الصفحة الأساسية > البديل الوطني > كتب صفراء تروج بكل حرية!

كتب صفراء تروج بكل حرية!

الخميس 19 تشرين الأول (أكتوبر) 2006

في حين تصادر الكتب الفكرية والأدبية والإبداعية وتلقى ما تلقى من العراقيل والعقبات أمام نشرها وتوزيعها، تتكاثر الفضاءات المغلقة والمفتوحة التي تحتضن كتب العرافة والتخريف المنافية لأبسط قواعد العقل الإنساني والعاملة على نشر الإحباط واليأس وتخدير الهمم والعزائم بدل حفزها وتحريرها. معارض دائمة وعروض لآخر إصدارات هذه البضاعة، بداية من فضاء محطة الأرتال المركزية بالعاصمة إلى آخره.

"عذاب القبر"... بالإعلامية!

يروج بعض أصحاب "البدع" قرصا إلكترونيا يتحدث عن "عذاب القبر" ويقدم شريطا من الصور المزعومة عما يدعون أنه يحدث للميت مباشرة بعد وفاته إذا كان من "الضالين" في حياته، والضلال عندهم هو عدم اتباع ضلالاتهم والتسليم بشطحاتهم. ويختار هؤلاء لترويج هذا المخدر أوساط الشبيبة اليافعة من تلاميذ المدارس والمهمشين وفاقدي الأمل، طمعا في استغلال سنهم وظروفهم وللسيطرة على أبدانهم وأرواحهم، وسلب عقولهم.

عراف "روحاني" مرخص له!

وتنتشر إلى جانب الكتاب والتساجيل والأشرطة الحاملة أحطّ المضامين والدعوات لأحلك الجماعات، دكاكين "التطبيب النفسي" الحاملة لافتات "عراف" أو "عرافة" مع إضافة أن هذا أو تلك مرخص له أو لها من طرف الدولة، وأنه أو أنها عضو بـ"اتحاد عالمي للفلكيين الروحانيين".. إلخ. وأحيانا يقع نشر "شهادات" تثبت قدرة هؤلاء على شفاء الأمراض المستعصية وحل أعقد العقد النفسية "وطرد الجن" و"قتل التابعة" وغيرها من التخاريف الموجهة أساسا إلى فاقدي العقول النيرة والغارقين في الجهل والخرافة.
إن ترخيص الدولة لهؤلاء المشعوذين لابتزاز الناس ونخر عقولهم والضحك عليهم بالكلام المخدر هو موقف سياسي من الدكتاتورية الحاكمة التي تتمعش من الجهل وتعمل على إنتاجه وإعادة إنتاجه. وبالمقابل فإن هذه الدكتاتورية تمنع الجمعيات والأحزاب المدنية والسياسية من أن تمارس نشاطها الطبيعي، بل لا تعترف بها أصلا وتلاحق مناضليها وتعاقب أنصارها والمتعاطفين معها. وهذا السلوك له ما يبرره. فالسلطة القائمة على الاستغلال واغتصاب الإرادة الشعبية تخشى المعرفة وتشجع الجهل، باعتبار وأن الأولى تنير العقول وتطلق الأيدي وتوحد الأصوات وتشحذ العزائم وتنير السبيل وتمهد الطريق أمام التغيير الديمقراطي والاجتماعي الذي سيعصف بأركان الدكتاتورية، في حين أن الثاني يكبل البصيرة ويصرف الناس عن همومهم الحقيقية ويلقي بهم في سلة الخرافة والشعوذة ويبعدهم عن الشأن العام.

معا من أجل وضع حد لثقافة الخرافة والتصدي بكل حزم للدكتاتورية النوفمبرية التي تتاجر بكل ما هو هابط ومتخلف من أجل إدامة سيطرتها على المجتمع.


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني