الصفحة الأساسية > البديل الثقافي > المهرولون!!

المهرولون!!

الثلاثاء 22 حزيران (يونيو) 2004

في ساحات مدننا وطرقاتها ترى الناس يركضون في كل الاتجاهات بعد نزولهم من حافلة لركوب أخرى أو للحاق بالقطار الكهربائي (مترو) الذي كهرب حياتهم!

كل صباح تغصّ الحافلات بالرّكاب قاصدة وسط المدينة لترمي ما بجوفها أرضا، فتهرول الجموع في اتجاه جوف آخر ليمتلئ بهم حتى يكاد ينفجر. ثم تعاود الكرّة لتأخذهم إلى أماكن أخرى. هؤلاء المهرولون هم شعب هذا البلد. هم عمّاله وعاملاته، طلبته وموظفوه… يهرولون خلف خبزتهم وخبزة عيالهم. يبنون صرح البلاد بالعرق والدم. يطلبون العلم رغم العلل. يزاحمون بعضهم من أجل مقعد يريحهم عناء الطريق ويبعد عنهم شر التدافع المضني، وتسلل أياد خبيثة إلى جيوبهم فجأة. فترى هذا يحمل عِدة عمله، والآخر يلف قطعة خبز وبعض عشاء البارحة فيتقاطر منه الحساء على الأرض فيحمر وجهه خجلا. وهذه تروي لرفيقات الطريق معاناتها من أجل إعالة الصغار ودفع فاتورة الكهرباء والماء والكراء والغاز علاوة على توفير مصاريف القفة. البعض هائمون… أجساد موجودة وعقول غائبة. والبعض الآخر يتم نومه واقفا أو جالسا بين رفاقه المهرولين.

هذه عينة صباحية عن هرولة الكادحين من أجل عائلاتهم ومن أجل توفير لقمة العيش في ظل غلاء الأسعار وتدهور الحال واستفحال النهب والفساد. بينما يقبع المهرولون الآخرون في حصونهم غارقين في نومهم المعسول بعد طول السهر والاستمتاع بالخيرات والملذات. هم أيضا مهرولون. ألم نر كيف هرول حكامنا العرب لبيع الأوطان ورهن البلدان. ألم يهرول النظام النوفمبري للتطبيع مع الكيان الصهيوني للحفاظ على الكراسي والمصالح. ألم يهرول ليطبق كل البرامج المملاة عليه من صندوق التخريب والبنوك القذرة والمؤسسات الرأسمالية الاستعمارية. ثم ألم ير الشارع العربي كيف هرول حكامنا لإرضاء بوش ومساعدته لإتمام مخططاته الامبريالية والصهيونية. إنهم يهرولون في كل الاتجاهات أيضا!! ودائما وراء امتيازاتهم ومصالحهم وسلطتهم المحكومة بالفناء على عكس الغلابى الذين يهرولون وراء مستقبل أفضل لهم ولأبنائهم، وراء لقمة نظيفة تسد الرمق وتشد العود ليأتي اليوم الذي يكنسون فيه كل المهرولين التابعين للدوائر اللعينة ويحققون طموحات المحرومين في الخبز وفي الحرية وفي الكرامة الوطنية.


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني