الصفحة الأساسية > صوت الشعب > العــدد 274
بعد المهزلة الانتخابية:
هل تستخلص المعارضة الدرس وتوحّد صفوفها لتحقيق التغيير الديمقراطي المنشود
11 تشرين الثاني (نوفمبر) 2009

I – مهزلة معلومة النتائج

انتهت المهزلة الانتخابية ليوم 25 أكتوبر الماضي. وجاءت نتائجها كما كانت معلومة مسبقا. "فاز" بن علي "فوزا ساحقا" بولاية خامسة (خمسة وخميس) مع نزول طفيف عن النسب التسعينية المعتادة (89.62%) التي افتضحت وأصبحت موضوع تندر لدى الخاص والعام في الداخل والخارج. لقد أراد بن علي الإيهام بأن مشاركة "منافسيه المعيّنين" وبالخصوص محمد بوشيحة وأحمد الأينوبلي، المعروفين بموالاتهما وتواطئهما مع بن علي، لم تكن شكلية. كما أنه أراد "تفنيد" تنبؤات الملاحظين والمراقبين الذين راهنوا على "فوزه" بنسبة تتراوح بين 90% و99%.

كما "فاز" حزب بن علي، "التجمع الدستوري الديمقراطي"، "فوزا ساحقا" في الانتخابات التشريعية، مستحوذا على كافة المقاعد (161 مقعدا) على مستوى الدوائر الست والعشرين (26). وهو ما يمثل 75% من مجموع مقاعد البرلمان. وقد أسندت وزارة الداخلية 84.59% من "أصوات الناخبين" إلى "التجمع" لتبرير سطوته على تلك المقاعد وتقديمه بمظهر "الحزب الكبير" الذي لا يقدر على منافسته أي حزب. أما الأحزاب الإدارية (حركة الديمقراطيين الاشتراكيين، حزب الوحدة الشعبية، الاتحاد الديمقراطي الوحدوي، الحزب الاجتماعي التحرري، حزب الخضر للتقدم) فإنها لم تحصل مجتمعة على أكثر من 14.49% من "الأصوات" بما يخوّل لها تقاسم الـ25% من المقاعد المتبقية (53 مقعدا) والتي هي عبارة عن رشوة سياسية توزعها وزارة الداخلية على هذه الأحزاب مقابل دور الديكور الذي تقوم به في إطار تجميل الدكتاتورية وإضفاء طابع تعددي زائف عليها.

لقد نالت جماعة بولحية 16 مقعدا، وبوشيحة 12، والأينوبلي 9، ومنذر ثابت 8، والخماسي 6. وتـُخوّل هذه المقاعد لأصحابها الحصول على تمويلات من الدولة تمكن أحزابهم من الحفاظ على وجودها الشكلي باعتبارها أحزابا لا وزن لها في المجتمع. وإلى ذلك فإن نواب هذه الأحزاب الإدارية لا دور لهم في البرلمان يختلف عن دور نواب الحزب الحاكم، فهم يزكون كل ما يقرره بن علي. أما "حركة التجديد" المعارضة فإنها لم تحصل هذه المرة إلا على مقعدين بنسبة من الأصوات لم تتعدّ 0.50%، وهي أضعف نسبة بالنسبة إلى الأحزاب "البرلمانية". ولا يخفى على أحد أن هذا التناقص في عدد نواب "حركة التجديد" له صلة بتطور خطابها النقدي تجاه نظام بن علي منذ أن أصبح على رأسها أحمد إبراهيم والتحق بصفوفها، في المؤتمر الأخير، عدد من المناضلات والمناضلين المستقلين المتحررين من سياسة "الوفاق" مع السلطة التي طبعت سلوك الحركة في تسعينات القرن الماضي.

أما التكتل الديمقراطي بزعامة بن جعفر الذي أصر على المشاركة في التشريعية رغم إسقاط معظم قائماته (17 من 24 قائمة) فإنه لم يحصل على أي مقعد ولم تسند إليه وزارة الداخلية إلا 0.12% من الأصوات.

ولم تحصل القائمات المستقلة الخمس عشرة (من بينها 9 قائمات للحزب الاشتراكي اليساري المنشق عن "المبادرة الوطنية") على أي مقعد وأسندت إليها وزارة الداخلية، مجمعة 0.50% من الأصوات، أي أنه لا واحدة منها حصلت منفردة على النسبة التي تمكنها من الظفر بمقعد من المقاعد الـ53 المذكورة. وفي ما عدا قائمة "الإصلاح والتنمية" برئاسة فتحي التوزري التي حاولت أن تتميز بروح نقدية للسلطة وحرمت من توزيع بيانها فإن بقية القائمات المستقلة لم تكن بعيدة في خطابها عن خطاب الأحزاب الإدارية.

وأخيرا، وليس آخرا ادعت وزارة الداخلية أن المشاركة في اقتراع يوم 25 أكتوبر كانت "مكثفة ومنقطعة النظير". بل إنها بلغت 89.45% من الناخبين. ولم يكن خافيا على أحد أن هذه النسبة ليس لها أية علاقة بالواقع. فكل من تابع عملية الاقتراع كان من السهل عليه أن يلاحظ المقاطعة الشعبية الواسعة للمهزلة الانتخابية. ويعود سبب هذه المقاطعة إلى لامبالاة المواطنين والمواطنات بعملية انتخابية يعلمون أن نتائجها مقررة مسبقا ولا انعكاس لها على مستقبلهم. ولكنّ السلطة في حاجة متأكدة إلى تضخيم نسبة المشاركة، للادعاء بأن الشعب التونسي لم يستجب لدعوة المقاطعة و"أقبل بكثافة على صناديق الاقتراع".

II - مهزلة انتخابية في أجواء من التصعيد الفاشستي

هذه هي إذن نتائج انتخابات بن علي ليوم 25 أكتوبر. وقد كانت، كما ذكرنا أعلاه متوقعة وبالتالي فإنها لم تفاجئ أي ملاحظ أو مراقب لا لشيء إلا لكون ما جرى لا علاقة له بالانتخابات بل هو مجرد مهزلة، فصولها معلومة من الأول إلى الآخر، ولم يكن لاقتراع يوم 25 أكتوبر من وظيفة سوى إضفاء شرعية زائفة على تلك المهزلة وما ترتب عنها من نتائج. لقد جرت "الانتخابات" الرئاسية والتشريعية في مناخ سياسي يتميز بقمع ممنهج للمواطنات والمواطنين وللأحزاب والجمعيات والمنظمات والشخصيات المستقلة لإسكاتهم جميعا وللإيهام بوجود إجماع مطلق أو شبه مطلق حول بن علي وحزبه. كما أن هذه الانتخابات تمت في إطار قانوني قدّ على القياس، فلا حرية الترشح للرئاسية والتشريعية، ولا هيئة مستقلة لمراقبة الانتخابات (وزير الداخلية هو الخصم والحكم) ولا حرية دعاية ولا إدارة محايدة ولا قضاء مستقلا. وقد أدى ذلك إلى أن بن علي هو الذي عيّن منافسيه في الرئاسية التي ترشح لها للمرة الخامسة على التوالي بعد أن تلاعب بالدستور عام 2002 وألغى منه الفصل الذي يحدد عدد الولايات. كما أدى إلى إقصاء كل القوى السياسية غير المعترف بها من المشاركة. ولم تسلم من هذا الإقصاء حتى أحزاب المعارضة المعترف بها التي تتمتع بهذه الدرجة أو تلك من الاستقلالية عن السلطة. فقد أسقطت الإدارة معظم قائماتها وخاصة منها القائمات المقدمة في المدن والدوائر الكبرى (إسقاط 17 قائمة للحزب الديمقراطي ومثلها للتكتل الديمقراطي و13 لحركة التجديد) بهدف تقزيم هذه الأحزاب أمام الرأي العام. وبالمقابل ضخمت السلطة حجم الأحزاب الإدارية وساعدتها على تكوين أكثر ما يمكن من القائمات لتبرير المقاعد التي ستسند إليها في البرلمان. وقد دفع التلاعب بالقائمات "الحزب الديمقراطي التقدمي" إلى الانسحاب من الانتخابات عشية بدء الحملة الانتخابية (10 أكتوبر 2009) وإعلان مقاطعتها حتى لا يكون "شاهد زور" كما جاء في لائحة لجنته المركزية.

لقد اعتبر الجميع، بما في ذلك أطراف قبـِلت المشاركة، رغم كل الانتهاكات والعراقيل، ورغم تأكيدها غياب أي رهان انتخابي أو حتى سياسي في تلك الانتخابات (التكتل الديمقراطي...) أن المناخ العام للانتخابات هذه المرة أسوأ بكثير من الانتخابات السابقة. فبالإضافة إلى ما ذكرناه من إسقاط للقائمات، انتابت السلطة "هيستيريا" قبل الحملة الانتخابية وأثناءها وحتى يوم الاقتراع وبعده، مشيعة جوًّا من الترهيب العام في كافة أنحاء البلاد. لقد جُندت أجهزة البوليس بمختلف أنواعها وأشكالها لتشديد المراقبة على تحرّكات المواطنين. وكثفت حملات "الرافل" في الشوارع والطرقات ووسائل النقل العمومية والخاصة. وحاصر البوليس السياسي مقرات الأحزاب المعارضة والجمعيات والمنظمات المستقلة، وضرب رقابة صارمة على مقرات سكنى العديد من قيادييها ورموزها وعلى تنقلاتهم واتصالاتهم ولقاءاتهم. ولم تتورع عن تنظيم اعتداءات خطيرة على البعض منهم (حمه الهمامي، راضية النصراوي، عبد الرؤوف العيادي...) وافتعال قضايا حق عام على حسابهم (حمه الهمامي، راضية النصراوي...). كما زج بالناشط الحقوقي والصحفي وعضـو الحزب الديمقراطي زهير مخلوف بالسجن (21 أكتوبر 2009) على خلفية تصويره شريطا وثائقيا حول المخاطر البيئية بالمنطقة الصناعية بنابل. وطال القمع العديد من الصحفيين المستقلين. فقد اقتحم البوليس مقر "راديو6" الإلكتروني وأغلق مقره وصادر محتوياته، ومنع فريق "راديو كلمة" من التحرك لمتابعة سير الحملة الانتخابية. وصادرت سلطات المطار أجهزة البث التي جلبها مبعوثو القنوات التلفزية الأجنبية لإجبارهم على المرور بالرقابة المحلية قبل إرسال تقاريرهم. وأطردت مبعوثة صحيفة لوموند الفرنسية "فلورانس بوجيه". ومنع البوليس السياسي الصحافيين الأجانب من محاورة المواطنين في الشارع لاستجلاء آرائهم في الانتخابات وفي أوضاع بلادهم. ومن تمكن منهم من التحدث إلى هذه القنوات فقد نال جزاءه من العقاب مثلما حصل للمناضل الطلابي محمد السوداني الذي اختطفه البوليس السياسي من أمام أحد النزل بوسط العاصمة يوم 22 أكتوبر، بعد أن أجرى لقاء صحفيا مع إحدى الصحافيات الأجنبيات لتنقطع أخباره بعد ذلك، وهو الآن في عداد المفقودين. ولم تسلم الأطراف المعارضة المشاركة في الانتخابات (التجديد والتكتل وقائمة الإصلاح والتنمية) من الضغط والعراقيل لمنعها من التحرك وإبلاغ صوتها.

وعلى صعيد آخر أطلقت السلطة العنان لوسائل الإعلام الخاضعة لها بالكامل، صحفا وقنوات تلفزية وإذاعات لشن حملة مسعورة ضد رموز المعارضة السياسية والمدنية الرافضين للاصطفاف وضد كل صاحب رأي مخالف مهما كان حجم نقده وموقعه. لقد استبيحت أعراض هؤلاء جميعا ووصل الأمر إلى درجات غير مسبوقة في الانحطاط الأخلاقي التي بينت مرة أخرى أن نظام بن علي عاجز كل العجز عن مواجهة الحجة بالحجة والفكرة بالفكرة والرأي بالرأي والموقف بالموقف والمعلومة بالمعلومة وأن كل أسلحته لا تتجاوز العصى لإسكات معارضيه ومنتقديه أو السبّ والشتم والتجريح لتشويههم.

وإلى ذلك فقد جُندت الدولة بكل إمكانياتها لمساندة بن علي و"التجمع". فالإدارات والشركات العمومية وشبه العمومية والإذاعة والتلفزة والجرائد، كلها جندت قسرا لتقديم الخدمات إليهما. لقد كان من الضروري فبركة إجماع حول بن علي لتبرير نتائج المهزلة المقررة مسبقا وتشريع بقائه في الحكم مدى الحياة. وكان من الواضح أنه كلما اقترب يوم الاقتراع، ازدادت الرقابة والضغط على المجتمع. وفي ليلة الاقتراع ذاتها، أطل بن علي في التلفزة ليردد ما كانت رددته صحافة العار من تخوين لرموز المعارضة السياسية والمدنية ويهدد مسبقا كل من سيشكك في نتائج المهزلة، لأنه كان يعرف مسبقا أنها مزورة وغير قابلة للتصديق.

وما إن انتهى "العرس" كما سمته وسائل الإعلام الرسمية والتابعة، حتى كان بن علي عند "وعيده". فقد انطلق في تصفية الحسابات مستهدفا في المقام الأول الإعلاميين. فوقع استدعاء توفيق بن بريك والزج به في السجن بعد تلفيق تهمة له (اعتداء بالعنف على امرأة). ثم الاعتداء على سليم بوخذير اعتداء فظيعا، وتمّ التحرّش بلطفي حاجي وتهديده بمطار تونس قرطاج، والاعتداء على سهام بن سدرين... وما يزال مقر سكنى حمه الهمامي، الناطق الرسمي باسم حزب العمال الشيوعي التونسي، محاصرا للأسبوع الثالث على التوالي من طرف البوليس السياسي يترصدون حمه الهمامي لاعتقاله. علما وأن السلطة لفقت ضده وضد زوجته قضية حق عام على خلفية تصريحاتهما حول الانتخابات لقنوات تلفزية وإذاعات أجنبية. ومن المؤكد أن مسلسل الاعتداءات وافتعال القضايا لن يتوقف إذا لم تتصدّى له القوى الديمقراطية بحزم.

إن مرجع حالة الفزع التي انتابت الطغمة الحاكمة هو افتضاحها على كافة المستويات وعجزها عن تقديم الحلول للمشاكل التي تتخبط فيها جماهير الشعب من بطالة وغلاء معيشة وتردي خدمات اجتماعية وتدهور للبيئة والمحيط... لذلك فقد أصبحت ترفض أكثر من أي وقت مضى أي نقد خوفا من أن يفتح عليها أبوابا يصعب غلقها لاحقا، ومنها باب الحديث عن الفساد والاستثراء غير المشروع، وباب الحديث عن مآسي البطالة والفقر والفوارق الطبقية المتفاقمة وعن الإخلالات الجهوية المتزايدة وعن المنظومة التعليمية المنهارة بالكامل وعن الصحة التي أصبحت مرهونة بالمال... إن الطغمة الحاكمة ليس لديها ما ترد به على هذه الحقائق من جهة وليس لديها حلول تقترحها لمواجهتها من جهة ثانية. لذلك فإن الخطاب الذي تريد أن تفرضه بالقوة الغاشمة على كل الأطراف السياسية والاجتماعية، بل على المجتمع بأسره، هو الخطاب التمجيدي القائم على أن كل شيء على ما يرام بفضل "حنكة صانع التغيير" الذي ينبغي أن يبقى في الحكم مدى الحياة "لتحقيق المزيد من النجاحات والإنجازات"، لذلك تجندت أجهزة البوليس والإدارة ووسائل الإعلام وميليشيات الحزب الحاكم لإسكات كل صوت حرّ.

كما أن قضية خلافة بن علي وانتخابات 2014 ألقت بظلالها، بشكل ضمني وخفيّ، على انتخابات 25 أكتوبر الماضي. فمن جهة لم يعد بإمكان بن علي حسب أحكام الدستور الترشح بعد خمس سنوات لأنه سيتجاوز السن القصوى للترشح (75 سنة). وهو ما يطرح ضرورة الاستعداد لهذا الموعد الذي قد يتطلب تلاعبا جديدا بالدستور. ومن جهة أخرى فقد يطرأ طارئ مثل طارئ الوفاة خصوصا أن الإشاعات حول التدهور المستمر للحالة الصحية لبن علي ما انفكت تروج خلال السنوات الأخيرة. ومن الواضح أن القوى المتنفذة، الماسكة، من وراء الستار، بخيوط "اللعبة"، تريد في كلتا الحالتين أن تظل ماسكة بهذه الخيوط حتى يتسنى حسم مسألة الحكم، سواء بالتجديد لبن علي عام 2014 أو بتعيين خليفة. ولهذا السبب فهي تتوجس خيفة من أي تطور للحركة الاجتماعية وللحركة السياسية والمدنية المعارضة. وهي ليس لها من وسيلة للتصدي لكل ما من شأنه أن يهدد مصالحها غير تشديد القبضة الأمنية على المجتمع واستهداف خصومها مهما كان مجال نشاطهم.

ومما زاد في توجّس الطغمة الحاكمة وخوفها هو أن أوضاع المعارضة، رغم مواطن ضعفها ورغم شراسة الهجمة التي تتعرّض لها، أفضل سياسيا في هذه الانتخابات مما كانت عليه سابقا. فقد أعلنت أهم القوى الفكرية والسياسية بالبلاد مقاطعة المهزلة. فبعد "حزب العمال الشيوعي التونسي" و"المؤتمر من أجل الجمهورية" أعلنت "حركة النهضة" المقاطعة. وفي عشية الحملة الانتخابية التحق "الحزب الديمقراطي التقدمي" و"الوحديون الناصريون" بهذا الموقف. وقد نجحت هذه القوى في فضح المهزلة بشكل مبكر. كما أن شعار المقاطعة لقي رواجا كبيرا عبر وسائل إعلام واسعة الانتشار مثل قناة الجزيرة القطرية. وكان هذا الشعار متوافقا مع الشعور العام للمواطنين والمواطنات الذين لم يكن يساورهم أي شك في أن نتائج الانتخابات مقررة مسبقا. كما لم يكن يساورهم أي شك في أن بن علي وحزبه "سيفوزان فوزا ساحقا" ولن يأتيا بجديد من شأنه أن يحسن أوضاعهم المعيشية، بل إن الأرجح هو أنهما سيعمقان معاناتهم. كما أن العديد من وسائل الإعلام العربية والعالمية هذه المرة لم تجامل بن علي كثيرا ولم تترد في الطعن في مصداقية الانتخابات وفي فضح المناخ السياسي القمعي الذي تجري فيه وفي إثارة موضوع الفساد الحساس واتهام محيط بن علي وخاصة أفراد عائلته وأصهاره بالاستثراء غير المشروع.

إن هذه العناصر مجتمعة أربكت الطغمة الحاكمة وجعلتها تتصرف بغطرسة كبيرة ولا تولي أهمية حتى لبعض الشكليات وتكشف عن وجهها الفاشستي البشع. وقد شبه أكثر من مراقب الأجواء التي تمت فيها انتخابات 25 أكتوبر الماضي بأجواء آخر انتخابات في العهد البورقيبي للإشارة بأن البلاد تعيش أجواء نهاية حُكمٍ.

III - المهزلة أكدت خطأ الموقف الدّاعي إلى المشاركة

إن المهزلة الانتخابية ليوم 25 أكتوبر الماضي بينت مرة أخرى، وبما لا يدع أي مجال للشك مدى خطأ الموقف الداعي إلى المشاركة في هذه المهزلة بتعلة أنها الوسيلة الوحيدة لـ"تطوير" النظام السياسي القائم و"تحقيق التغيير الديمقراطي" بما تتيحه من "فرص اتصال بالشعب". لقد أكد بن علي لدعاة هذا الموقف أنه "ليس غبيا" حتى يفسح المجال للمعارضة كي تشارك وتتحرك وتتصل بالشعب وتعبّئه ضد اختيارات نظامه الرجعية. لقد أوصد أمامهم كل المنافذ تقريبا: أسقط معظم قائماتهم ثم حاصرهم في مربع صغير وأطلق عليهم كلاب حراسته من أشباه الإعلاميين لينهشوهم (وينهشوا كافة رموز المعارضة السياسية والجمعيات والمنظمات المستقلة) وأكثرَ من حولهم الصخب والضجيج مستغلا احتكاره لوسائل الإعلام والفضاءات العمومية ليهمشهم ثم يقزّمهم في مستوى النتائج (1.57% من الأصوات لأحمد إبراهيم في الرئاسية مقابل 5.01% لبوشيحة و3.80% للأينوبلي، و0.5% لـ"حركة التجديد" و 0.12% للتكتل الديمقراطي في التشريعية). ولم يسمح بن علي بشيء من الحركة إلا لأحزاب "الموالاة" وذلك في حدود دور الديكور الموكول لها لتشهد شهادة زور بأن الانتخابات كانت "قانونية وشفافة ونزيهة".

إن أداء المعارضة كان من الممكن أن يكون أفضل بكثير في مواجهة المهزلة الانتخابية ليوم 25 أكتوبر الماضي، لولا التقديرات المختلفة والحسابات المتباينة أحيانا مما أبقاها منقسمة وحدَّ من تأثيرها في مجرى الأحداث. لقد فشلت في بلورة تمشّ مشترك بشكل مبكر. وانقسمت بين داع إلى المشاركة حتى لو كانت الشروط الدنيا لانتخابات حرة ونزيهة مفقودة وبين داع إلى المقاطعة. وشقَّ الاختلافُ، نتيجة التقديرات والحسابات المتباينة، صفوف الطرف الأول الذي انحصر في النهاية في "حركة التجديد" (وحليفها في المبادرة حزب العمل الوطني الديمقراطي) و"التكتل الديمقراطي"، إذ أن "الحزب الديمقراطي التقدمي" خيّر المقاطعة عشيّة بدء الحملة الانتخابية كما سبق أن ذكرنا. أما الطرف الثاني، الداعي إلى المقاطعة، فبالرغم من أنه يتشكل من أكثر القوى تأثيرا في الساحة وبالرغم من سلامة موقفه سياسيا ومن تعبيره عن الاتجاه العام وسط جماهير الشعب، وترديد مختلف أطرافه نفس الحجج لرفض المشاركة، بالرغم من كل ذلك فإن هذا الطرف عجز عن التكتل وظلت كل مكوناته من مكوناته الحزبية "تغرّد على انفراد". لقد كان للحسابات الحزبية الضيقة دور كبير في انخراط "حركة التجديد" و"التكتل الديمقراطي" في المشاركة. فالأولى مازالت لم تحزم أمرها للقطع مع المنظومة الرسمية التي انخرطت فيها منذ مطلع تسعينات القرن الماضي ونالت مقابل ذلك بضعة مقاعد في البرلمان. أما "التكتل" فإنه انساق وراء وهم إمكانية الحصول على منافع من وراء المشاركة (التعريف بالحزب، كسب أعضاء جدد...) حتى بعد أن رفض ترشح أمينه العام للرئاسية وأسقطت معظم قائماته في التشريعية ولم تبق منها إلا تسع قائمات في مناطق لا تشمل أكثر من 20% من الناخبين المسجلين وينعدم فيها الوجود التنظيمي للحزب. ولسائل أن يسأل هل حقق "التجديد" و"التكتل" أهدافهما الخاصة من المشاركة؟ هل تمكنا فعلا من الاتصال بالشعب وإبلاغ صوتهما إليه والتعريف ببرامجهما وبدائلهما؟ لا نعتقد ذلك. أولا لأن السلطة حصرتهما كما قلنا سابقا في مربّع ضيق ومنعتهم من التحرك. فـ"التجديد" مثلا لم يحصل على بيانه الانتخابي للرئاسية إلا بعد 4 أيام من انطلاق الحملة، وحُجز عدد "الطريق الجديد" الذي كان من المفروض أن يوزّع يوم هذا الانطلاق، وأغلقت في وجهه أبواب الفضاءات العمومية إلا نادرا، وحُرم أمينه العام ومرشحه للرئاسية من ثلث الوقت المخصص له في التلفزة وبثت مداخلته في التلفزة في وقت "ميت" لا يتابع فيه الناس برامج التلفزة (السادسة والنصف مساء) مقابل بث مداخلات بن علي في وقت الذروة (الثامنة والنصف ليلا). وفي كلمة فإن حملة أحمد إبراهيم للرئاسية مثلا لم تحظ إلا بنسبة 0.22% من التغطية الإعلامية مقابل 97.22% لبن علي وحزبه (من التقرير الذي أعلنه خبراء لفائدة مجموعة من الجمعيات التونسية حول التغطية الإعلامية للحملة الانتخابية). وبالتالي فقد وقع تهميشه تهميشا كاملا. وثانيا: لأن الشعب التونسي واجه في معظمه الانتخابات بلامبالاة تامة وقاطعها يوم الاقتراع ولم يعر أهمية كبيرة لا لما يقوله "التجديد" ولا لما يقوله "التكتل" لأنه لا يؤمن مطلقا بجدوى هذه الانتخابات لاقتناعه بعدم وجود أي رهان فيها وبأن نتائجها محسومة سلفا.

لقد صرّح الأمين العام لـ"التجديد" بعد "الانتخابات" أنه غير نادم على مشاركته لأنه تمكن خلال الحملة الانتخابية من إبلاغ الرأي العام بوجود بديل آخر في تونس. ونحن نتساءل هنا: أولا: هل يعتقد أحمد إبراهيم، أنه أبلغ صوته، عبر المشاركة، وفي الظروف التي سبق أن ذكرناها، إلى الشعب التونسي، أكثر مما أبلغ حزب العمال الشيوعي التونسي صوته إلى الشعب، وهو يقاطع الانتخابات؟ وهل أنه أبلغ صوته، أكثر مما أبلغ "الحزب الديمقراطي التقدمي"، صوته وهو يقاطع أيضا؟ لا نعتقد ذلك، فالشعب التونسي تعرّف إلى وجود بدائل لنظام الاستبداد، من خلال القوى المقاطعة للانتخابات، أكثر مما تعرّف إلى وجودها من خلال الأطراف المشاركة. لقد تمكن المقاطعون من فضح المهزلة بشكل غير مسبوق. كما أنهم تمكنوا من فضح القمع والسطو على إرادة الشعب والفساد المستشري والاستغلال الفاحش للطبقات والفئات الشعبية، والنهب الخارجي لخيرات بلادنا وثرواتها وقدموا عديد المقترحات الجدية لمواجهة هذا الوضع دون أن يتقيدوا بالقوانين الزجرية المفروضة على المشاركين في الانتخابات. وثانيا: ما هو الثمن السياسي الذي دفعه "التجديد" و"التكتل" بمشاركتهما في المهزلة الانتخابية مقابل كسب بعض الهامش للقيام بالدعاية لبرامجهما وجلب مناضلين جدد لصفوفهما –إن كان ذلك قد حصل فعلا-؟ لقد ساهم "التجديد" و"التكتل" في إضفاء شرعية على المهزلة. وهو الدور الذي رفض القيام به الحزب الديمقراطي التقدمي مثلا. فحين عرف أنه لا يمكنه المشاركة بما يسمح له بإبلاغ صوته للناخبين انسحب ورفض أن يكون "شاهد زور" وهو موقف سليم حتى وإن جاء متأخرا. إن ما لم يستوعبه العديد من الناس هو ذلك التناقض الصارخ بين ما ظل "التجديد" و"التكتل" يرددانه من أن الانتخابات لا تتوفر فيها الشروط الدنيا للانتخابات الحرة والنزيهة وأن نتائجها معلومة مسبقا وبين مشاركتهما فيها رغم علمهما أنهما لا يملكان من القوة ميدانيا ما يمكنهما من التغلب على العراقيل التي تضعها أمامهما السلطة وقلب موازين القوى!! فأي معنى للمشاركة في حالة كهذه عدا كونها تخدم نظام بن علي أكثر مما تخدم مصلحة الشعب التونسي والحركة الديمقراطية بصورة عامة. ولا بد من تأكيد أن السؤال المطروح اليوم على "التجديد" كما على "التكتل" هو التالي: ما هو موقفهما من نتائج مهزلة الرئاسية بعد أن شاركا فيها، الأول بترشيح أمينه العام والثاني بمساندته؟ هل سيعتبران بن علي رئيسا شرعيا للبلاد ويصرفان النظر عن ظروف بقائه في الحكم في انتظار 2014 وهما يعلمان علم اليقين أن بن علي لم يأت به صندوق الاقتراع وإنما التزوير الممنهج للانتخابات والسطو على إرادة الشعب اللذان جعلا منه رئيسا مدى الحياة وحاكما فرديا مطلقا للبلاد. ولو لم يتلاعب بالدستور عام 2002 لكان رحل بعد أن انتهت ولاياته الثلاث؟ وما هو موقفهما أيضا من نتائج مهزلة التشريعية؟ هل سيعتبران البرلمان المنبثق عنها بأغلبية مطلقة لـ"التجمع" وفتات لأحزاب الديكور، برلمانا شرعيا وممثلا لإرادة الشعب؟ أم أنهما سيجتنبان الخوض في هذه المسألة أصلا ويقبلان الأمر الواقع في انتظار 2014 على أمل المشاركة في المهزلة الجديدة بنفس التبريرات ليجدا نفسيهما في ذات الوضع؟ وما هو موقف "التجديد" من وجوده داخل البرلمان الصوري؟ هل يعتبر أن المعيّنين في هذا البرلمان يمثلان إرادة الشعب؟ لا نعتقد أن "حركة التجديد" تجهل أن حصتها من الـ53 مقعدا المخصصة للديكور، لا علاقة لها بصندوق الاقتراع وأن وزارة الداخلية التي تسند إلى كل حزب حصته المحددة مسبقا و"تفبرك" له نسبة الأصوات المناسبة لتلك الحصة! وهل أن "التجديد" سيعتبر نفسه والحالة هذه مساهما في برلمان تعددي أو أن وجوده يضفي طابعا تعدديا على هذا البرلمان؟!

أما بالنسبة إلى "المقاطعة"، فإن مختلف مكوناتها لم تسر على نفس النسق. فحزب العمال وكذلك المؤتمر من أجل الجمهورية دعا إلى المقاطعة بشكل مبكر، علما وأن حزب العمال انتظر طويلا قبل إعلان موقفه. وكان يأمل منذ خريف 2007 (ندوة "حركة التجديد" حول الاستحقاق الانتخابي 2009 بدار الثقافة ابن خلدون) في مرحلة أولى أن تتوحد المعارضة حول تمشّ مشترك يقوم على النضال من أجل فرض شروط انتخابات حرة ونزيهة، وفي مرحلة ثانية على التقييم المشترك للوضع واتخاذ الموقف المناسب إما مشاركة أو مقاطعة. ولما يئس حزب العمال من إمكانية تحقيق هذا الهدف ورأى أن كل طرف تمسك بـ"أجندته" الخاصة طرح موقف المقاطعة. أما الحزب الديمقراطي فإنه لم يعلن المقاطعة إلا ليلة بداية الحملة الانتخابية كما ذكرنا. وقد ظلت مجموعة من مناضليه متمسكة بالمشاركة إلى آخر لحظة. وقد يكون ذلك هو ما جعله يحتاج إلى نقاشات مستفيضة ومتباينة حفاظا على وحدة صفوفه، ولكن إعلانه المتأخر عن المقاطعة فوّت فرصة التنسيق المبكر والتحرك المشترك. ومن ناحية أخرى فقد انتظرت "حركة النهضة" طويلا قبل إعلان المقاطعة رغم أنها، مثلها مثل حزب العمال وكل الأحزاب غير المعترف بها مقصية سلفا من المشاركة في الانتخابات، رئاسية وتشريعية. ولم تظهر هذه الحركة اهتماما ميدانيا بالانتخابات لتكريس موقف المقاطعة الذي نادت به. وفي ما عدا رئيس الحركة، راشد الغنوشي، الذي انتقد بوضوح الطابع المهزلي للانتخابات في إحدى مداخلاته بقناة الجزيرة، فإن "حركة النهضة" كانت غائبة أو تكاد عن أجواء المهزلة.

أما "الوحدويون الناصريون" فقد اكتفوا بإصدار بيان بتاريخ 11 أكتوبر، يوم انطلاق الحملة الانتخابية يدعون فيه إلى المقاطعة. ولم يكن لهم حضور ميداني.

وخلاصة القول إن صفوف المقاطعين كانت مشتتة. ونحن على يقين من أنه لو جمعوا صفوفهم واتفقوا على خطة مشتركة قبل موعد الانتخابات بنصف عام على الأقل لكان حجم تأثير المقاطعة أكثر بكثير، ولأربكت فعلا نظام الحكم، ومع ذلك فإن تأثيرها كان واضحا في مجرى الانتخابات، حتى من خلال ردود فعل السلطة التي ضخمت نسبة المشاركة لإظهار "فشل" دعوات المقاطعة.

IV – لا مصلحة لبن علي في الديمقراطية

إن مصلحة بن علي وطغمته ليست في الديمقراطية بل في الاستبداد لأنه النظام السياسي الوحيد الذي يمكـّن النهّابين من صيانة مصالحهم. فهؤلاء ليسوا أغبياء حتى يسمحـوا بانتخابات حرة تفقدهم السلطة وتعرّضهم للمحاسبة على ما اقترفوه من جرائم اقتصادية وسياسية على حساب الشعب والوطن. إن كل ما أرادوه ويريدونه لا يعدو مهزلة لإضفاء شرعية صورية وزائفة على حكمهم الاستبدادي. وهو ما يفسر تكشيرهم عن أنيابهم خلال هذه الانتخابات حتى لا تتجاوز الأمور الحدود التي رسموها مسبقا للمهزلة وللمشاركين فيها، ناهيك أن أحمد بن إبراهيم ومصطفى بن جعفر لم تغفر لهما مشاركتهما في المهزلة وشملتهما حملة التشهير ونـُعتا بأبشع النعوت، لأن بن علي يتصرف بشكل واضح وبسيط: معي أو ضدي؟ ولا مجال بالنسبة إليه للتأرجح بين كرسيين.

إن التجربة التاريخية لتونس منذ وصول حزب الدستور للحكم في عام 1956، تاريخ إعلان الاستقلال الشكلي لبلادنا، بينت أن نظام الاستبداد غير قابل للديمقراطية (لا يتمقرط)، لأنه مؤسس على الحكم الفردي المطلق وهيمنة الحزب الواحد وصورية المؤسسات وسيادة العسف في غياب تام للقانون الذي يُعوّض بالتعليمات وسيطرة الأجهزة البوليسية على كافة أجهزة الدولة. فحتى في ظروف الأزمات الحادة التي عرفها هذا النظام (1969–1970-1978-1980-1986-1987...) والتي اضطر خلالها إلى التظاهر بالانفتاح وقبول الإصلاح والتخلي عن بعض المساحات، خصوصا في مجال حرية التعبير، فإنه لم يكن جادّا، بل فعل ذلك من باب المناورة لربح الوقت. وليس أدل على ذلك من أنه في كل مرة ما أن يتمكن من إعادة ترتيب البيت حتى يعاود الهجوم، بأكثر شراسة من قبل، على الشعب وعلى كافة التعبيرات المستقلة، سياسية كانت أو نقابية أو ثقافية ويستعيد بالقوة الغاشمة المساحات التي تخلى عنها وقت الأزمة ويشدد القبضة الأمنية على المجتمع ويملأ السجون بالمعارضين، بل إنه لم يتورع في أكثر من مناسبة عن ارتكاب مجازر (1978 الأزمة النقابية -1984 انتفاضة الخبز).

وما من شك في أن التونسيات والتونسيين وخاصة المتتبعين منهم للشأن العام، يتذكرون ما أغدقه بن علي حين جاء إلى السلطة في نوفمبر 1987 من وعود ديمقراطية على الشعب التونسي، ولكنه ما أن أعاد ترتيب البيت وأمسك بدواليب السلطة وأحكم السيطرة على أجهزة البوليس والقضاء والإدارة حتى شن حملة قمعية واسعة أتت على الأخضر واليابس ووصلت ببلادنا إلى ما هي عليه اليوم من غياب تام للحريات واستشراء للفساد واستفحال للاستغلال الفاحش للعمال والكادحين وتبعية للمراكز الامبريالية الغربية.

إن السياسة ليست معزولة عن المصالح الاقتصادية والاجتماعية بل هي التعبير المكثف عنها، لذلك فإن الأقليات المافيوزية التي تسند نظام بن علي وتسطو على البلاد، تستشرس ضد كل نفس حر وديمقراطي. إن هذه الأقليات المرتبطة ارتباطا عضويا بالرأسمال الأجنبي، هي الحاكم الفعلي اليوم لتونس، وهي التي تمسك بخيوط اللعبة وتدير مع بن علي في القصر دفة الحكم وتتخذ معه كل القرارات الجوهرية وتستخدم الأجهزة البوليسية والقضائية والإدارية لتحقيق أغراضها. إن هذه القوى الخفية التي يحيط بها "جيش" من الطامعين والمتخذلقين من أصحاب المصالح والبيروقراطيين ترى في الديمقراطية العدو اللدود الذي يهدّد مصالحها.

إن الاستبداد لا يتنازل ولا يتراجع ولا يسقط من تلقاء نفسه، بل إنه كلما استشعر خطرا، ازداد شراسة، كما رأينا في هذه الانتخابات، دفاعا عن مصالح القوى التي يمثلها. لذلك فإن الديمقراطية ليست معزولة عن المصالح الاقتصادية والاجتماعية، أي المصالح الطبقية. فنظام بن علي الاستبدادي هو الإطار السياسي الذي تحقق فيه الأقليات الثرية المحلية والأجنبية نهب البلاد واستغلال العمال والكادحين وكافة فئات الشعب، لذلك فهي تتمسك بهذا الإطار وتدافع عنه بكل ما أوتيت من قوة. إن هذه الأقليات لا مصلحة لها في حريات تفضحها وتعبئ جماهير الشعب ضدها، في ديمقراطية تفقدها السلطة، ولا في قضاء مستقل يسائلها عن مصادر ثروتها وجرائمها.

V - ما هو موقف المعارضة وبن علي يسير بالبلاد نحو الهاوية؟

ومهما يكن من أمر فإن الالتفات نحو المستقبل أهم اليوم من اجترار بعض الخلافات التي خلفها الخلاف حول الموقف من الانتخابات سواء بين المقاطعة والمشاركة أو داخل كل طرف من هذين الطرفين. وإن كان لا بد من التقييم، فينبغي أن تتحلى جميع الأطراف بأكثر ما يمكن من الموضوعية وأن يكون المبتغى هو البحث عن السبل التي توحد جهود المعارضة الجادة التي تعبر عن نبض الشعب التونسي في هذه المرحلة والتي لها مصلحة حقيقية في القضاء على الاستبداد والنهوض بالمجتمع والبلاد.

إن تونس مقدمة بعد المهزلة الانتخابية الأخيرة التي أعادت إنتاج الحكم الفردي المطلق، على مرحلة حرجة حتى لا نقول خطيرة. فالطغمة الحاكمة تسير بالبلاد نحو الهاوية على كافة المستويات، لا تهمها إلا مصالحها الأنانية الضيقة. فعلى المستوى السياسي، تؤكد كل المؤشرات أن هذه الطغمة تعد لانقلاب جديد، إما على الدستور، الذي فقد كل معنى منذ مدة طويلة، لإلغاء الفصل المحدد للسن القصوى للترشح (75 سنة) للسماح لبن علي بإعادة الترشح عام 2014 والاستمرار في الحكم مدى الحياة، علما أنه لم يتردد، خلال الحملة الانتخابية في الحديث عن برنامجه "للعشرية القادمة" أو حتى على المؤسسات الصورية القائمة (برلمان، مجلس مستشارين...) لفرض شكل من أشكال توريث الحكم داخل "العائلة الحاكمة" سواء عن طريق تعيين نائب لبن علي وهو على قيد الحياة، تحسبا لكل طارئ، أو عن طريق تعيين بعض الرموز في المراكز الحساسة (رئاسة برلمان، وزارة الداخلية، وزارة الدفاع...) لكي لا تفلت الخلافة من تلك العائلة وتواصل سيطرتها على البلاد.

وفي كلتا الحالتين فإن القوى المتنفذة في السلطة لن تحقق غرضها هذا إلا بوسيلة واحدة، خصوصا في مثل هذا الظرف المتأزم على كافة المستويات، وهي تشديد القبضة الأمنية على الشعب وعلى المجتمع وقمع كل تطور للحركة الاجتماعية والسياسية، كما سبق أن ذكرنا، من شأنه أن يبعثر أوراق تلك "القوى الخفية" المحيطة ببن علي والمنتفعة من حكمه. وما رأيناه خلال الحملة الانتخابية، وما نراه اليوم من استشراس بوليسي وإعلامي ضد المعارضة الخارجة عن الصف وضد الطلاب (الهجوم على الطلبة المعتصمين بمبيت البساتين بمنوبة والزج بالبعض منهم في السجن...) والمواطنين بشكل عام يبين أنه من الوهم الاعتقاد بأن بن علي وطغمته سيسلكان نهجا آخر غير نهج القمع. إن مرحلة من العسف المطلق تلوح في أفق بلادنا، عنوانها تلجيم الأفواه، وكبت الأنفاس لتنهب العصابات البلاد وتضمن مواصلة تحكمها في السلطة.

أما على المستوى الاقتصادي والاجتماعي فإن المستقبل ليس أفضل مما هو على المستوى السياسي، فالأمران مرتبطان بعضهما ببعض. فالبلاد تغرق في المديونية الخارجية التي تضاعفت خلال 22 سنة من حكم بن علي حوالي 6 مرات ناهيك أن تونس أصبحت تقترض لتسديد خدمات ديونها وليس للاستثمار وتطوير مقدراتها كما يزعم النظام، كما أن الرأسمال الأجنبي ما انفك يتسرب إلى كافة مفاصل الاقتصاد التونسي مستغلا الخوصصة (87% من رساميل الخوصصة عادت إلى شركات أجنبية) وما صاحبها من تفويت شمل حتى القطاعات الاستراتيجية. وهذا التفويت مستمر ليضع الرأسمال الأجنبي يده على ما تبقى من مقدرات البلاد، وهو ما من شأنه أن يحولها إلى مستعمرة اقتصادية بأتم معنى الكلمة. وقد استغلت حفنة من العائلات المتنفذة (أقارب بن علي وأصهاره وأصدقائه...) هذا الوضع للاستثراء السريع على حساب الشعب والوطن وبناء "امبراطوريتها" الاقتصادية والمادية والتجارية والإعلامية جاعلة الإدارة والبوليس والقضاء مجرد خادم لمصالحها المرتبطة ارتباطا عضويا بالرأسمال الأجنبي إذ تتوسط في البيع والشراء للحصول على عمولات وعلى نيابات الشركات والمؤسسات الأجنبية التي ما انفكت تقضي على الشركات والمؤسسات المحلية الصغيرة والمتوسطة وتلبي طلبات الحكومات الامبريالية الغربية في الانخراط في استراتيجيتها الهيمنية في المنطقة والقيام بدور الوسيط فيها (تطبيع مع الكيان الصهيوني...). وتزداد هذه الحفنة من العائلات، المحاطة بجيش من الزبائن في الإدارة والأجهزة الأمنية والقضائية والشركات والمؤسسات العمومية وشبه العمومية، غطرسة يوما بعد يوم.

وفي الوقت الذي تتعاظم فيه مصالح هذه الحفنة من العائلات وتتضخم ثروتها وتبرز للعيان ويزداد نفوذها وتحكمها في مصائر البلاد تشهد حالة الطبقات والفئات الشعبية انهيارا متزايدا على كافة المستويات وهو ما يتجلى في البطالة وتدهور المقدرة الشرائية وتردي الخدمات الاجتماعية... وتفاقم الهجرة السرية وتفشي الجريمة والكحولية والمخدرات. وقد عمّق ذلك الهوّةَ في المجتمع بين حفنة الأثرياء وغالبية الفقراء وحَوّل الكلام عن "الطبقة الوسطى" بعد أن تآكلت بتآكل القطاع العمومي وتراجع إنفاق الدولة في المجال الاجتماعي إلى مجرد خطاب أيديولوجي لتغطية هذا الاستقطاب. وتشير كل الدلائل إلى أن هذه الحالة ستستمر وتتفاقم على حساب الشعب، لأن بن علي ممعن في نفس السياسة الاقتصادية والاجتماعية التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليه اليوم. كما أن كل الدلائل، ومنها ما حصل في الحوض المنجمي في العام الماضي، تشير إلى أن السلطة ليس في جرابها حلول لمعالجة مشاكل الشعب، غير الحل القمعي.

وإلى ذلك فإن تمسك بن علي وحفنة العائلات المحيطة به بالسلطة من شأنه أن يدفعهما إلى مزيد الارتماء في أحضان الدول الامبريالية والتفريط في القرار المستقل للبلاد حتى يجدا الدعم المستمر من تلك الدول وغض الطرف عن بطشهما بالشعب التونسي ونهب خيراته وثرواته. وفي كلمة فإن مستقبل بلادنا لا يبشر بخير في ظل حكم بن علي. ولا أمل إلا في تحمل المعارضة السياسية والمدنية مسؤوليتها وفي مسك الشعب التونسي مصيره بيده، إن وعي المعارضة طبيعة المرحلة الحالية أمر ملحّ. ومن الواجب تخطي عقلية الحوانيت سواء تعلق الأمر بالأحزاب أو بالجمعيات والمنظمات والتوافق على أرضية دنيا، تشمل على الأقل ما يتعلق بالحريات، لتشمل بعد ذلك بعض البنود الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

VI – هذا هو النظام الديمقراطي الذي يريده شعبنا

لقد بات واضحا اليوم أكثر من أي وقت مضى أن القطع مع نظام الاستبداد ونزع كل وهم حول إمكانية تطوره وتمقرطه عن طريق مهادنته والتعاون معه والمشاركة في المهازل الانتخابية التي ينظمها يمثل الركيزة السياسية الأولى لأي مشروع تغيير ديمقراطي جذري وجاد في بلادنا، وخط الفصل بين القوى الديمقراطية الحقيقية والمتماسكة وبين القوى الديمقراطية المزيفة. إن التغيير الديمقراطي لصالح الشعب التونسي لن يتحقق بالتالي إلا بالنضال ضد الاستبداد وعلى أنقاضه. ولا نعتقد أنه ينبغي انتظار نصف قرن آخر من حكم الحزب الدستوري وما يعني ذلك من آلام ومتاعب جديدة للشعب التونسي ومن إهدار فرص للنهوض بالبلاد، للاقتناع بهذه الحقيقة.

إن النظام الديمقراطي الذي يحتاجه شعبنا ووطننا لا علاقة له بنظام الاستبداد ودستوره وتشريعـــــــــــاته المنافية للحرية والديمقراطية ومؤسساته الصورية وأجهزته القمعية المتضخمة وقضائه الجائر، بل سيكون نظاما جديدا بكل المقاييس، بدستوره وتشريعاته التي تكفل الحريات الفردية والعامة وتحميها من الانتهاك كما تكفل المساواة التامة بين المواطنين وبالخصوص بين الرجال والنساء، وبمؤسساته النابعة من إرادة الشعب والخاضعة لمراقبته ومحاسبته وبقضائه المستقل والعادل وإدارته التي تسخـّر جهدها لخدمة المواطنات والمواطنين وبقراره المستقل في الداخل والخارج، النابع من مصلحة الوطن.

إن هذا النظام الديمقراطي الذي سيتخذ شكل الجمهورية الديمقراطية (البرلمانية في نظر حزب العمال الشيوعي التونسي) سيستمد قوته من الشعب، وبالتالي سيرتكز على قاعدة اجتماعية جديدة غير تلك التي كان يرتكز عليها نظام الاستبداد، سيرتكز على العمال والكادحين في المدينة والريف وكافة الفئات الشعبية الأخرى، كما أن قاعدته الاقتصادية ستكون مختلفة إذ أن خيرات البلاد وثرواتها ستكون بيد الشعب المتحرر من كل هيمنة أجنبية يتصرف فيها بطرق ديمقراطية ويوظفها من أجل توفير أسباب العيش الكريم لكافة بناته وأبنائه. إن كل الثروات التي نهبت للشعب ستعاد إليه وسيحاسب كل الذين أجرموا في حقه.

إن الشعب التونسي لا ينشد تغييرا ديمقراطيا سياسيا فحسب بل كذلك تغييرا ديمقراطيا اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا. إن التغير الديمقراطي الذي لا يوفر الشغل والصحة والتعليم والسكن والبيئة السليمة إلى جانب المساواة وحرية التعبير والتنظم والاجتماع والترشح والانتخاب، لأوسع الجماهير الشعبية سيكون تغييرا شكليا، وفي أحسن الظروف جزئيا ومحدودا وقابلا للانتكاس في كل لحظة.

ولا يمكن تحقيق هذا التغيير الديمقراطي، دون التعويل على جماهير الشعب من عمال وكادحين وشباب ونساء ومثقفين ليكونوا صانعي هذا التغيير ورعاته وحماته. إن التغييرات الديمقراطية الجذرية والحقيقية لا يصنعها الأفراد وإنما الشعوب التي تعطيها مضامين سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية. ومن هذا المنطلق فإنه من الضروري العمل على الوصول إلى الشعب التونسي وكسر الحواجز التي تضعها الدكتاتورية النوفمبرية بينه وبين قوى التغيير الديمقراطي في بلادنا. لقد عمل بن علي، بكل ما لديه من وسائل قمعية على ترك الشعب التونسي خارج دائرة المشاركة النشيطة في الحياة السياسية وذلك بحرمانه من ممارسة حقوقه وسيادته. لقد عزل المعارضة السياسية، عن طريق القمع والمحاصرة، عن الشعب حتى تبقى ضعيفة التأثير في مجرى الأحداث، كما عمل بنفس الطريقة، على عزل الشعب عن تلك المعارضة حتى يبقى كتلة غير واعية وغير منظمة وبالتالي يسهل التلاعب بها. ولا يمكن للمعارضة الديمقراطية النجاح في مسعاها دون التصدي لهذا التكتيك أو الأسلوب وتكسيره وإفشاله لأن القمع، حتــــى وإن خلق صعوبات وعراقيل، فإنه لا يمثل عائقا غير قابل للتجاوز، للالتحام بجماهير الشعب. وهو ما أكدته كل التجارب في مختلف أنحاء العالم. إن العائق الحقيقي يكمن في عدم فهم طبيعة الاستبداد وفي عدم الحزم في مقاومته، وفي التعلق بوهم مقرطته من داخل منظومته.

إن الطريق إلى الشعب يمر عبر الالتحام بهمومه ومشاغله وترجمتها إلى مطالب وشعارات وخطط تعبئة ملموسة ومرتبطة بالهدف العام وهو القضاء على الاستبداد. وما أكثر هموم الشعب التونسي ومشاغله اليوم. وقد أكدت أحداث الحوض المنجمي في مطلع عام 2008 أن جماهير الشعب قادرة على النضال والصمود وعلى ابتداع أشكال وأساليب مقاومة لا تخطر على بال قصيري النظر من أهل السياسة، القابعين في عالمهم الضيق، كلما وجدت من يضيء لها الطريق ويساعدها على فهم الفخاخ المنصوبة لها وتفكيكها.

إن استنهاض الشعب على قاعدة مشاغله وهمومه وطموحاته من شأنه أن يؤدي إلى محاصرة الاستبداد وإسقاطه. وفي مثل هذا الوضع ستكون الفرصة سانحة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وذات مصداقية لتعيين مجلس تأسيسي لصياغة الدستور الجديد الذي يضع أسس النظام الديمقراطي المنشود، الجمهورية الديمقراطية المنشودة. وحين ترسي قواعد الديمقراطية في بلادنا لا خوف على المكتسبات التي حققها التونسيات والتونسيون بنضالهم وتضحياتهم والتي تتبدى اليوم أمام أعينهم جراء نظام الاستبداد الذي خرّب ويخرّب كل شيء في البلاد، اقتصاديا واجتماعيا وسياسة وثقافة وأخلاقا.

IIV - جبهة عريضة ضد الاستبداد ومن أجل تحقيق التغيير الديمقراطي الحقيقي

إن حزب العمال الشيوعي التونسي يقترح على أحزاب المعارضة وعلى الجمعيات والمنظمات والشخصيات الديمقراطية المستقلة هذه المحاور للنقاش عساها تشكل الحد الأدنى السياسي للنضال من أجل توفير الشروط الدنيا لتحقيق التغيير الديمقراطي ببلادنا ووضع حد للاستبداد الذي يحكم على مجتمعنا بالتخلف والتقهقر:

1 – رفض نتائج المهزلة الانتخابية وعدم الاعتراف بشرعية المؤسسات الصورية المنبثقة عنها (رئاسة، برلمان...) واعتبارها "مؤسسات أمر واقع" مفروضة عن طريق التزوير والقوة البوليسية الغاشمة، والنضال من أجل حلها وإجراء انتخابات حرة ونزيهة في مناخ حر وهو ما يقتضي:
- توقيف العمل بكافة بنود الدستور التي تقنن الحكم الفردي المطلق وتلغي إمكانية التداول الديمقراطي على الحكم وتضرب استقلالية السلطتين التشريعية والقضائية، في انتظار انتخاب مجلس تأسيسي، تكون مهمته وضع دستور جديد للبلاد يحافظ على المكتسبات ويؤسس نظاما ديمقراطيا حقيقيا.
- إلغاء ترسانة القوانين المنافية للحريات وضمان حرية التعبير والإعلام والتنظم والاجتماع وتجريم انتهاكها. وهو ما من شأنه أن يوفر المناخ لظهور تعددية فكرية وسياسية حقيقية، لا قيود فيها على الإبداع وعلى إصدار النشريات وبعث الإذاعات والقنوات التلفزية وعلى تكوين الجمعيات والمنظمات والأحزاب السياسية وعلى تنظيم الاجتماعات والتظاهرات.
- حل أجهزة البوليس السياسي المرتبط وجودها بقمع الحريات الفردية والعامة وإخضاع كافة الأجهزة الأمنية للمراقبة المباشرة للمؤسسات التمثيلية المنتخبة حال قيامها.
- إطلاق سراح المساجين السياسيين وضمان عودة المهجّرين دون قيد أو شرط وسن قانون العفو التشريعي العام الذي يعيد إلى كل ضحايا القمع حقوقهم المدنية والسياسية ويعوّض لهم ولعائلاتهم عما لحقهم من أضرار مادية ومعنوية.
- ضمان استقلالية القضاء إشرافا (مجلس أعلى منتخب من القضاة) وتنظيما (عدم نقلة القضاة إلا بطلب منهم) وتمويلا (رصد البرلمان المنتخب ميزانية للقضاء يشرف المجلس الأعلى المنتخب على التصرف فيها.
- وضع حد لممارسة التعذيب وفتح تحقيق شامل ومحاسبة المسؤولين عنها أمرا وتنفيذا والتعويض للضحايا ولعائلاتهم.
- تحييد الإدارة ومقرطتها ومنع الارتباط بينها وبين الحزب الحاكم (حلّ الشـّعب المهنية، تعيين المسؤولين الإداريين أو انتخابهم حسب مقياس الكفاءة، إخضاع تصرّف المسؤولين الإداريين لمراقبة الموظفين في الإدارات المعنية ومحاسبتهم...)

2 – مقاومة الفساد: تكوين هيئة مستقلة للتحقيق في الثروات غير المشروعة ومحاسبة المسؤولين عن سوء التصرف في المال والثروة العامين وعن اغتصاب أملاك المواطنين إلخ.

3 – الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين والمواطنات وفي مقدمتها الحق في الشغل وفي العيش الكريم وفي خدمات راقية: علاج وتعليم مجانيان، سكن ونقل وكهرباء وماء بأسعار مناسبة، وفي بيئة سليمة.

إن حزب العمال الشيوعي التونسي يتوجه بهذه المحاور إلى كافة مكونات المعارضة السياسية وإلى مناضلات ومناضلي الجمعيات والمنظمات المستقلة من نقابيين وحقوقيين ومثقفين ومبدعين. إن تكوين جبهة عريضة ضد الاستبداد والفساد ومن أجل تغيير ديمقراطي ببلادنا يعتبر اليوم من ألح المهام.


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني