الصفحة الأساسية > البديل العربي > نظام «الأسدين» وعقدة الشرعية
نظام «الأسدين» وعقدة الشرعية
6 تشرين الأول (أكتوبر) 2011

ينص الفصل الأول من الدستور السوري على أن سوريا نظامها جمهوري، غير أن الواقع غير ذلك، فالرئيس الحالي، بشار الأسد، هو رئيس ورث للسلطة عقب وفاة والده حافظ الأسد في 11 -7 -2000 ، في أوج فصل الصيف، إلا إنه إختارأن يسمي الفترة الموالية لتوليه الحكم بـ «ربيع دمشق» في محاولة منه لامتصاص الاحتقان الشعبي لحكم والده الاستبدادي الدموي.

كان استقبال السوريين للرئيس حافظ الأسد سنة 1970 يتسم بالارتياح والتفاؤل بالرغم من انقلابه على رفاقه البعثيين في ما سمي «بالحركة التصحيحية» فقد كان الشعب السوري يتوقع منه الكثير خاصة مع تردي الأوضاع الاجتماعية في تلك الفترة. إلا أنهم صدموا بواقع مغاير ومؤلم، وهي نتيجة عادية. فتوريث حكم عسكري يؤدي في نهاية الأمر إلى ديكتاتورية من خلال سيطرة الحزب الواحد وهيمنة السلطة التنفيذية على باقي السلط وإهمال الدستور. كما أن الرئيس يأخذ بيده المؤسسة العسكرية والقضائية ورئاسة الحزب.

«ولي العهد» بشار الأسد في الدولة «الجمهورية» ! وجد نفسه، إثر توريثه الحكم، في دولة بوليسية متكونة من منظومة أمنية وعسكرية متشعبة وهائلة العدد لم يكن هدفها تحرير الجولان أو الرد على الصفعات الإسرائيلية المتكررة. وإنما كان الأسد الأب يستعرض من خلال هذه المنظومة البوليسية قوته الوحشية على الشعب المستضعف، حيث سجل على ذمة حافظ الأسد مئات الآلاف من الشهداء والمعتقلين المهجرين القسريين.

إلا أن الأسد الابن كان يعي جيدا الموقف السلبي للشعب السوري من حكم والده العسكري لذلك بادر بإعادة هيكلة الحرس القديم وتحميله مسؤولية ثلاثة عقود من القمع والاستبداد زاعما أن الحرس القديم عقبة في طريق الإصلاح. إلا إن التاريخ أثبت أن الأسدين وجهان لعملة واحدة فاقدة للشرعية منذ أربعة عقود.

ويرى الشعب السوري أن سياسة بشار كانت فاشلة خارجيا وداخليا وامتدادا لحكم والده. وأن اختياراته الفاشلة عمقت الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتردية. ورغم أن حزب البعث الاشتراكي هو القائد والموجه الوحيد للدولة والمجتمع السوريين إلا أن النظام السوري لا يمت للاشتراكية بشيء. فهو يقوم على اقتصاد السوق وخوصصة المؤسسات الاقتصادية الحكومية مما ساهم في نمو ظاهرة الفساد التي أدت إلى تعميق الفوهة الطبقية الناجمة عن الثراء غير المشروع لبعض العائلات الثرية التي لا تمثل سوى 5℅ من الشعب السوري والتي تستحوذ على 90℅ من الثروات. هذا التغير في البنية الطبقية كان سببه غياب الديمقراطية واحتكار السلطة بدعم من البيروقراطية والبرجوازية خدمة لمصالحها الضيقة.

دفعت تراكمات حكم الأسدين والربيع العربي بالشعب السوري إلى صناعة ربيع دمشق الحقيقي على إثر خروجهم في عدة مدن سورية ثائرين على نظام الأسد ومنادين بتحسين الأوضاع الاجتماعية والمستفحلة بإصلاحات عاجلة وإنهاء حالة الطوارئ الممتدة منذ سنة 1963. وتعتبر من الأدوات التي استعملها النظام العسكري ليحكم قبضته على الشعب السوري. لذلك يعتبر شعار «إلغاء حالة الطوارئ» اعترافا ضمنيا من النظام بقوة الانتفاضة الشعبية. هذا النظام الذي واجه التحركات السلمية منذ بدايتها في شهر أفريل بالرصاص والإبادات الجماعية وباستنفار كل قواه الأمنية والعسكرية بما في ذلك الرابضة على الحدود الإسرائيلية والتي تركت الدفاع عن سيادة الوطن وشاركت في عمليات القمع.

ردة الفعل الوحشية من قبل النظام رفعت الخوف عن كل المدن السورية التي خرجت في مظاهرات مليونية تنادي بإسقاط النظام. وكانت في كل مرة تواجه بالقمع والحصار من حكومة الأسد المرتبكة والتي ما انفكت تبحث عن حلول لإيجاد شرعية وهمية لبقائها بدعم بعض حلفائها ومن خلال الإقالات والبرامج الإصلاحية والتنموية المعلنة منذ بداية الثورة السورية. إلا أنها جاءت متأخرة جدا فالشعوب التي تنتزع الخوف وتتعلم لغة الرفض لا يمكنها القبول ببعض الفتات من نظام مهترئ امتد لأربعة عقود. سياسة بشار و «نهجه الإصلاحي» جعلاه يعزل نفسه وسيكون مصيره مثل مصير بن علي ومبارك والقذافي.

سمية المعمري



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني