فوجئ تلاميذ الباكالوريا في بداية هذه السنة الدراسية بقرار جديد يتعلق بدفع معلوم مالي قدره 20 دينارا للتسجيل في مناظرة الباكالوريا. وكالعادة فإن هذا القرار مر في صمت ودون أن يعلن عنه في وسائل الإعلام الرسمية. ويأتي هذا الإجراء في سياق عدة إجراءات أخرى تهدف إلى تحميل المواطن تكاليف الدراسة ومصاريف المشاركة في المناظرات. فكل المناظرات العمومية أصبحت بمقابل مالي بما في ذلك مناظرة "الكاباس". فإذا كان المشاركون في المناظرات هم من العاطلين ومعظمهم ينحدر من عائلات فقيرة فمن أين لهم بالدفع!؟ خاصة وأن البحث عن شغل يكلف صاحبه مصاريف لا طاقة له بتحملها (نقل، استخراج وثائق...).
إن هذه الإجراءات تنفذ في الوقت الذي تتبجح فيه السلطة بـ"التعليم المجاني" و"مراعاة أوضاع العاطلين" و"مساعدتهم على إيجاد شغل"... وللتذكير فإن مثل هذه القرارات غير قانونية حيث لم يعلن عنها في قانون المالية الجديد ولم تطرح أمام "مجلس النواب" على صوريته باعتباره المخول لإعطاء الضوء الأخضر لمرور هذا القرار، وبذلك يكون هذا الإجراء بمثابة السرقة المقنعة والاستهداف المبيت لقدرات الشعب المادية المنهوكة أصلا. إن هذا الإجراء وغيره من الإجراءات المشابهة لا دلالة له خارج إطار الأزمة الاقتصادية المستفحلة والتي سببتها التوجهات الكارثية للطغمة الحاكمة المسؤولة الأولى والأساسية عن هذا التخريب الممنهج لاقتصاد البلاد وللقدرات المادية للكادحين.
إن تحميل فاتورة الأزمة لضحاياها ليس بالأمر الجديد، بل هو من ثوابت البرجوازية العميلة التي لا تتوانى عن نهب مقدرات الشعب وعن التلاعب به والضحك على ذقته من خلال مثل هذه الإجراءات التفقيرية والتي أثبتت تجارب بلادنا وتجارب مختلف شعوب العالم أنها مؤذنة بتعمق الأزمة وبلوغها حدا لا يمكن إخفاؤه.