة
22 نيسان (أبريل) 2011

تحية إلى المرأة المناضلة... تحية إلى المرأة العاملة أينما كانت.

إن واقع المرأة العربية، بما في ذلك المرأة التونسية، لا يزال يعاني من رجعية في التعامل مع معها كعنصر فاعل في المجتمع وقادر على المساهمة في دفع دورة الإنتاج، فهي لا تزال تعاني من الميز واللامساواة في القانون وفي الواقع، إضافة إلى النظرة الدونية التي شيأتها وجعلت منها بضاعة جنسية لا غير. وتعود جذور هذا الوضع الدّوني إلى السياقات التاريخية والعلاقات الاجتماعية التي عاشت فيها المرأة والتي كرّست هذا الوضع الدّوني وجعلت منه ظاهرة مكتسبة. وقد أثيرت قضية المرأة منذ ثلاثينات القرن 19 في مصر مع الطهطاوي ثم ثلاثينات القرن العشرين في تونس مع الطاهر الحداد، وإلى الآن لا يزال لهذه القضية راهنية، لأن تحرّر المرأة لا يمكن أن يكون إلا في إطار الحركة السياسية والاجتماعية والثقافية العامة، أي لا يمكن إقصاؤها من المعالجة العامة لأوضاع المجتمع، ذلك لأن قضية المرأة جزء لا يتجزأ من مسألة الانتقال الديمقراطي باعتبار أنه لا يمكن الحديث عن مجتمع حرّ لا تتوفر فيه حريّة للنساء، كما أنه لا يمكن أن تكون هناك مساواة فعلية بين الجنسين في مجتمع تشقـّه تناقضات صارخة وقائم على عدم التكافؤ واللامساواة.

إن المطالبة بالمساواة التامة والفعلية بين المرأة والرجل تنطلق من مختلف الجوانب. فالمرأة هي إنسان وحقوقها من حقوق الإنسان. وأي اعتداء على كرامتها أو اضطهاد لها هو مسّ من الإنسان، لأن المبدأ لا يتجزأ إنسانيا، كما أن تمثيل المرأة لنصف المجتمع يعطيها الحق في المشاركة في إنتاج الثروة الاجتماعية والتنمية الثقافية جنبا إلى جنب مع الرجل. أما سياسيا فإن لا ديمقراطية دون مساواة في الحقوق بين أفراد المجتمع وأن لا ديمقراطية بدون المساواة بين الجنسين. ويمكن لعلاقة المرأة بالرجل ومدى نضجها أن تحدّد مدى تقدّم الشعوب والمجتمعات وتجاوز العائق البشري للطبيعة الحيوانية.

وفي أكثر الجوانب صلابة كانت المرأة مناضلة وحاضرة، فالتجربة تاريخيا بيّنت أن للمرأة تأثير في حركات التحرّر الوطني، فقد ساهمت في خروج المستعمر، وشاركت في الثورة فكانت المرأة التونسية بمختلف أعمارها وشرائحها حاضرة في الصفوف الأولى لمواجهة آلة القمع النوفمبرية وكانت ضمن الشهداء أيضا وهو ما فرضته على أرض الواقع وانتصرت على محاولات إقصائها من الفضاء الاجتماعي والسياسي.

إلا أنّ طرح قضيّة المرأة ومعالجتها في إطار معالجة عامة لأوضاع المجتمع، لا ينفي خصوصية المسألة النسائية فللمرأة مطالبها الخاصة النابعة من الاضطهاد الذي تعانيه، حيث لا تزال النساء الضحية الأولى للأمية في تونس فنسبة الأمية في صفوف الإناث 31% مقابل 14،8% للذكور (إحصائيات 2004).

من جهة أخرى، تفاقمت مظاهر العنف اللفظي والجسدي ضد المرأة في جميع الأوساط العائلية والمهنية والعامة، وازدادت ظاهرة البغاء تفاقما في مناخ انتشرت فيه القيم الاستهلاكية وتلاشت المرجعيات القيمية الإنسانية. وفي مجال الشغل تمثل المرأة الضحية الأساسية للبطالة والطرد التعسفي. كما أن الدولة لا تتخذ أي إجراء لتحسين الأجور وظروف العمل في المهن التي تشغل النساء والتي يكون أغلبها مرهقا ومضرا بالصحة. وبقيام السلطة بوضع قانون خاص بعمل النساء بنصف الوقت فإن في ذلك اعتداء على حق النساء في الشغل وما يعنيه ذلك من تشجيع ضمني لعودة النساء إلى المنزل، كما أنّ الدّولة التونسية إلى الآن لم تصادق على اتفاقيّة منظمّة العمل الدولية عدد 183/2000 المتعلقة بحماية الأمومة (تمديد عطلة الأمومة إلى 14 أسبوع منح الحامل عطلة ما قبل الوضع) إذ لايزال العمل خاصة في القطاع الخاص سببا من أسباب الطرد. ولا تحظى المرأة الحامل بالعناية اللازمة من قبل الدولة بحيث ينظر إلى الحمل كمسؤولية خاصة بالمرأة لا على أنه وظيفة اجتماعية تحتّم على الدولة تحمّل تبعاتها.

إن تحقيق المساواة الفعلية بين المرأة والرجل شرط ضروري لكل تغيير ديمقراطي حقيقي. وحرية المرأة جزء لا يتجزأ من التغيير الديمقراطي والشعبي والوطني الذي ناضل من أجل الحقوق السياسية والاجتماعية. لذلك فإنه من الضروري استثمار النضال من أجل الحقوق الاجتماعية والسياسية لفرض حقوق النساء. ولا بد من من تعبئتهن حول حقوقهن خاصة بعد تدريبهن على الدفاع عن تلك الحقوق من خلال انخراطهن في النضال من أجل تغييرات جذرية وعميقة للمجتمع.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني