الصفحة الأساسية > بديل الشباب > الدرس الواجب استخلاصه
في ذكرى حركة فيفري المجيدة:
الدرس الواجب استخلاصه
شباط (فبراير) 2010

صدر هذا النص في بداية شهر فيفري بمناسبة الذكرى 38 لحركة فيفري المجيدة.

تحيي الحركة الطلابية وذراعها النقابي الاتحاد العام لطلبة تونس في بداية هذا الشهر الذكرى السنوية الثامنة والثلاثون لحركة فيفري المجيدة، ويتميّز إحياء ذكرى هذا العام بتصاعد الهجمة القمعية ضدّ مناضلي المنظمة الطلابية سواء عبر المحاكم التي طالت العشرات من الكوادر الطلابية في منوبة وصفاقس والمهدية... أو عبر محاكم/مجالس التأديب التي انتصبت لطرد المناضلات والمناضلين من الدراسة في جامعات القيروان وصفاقس وسوسة... على أن ما يجب ملاحظته منذ البداية هو ثقل الأحكام بالسجن إذ تجاوزت الثلاث سنوات في محاكمة طلبة منوبة ووصلت إلى عام وثمانية أشهر بالنسبة لطلبة المهدية الذين حيّن لهم ملف تعود أحداثه إلى ثلاث سنوات مضت، ونفس الأمر بالنسبة لطلبة سوسة حيث تعود الأحداث التي سيحالون من أجلها على المحاكمة إلى عامين، إن هذه الهجمة المكثفة فضلا عن كونها تأكيد لطبيعة هذه السلطة القهرية، فهي تأتي في سياق استباقي أرادت من خلاله السلطة أن تجهض أيّ نهوض طلابي وهو أمر أشرت على إمكانيته الجدية نضالات المدة المنقضية حيث ظهر للعيان استعداد طلابي لإعلاء وتيرة النضال دفاعا عن حقوق الطلاب المنتهكة، ودفاعا عن حق المنظمة الطلابية في النشاط والعمل، ودفاعا عن حقوق الشعب التونسي في الخبز والحرية والكرامة.

إن الحركة الطلابية وأداتها النقابية، هما في أمسّ الحاجة اليوم للربط مع الماضي النضالي الناصع الذي خطّته الأجيال المتلاحقة، وحريّ بالحركة اليوم الوقوف على محطة فيفري 72 أولا بما تعكسه من رمزية، وثانيا لما تمثله من تجربة فذة تتقاطع بعض تفاصيلها مع ما تعيشه الحركة اليوم، لقد كانت محطة فيفري ردّا نضاليا جماهيريا واسعا ضدّ إرادة العسف والاضطهاد التي تجلت خاصة في أوت 71 بمناسبة انعقاد المؤتمر الثامن عشر للمنظمة الطلابية الذي نجحت المعارضة الديمقراطية في أن تفوز بأغلبية النيابات فيه، وهو أمر لم يرق للسلطة التي تدخّلت بقوة البوليس كي تنهي أشغال المؤتمر وتنصّب قيادة موالية على رأس المنظمة، وخلال ثلاث أو أربع أشهر نجح الديمقراطيون في أن يجندوا الأغلبية الساحقة من القواعد الطلابية التي قالت كلمتها في بداية شهر فيفري 72 حين تحوّل تجمّع طلابي جماهيري في ساحة كلية الحقوق إلى مؤتمر استثنائي للمنظمة الطلابية، هذا المؤتمر كان استثنائيا بكل معاني الكلمة، إذ شاركت فيه القاعدة العريضة وليس فقط نوابها، وكانت أشغاله تجري في الساحة والمدرجات أين صيغت الشعارات التي ستتحول إلى شعارات مركزية للحركة الطلابية التونسية من يومها إلى اليوم، شعارات صاغت بوضوح هوية الحركة وتوجهاتها ومواقفها، كما صاغت هوية المنظمة الطلابية التي يرنو إليها طلبة تونس، وكما في مؤتمر قربة (أوت 71) كان الطلاب على موعد جديد مع عصا البوليس، فتمّ الهجوم على كلية الحقوق يوم 5 فيفري حين كان الطلبة على مشارف اختتام مؤتمرهم، فكانت الإيقافات التي طالت المئات وخاصة الكوادر والقادة، لكن هذا القمع لم يمنع الحركة من مواصلة النضال من أجل إتمام أشغال المؤتمر 18 وصاغت من أجل ذلك برنامج 73 أو ما بات يعرف ببرنامج الهياكل النقابية المؤقتة الذي مثل الإجابة الطلابية الديمقراطية على سياسة التدجين والإلحاق دفاعا عن الاستقلالية التي تشرّف الاتحاد العام لطلبة تونس بتدشينها وريادتها، وها هو الاتحاد يجد نفسه مرة أخرى وبعد 38 عاما يناضل من أجل نفس ما ناضل من أجله جيل 72 وما تلاه من أجيال بما في ذلك جيل ما بعد الانجاز (1988) الذي كثيرا ما وجد نفسه يصارع سلطة ترفض استقلالية المنظمة.

إن منطق السلطة منذ أربعين عاما واليوم هو نفسه: منطق الإلحاق والتدجين ورفض أيّ استقلالية مهما كان حجمها، والويل لمن يفكر في الخروج عن بيت الطاعة وهو أمر تعيشه اليوم كل المنظمات دون استثناء فالعدد القليل من المنظمات المستقلة إمّا منقلب على هيئاته المنتخبة مثل جمعية القضاة ونقابة الصحفيين، وإمّا محاصر وغير معترف به فعليا كاتحاد الطلبة وجمعية النساء الديمقراطيات وجمعية النساء الباحثات حول التنمية أو مغلق بفعل أحكام قضائية/سياسية مثل الرابطة، أو مدجّن عبر شراء قيادته كاتحاد الشغل، وبقية الجمعيات المستقلة فعلا فهي غير معترف بها، وهو نفس الوضع الذي تعيشه الأحزاب، فهي إمّا تابعة، أو قانونية مغضوب عليها، أو غير قانونية، إن هذا المنطق الفاشستي لا يجب أن يقابله إلا منطق واحد هو المنطق الذي احتكم إليه طلبة 72، إنه منطق الوحدة الواسعة من أجل التصدّي الواسع لإرادة القهر والظلم، إن طلبة اليوم الذين يربو عددهم على النصف مليون موزعين على أغلب جهات البلاد لا خيار أمامهم إلا تنظيم المقاومة الجماهيرية دفاعا عن اتحاد مستقل، ديمقراطي، ممثل ومناضل، إن الانتصار على هذه الواجهة من شأنه أن يعزز النضال الطلابي وأن يعيد للحركة الطلابية وهجها ودورها وسمعتها، إن البلاد في حاجة ماسة لحركة طلابية فاعلة ونشيطة، والحركة الديمقراطية والشعبية في أمس الحاجة لحليفها الموضوعي الذي بقوته تقوى وبضعفه تتراجع وتتقهقر كما هو حالها اليوم، فهل استوعب الطلاب درس فيفري؟


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني