الصفحة الأساسية > البديل العربي > تفكيك تاريخ خرافي: كيف تمت فبركة الشعب اليهودي
تفكيك تاريخ خرافي: كيف تمت فبركة الشعب اليهودي
تشرين الأول (أكتوبر) 2008

إن أحد أهم الخرافات التي تأسّس عليها الكيان الصهيوني، وجود "شعب" أو "أمة" يهودية كانت تعيش على أرض فلسطين منذ ما يزيد على ألفي سنة، ثم وقع تشتيت هذه "الأمة" وإرغامها على المنفى ولكنها حافظت على وحدتها على أمل العودة إلى أرضها وهو ما تحقق لها في القرن العشرين.

وقد رفض الماركسيون هذه الخرافة أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. وكان لينين قائد الثورة البلشفية والاتحاد السوفياتي دحض نظريا فكرة "الأمة اليهودية" وبيـّن طابعها الرجعي، مشيرا إلى أن معتنقي اليهودية لا يشكلون لا شعبا ولا أمة بذاتها وإنما هم أجزاء من الشعوب والأمم التي يعيشون ضمنها. وبعد أن طغت النظريات الصهيونية على التاريخ الغربي لمدة من الزمن، بدأت العديد من الأصوات التي تحركها الحقيقة العلمية بما في ذلك في صفوف اليهود التقدميين، تدعو إلى مراجعة تلك النظريات اللاتاريخية وتفكيكها. ومن بين هؤلاء شلومو ساند، صاحب كتاب "كيف تمت فبركة الشعب اليهودي"، الصادر في سبتمبر 2008 باللغة الفرنسية. وننشر في ما يلي حوصلة له صادرة بجريد "لوموند ديبلوماتيك" سبتمبر 2008، للاطلاع عليها، رغم ما في الكتاب من هنات قابلة للنقاش. وتذكرنا هذه الحوصلة بالنص الذي كتبه قبل سنوات الراحل جورج عدة والذي بيّن فيه أن أرض فلسطين هي للفلسطينيين وأنّ الأمّة اليهودية خرافة مفبركة لأغراض استعمارية. في ما يلي المقال:

هل يشكل اليهود شعبا؟ عن هذا السؤال القديم يقدم مؤرخ يهودي إجابة جديدة. فخلافا للفكرة الشائعة لم ينشأ الشتات من طرد عبرانيي فلسطين ولكن من تحولات متلاحقة في إفريقيا الشمالية وجنوب أوروبا والشرق الأوسط. هذا هو الذي يزعزع أحد أركان الفكر الصهيوني الذي يريد لليهود أن يكونوا منحدرين من مملكة داود، لا ورثة محاربين بربر أو فرسان خازار.
لا يخامر الشك أي إسرائيلي في كون الشعب اليهودي وُجد منذ أن تلقى التوراة في سيناء وفي كونه أصيل تلك الأرضر حصرا. وكل إسرائيلي على قناعة بأن هذا الشعب، وقد خرج من مصر، صوب نظره نحو "الأرض الموعودة" حيث تم تشييد "مملكة داود وسليمان المجيدة"، التي انقسمت فيما بعد إلى مملكتي "يهودا" و"إسرائيل". لا أحد "يجهل" أنه عرف المنفى مرتين: بعد تهديم الهيكل الأول في القرن السادس قبل الميلاد ثم عقب تهديم الهيكل الثاني في السنة 70 بعد الميلاد. وجرى ذلك بالنسبة إليه تيها دام نحو ألفي سنة. وقاده الترحّل نحو اليمن والمغرب، وإلى إسبانيا وألمانيا وبولونيا وإلى عمق روسيا، دون أن يتسبب ذلك في قطع روابط الدم ما بين مجموعاته المتباعدة. وهكذا لم يطرأ ما يفسد وحدته. وفي موفى القرن التاسع عشر نضجت الظروف لعودته إلى "الوطن القديم". وحتى من دون المذبحة النازية، كان ملايين اليهود سيعيدون سكنى "أرض إسرائيل" (Eretz Irael) بما أنها مناط أحلامهم منذ عشرين قرنا.

عذراء كانت فلسطين إذن تنتظر أن يأتي "شعبها الأصلي" كي يعمل على إعادة إزدهارها، بما أنها أرضه لا أرض تلك "الأقلية العربية"، "فاقدة التاريخ"، التي "حملتها الصدفة" هناك. ومن ثمة فالحروب التي خاضها الشعب الشريد كي يستعيد ملكية أرضه كانت "حروبا عادلة"، أما المواجهة العنيفة التي واجهه بها السكان المحليون فـ"إجرامية".

من أين جاءت قراءة التاريخ اليهودي على هذا النحو؟ هي في الواقع حصيلة باعُ معيدي بناء الماضي الذين اشتغلوا منذ النصف الثاني للقرن التاسع عشر، وأتاح لهم خيالهم أن يخترعوا، على قاعدة أمشاج ذاكرة دينية، يهودية ومسيحية، تسلسلا سلاليا مسترسلا للشعب اليهودي. وإذا كانت المادة التاريخية الغزيرة الخاصة باليهودية تتضمن، يقينا، تعددا في المقاربات فإن السجال داخلها لم يضع موضع المراجعة قط المفاهيم الأساسية المبلورة أساسا في موفى القرن 19 ومطلع القرن 20.

وحين كانت تظهر كشوف من شأنها مخالفة صورة الماضي المسطر لم تظفر بأي صدى تقريبا. فقد كان الدافع القومي الذي هو بمثابة الفك المغلق غلقا شديدا يُعطّل كل نوع من التناقض والعدول عن الرواية السائدة. وقد ساهمت مساهمة واسعة في هذا "الفالح الشقي" (hémiplégie) العجيبة الهيئات المتخصصة في "إنتاج المعرفة" حول الماضي اليهودي –الأقسام المجعولة حصرا لخدمة "تاريخ الشعب اليهودي" والمفصولة عن أقسام التاريخ المسمى في إسرائيل بـ"التاريخ العام" وحتى النقاش ذو الطابع التشريعي حول "من هو اليهودي؟" لم يشغل هؤلاء المؤرخين. فاليهودي بالنسبة إليهم هو كل منحدر من الشعب الذي حـُمل على المنفى قبل ألفي سنة.

هؤلاء الباحثون في الماضي "المرخص لهم" لم يشاركوا قط في نقاشات "المؤرخين الجدد" التي شهدتها أواخر سنة 1980. وقد جاء جل المساهمين في هذا النقاش العام، وكان العدد الجملي محدودا، من اختصاصات أخرى أو من آفاق جامعية مترامية: سوسيولوجيون، مستشرقون، لسانيون، جغرافيون، اختصاصيو علوم سياسية، باحثون في الأدب، آثاريون. هؤلاء بلوروا أفكارا جديدة حول الماضي اليهودي والصهيوني. ومن ضمنهم أيضا أصحاب شهائد قادمون من الخارج. ولم يكن تتناهى من "أقسام التاريخ اليهودي" –خلافا لذلك- سوى أصداء متوحشة ومحافظة، مرشحة ببلاغة تمجيدية من الأفكار الجاهزة.

اليهودية ديانة

واختصارا، ففي 60 عاما، لم ينضج التاريخ القومي إلا قليلا جدا، ولا يبدو أنه سيشهد نموا على المدى المنظور. ومع ذلك تطرح الوقائع التي سلط الباحثون عليها الضوء أمام كل مؤرخ نزيه أسئلة محيرة للوهلة الأولى، لكنها جوهرية.
هل يمكن اعتبار الإنجيل بمثابة كتاب تاريخ؟ أوائل المؤرخين اليهود المعاصرين أمثال "إسحاق مركوس جوست" و"ليوبولد زونز"، في المنتصف الأول من القرن التاسع عشر، لم يكونوا يرونه كذلك، بل كان العهد القديم في نظرهم، عبارة عن كتاب شريعة مكون للجماعات اليهودية عقب تهديم الهيكل الأول. وكان لا بد من انتظار النصف الثاني من القرن نفسه للعثور على مؤرخين، وفي مقدمتهم "هنريش غراتز"، يحملون رؤية "قومية" للإنجيل. فقد حولوا توجه إبراهيم نحو كنعان، والخروج من مصر أو حتى مملكة داود وسليمان الموحدة إلى حكايات تحكي ماضيا قوميا حقيقيا. ولم يبرح المؤرخون الصهاينة، من وقتها، يرددون هذه "الحقائق الإنجيلية" التي غدت خبرا يوميا للتربية القومية، لولا أنه خلال سنوات 1980 زلزلت الأرض وهزت معها هذه التخاريف المؤسسة، فإن اكتشافات "الأركيولوجيا الجديدة" جاءت تدحض إمكانية حدوث هجرة كبيرة في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، على جانب كون موسى لم يقدر على إخراج العبرانيين من مصر والتوجه بهم نحو "الأرض الموعودة" لسبب بسيط هو أن هذه الأرض كانت وقتها بين أيدي المصريين. ولا وجود لأي أثر شاهد على تمرد عبيد داخل إمبراطورية الفراعنة، وعلى تعرض بلاد الكنعانيين لغزو سريع من قبل عنصر أجنبي. كما لا وجود إطلاقا لعلامة أو أثر يذكر بمملكة داود وسليمان الباذخة. وتظهر اكتشافات العقد المنصرم وجود مملكتين صغيرتين في ذلك العصر: إسرائيل، وهي الأقوى، ويهوذا، التي ستسمى "يهودَا" مستقبلا، وسكان هذه الأخيرة لم يتعرضوا إطلاقا للنفي في القرن السادس قبل الميلاد. وقد كان على نخبها السياسية والفكرية دون سواها أن تستقر ببابل. وبهذا اللقاء الحاسم مع العبادات الفارسية سينشأ التوحيد اليهودي. فهل حصل النفي المنسوب إلى سنة 70 ميلادي فعلا؟

من الغريب أن هذا "الحدث المؤسس" في تاريخ اليهود والذي يستمد منه الشتات أصله، لم يجد له مكانا في أي كتاب بحث. أما السبب فواضح وهو أن الرومان لم ينفوا أي شعب على امتداد كامل الضفة الشرقية للمتوسط. وباستثناء الأسرى المحولين إلى عبيد واصل سكان"يهودا" حياتهم فوق أراضيهم، حتى بعد تهديم الهيكل الثاني. وقد اعتنق جزء منهم المسيحية في القرن الرابع بينما أسلمت الغالبية العظمى منهم أثناء الغزو (أو الفتح) العربي في القرن السابع. وجل المفكرين الصهاينة لا يجهلون شيئا من ذلك، فإسحاق بن زفي، الرئيس القادم لدولة إسرائيل، تماما مثل دافيد بن غريون، مؤسس الدولة، كتباه حتى 1929 سنة الانتفاضة الفلسطينية الكبرى. وكلاهما ذكر عديد المرات كون فلاحي فلسطين ينحدرون من سكان "يهودا" القديمة.

وفي ظل انعدام تهجير انطلاقا من فلسطين المُروْمَنة ما هي مآتي اليهود العديدين الذين سكنوا محيط المتوسط منذ القديم؟ تختبئ وراء ستار الرواية التاريخية القومية حقيقة تاريخية مدهشة. ما بين تمرد الماكابيين (Maccabées) في القرن الثاني قبل الميلاد إلى تمرد بار-كخبة (Bar-Kokhba) في القرن الثاني ميلادي كانت اليهودية الديانة الأولى التبشيرية. وكان الأسمونيون) (les asmonées قد ديّنوا بالقوة بعدُ الأيدوميي (les Iduméens) جنوب "يهودا" وإيتوريي الجليل les Ituréens du Galilée)) وألحقوهم بـ "شعب إسرائيل". وانطلاقا من هذه المملكة اليهودية الهيلينية انتشرت اليهودية في الشرق الأدنى بكامله وعلى دائر المتوسط. وفي القرن الأول الميلادي ظهرت، بكردستان الحالي، مملكة أديابان اليهودية التي لن تكون المملكة الأخيرة التي تهود، بل ستلحقها أخريات فيما بعد.وكتابات فلافيوس جوزاف لا تشكل الشاهد الوحيد على الحماسة التبشيرية لليهود. فمن "هوراس" إلى "سيناك"، ومن "جوفينال" إلى "تاسيت"، عديدون هم الكتاب اللاتينيون الذين عبروا عن خشيتهم. إن "المشنى" و"التلمود" يبيحان هذه الممارسة الارتدادية حتى وإن حكماء السنة التلمودية سيعبرون، أمام الضغط المتنامي للمسيحية عن بعض التحفظ تجاهها. والنصر الذي عرفته ديانة عيسى في مطلع القرن الرابع لم يضع حدا لتوسع اليهودية على هوامش العالم الثقافي المسيحي. وهكذا ظهرت في القرن الخامس حيث اليمن حاليا مملكة يهودية نشيطة تحمل اسم حمير، وسيحافظ منحدروها على معتقدهم بعد انتصار الإسلام وحتى العصور الحديثة. وسيفيدنا الإخباريون العرب كذلك بوجود قبائل بربرية معتنقة للديانة اليهودية، وكانت قد ظهرت الشخصية الأسطورية، في القرن السابع، في مواجهة الزحف العربي الذي بلغ شمال إفريقيا في نهايات هذا القرن، شخصية الأميرة اليهودية، الكاهنة، التي حاولت إعاقة تقدمه. وسيشارك بربر متهوّدون بنصيبهم في الغزو (الفتح) العربي لشبه الجزيرة الإيبيرية وسيضعون هناك أسس الاندماج المتميز ما بين يهود ومسلمين . هذه الخصيصة المائزة للثقافة الإسبانية-العربية.

وقد حصل التحول العددي الهائل والأدل في اعتناق الديانة اليهودية بين البحر الأسود وبحر قزوين، وهو يشمل مملكة الخزار الشاسعة، في القرن الثامن ميلادي. ومسّ توسع اليهودية من القوقاز على أوكرانيا الحالية عدة مجموعات بشرية دفعت بكثرتها الغزوات المنغولية في القرن الثالث عشر ميلادي نحو شرق أوروبا. وهناك، ومع اليهود القادمين من المناطق السلافية الجنوبية ومن الأراضي الألمانية الحالية، ستضع أسس ثقافة يدية (Yiddish) الكبرى (اليدية هي لغة ألمانية ينطق بها يهود أوروبا الوسطى والاتحاد السوفياتي سابقا – المترجم).

هذه الروايات الخاصة بالأصول المتعددة لليهود توجد، على نحو متردد، في مدونة التاريخ الصهيوني إلى سنوات 1960، قبل أن يتم تهميشها تدريجيا وقبل أن تختفي من الذاكرة العمومية الإسرائيلية. ومحتلو "حيّ داود" سنة 1967 فعلوا ذلك كـ"منحدرين" مباشرة من مملكته الخرافية لا –لا سمح الله- باعتبارهم أحفاد محاربين بربر أو فرسان خازار. ويتقدم اليهود إذن في صورة الشعب الذي، بعد ألفي سنة من المنفى والتيه، انتهى بالعودة إلى القدس، عاصمته. والقائلون بهذه الرواية الخطية وغير القابلة للتقسيم لا يعبّئون مادة التاريخ فحسب بالمؤسسات التعليمية، بل يسخـّرون البيولوجيا كذلك. فمنذ سنوات 1970 تجتهد سلسلة من الأبحاث "العلمية" بكل الوسائل في بيان التقارب السلالي (الجيني) ليهود العالم قاطبة. وسيمثل "البحث في أصول الجماعات السكانية" حقلا من الحقول ذات الشرعية والشعبية للبيولوجيا الذرية بينما احتل الكروموزوم المذكّر محل الشرف بجنب كليو clio يهودية في بحث جامع عن وحدانية أصل "الشعب المختار".

هذا التصور للتاريخ يشكل أساس السياسة المتعلقة بالهوية لدولة إسرائيل. وهنا تحديدا يجرح السرج ! حين يفتح (التصور) الباب أمام تعريف جوهراني وعرقي (essentialiste et ethnocentriste) لليهودية، مغذيا على هذا النحو تمييز اليهود من غير اليهود عربا كانوا كما وافدين روسا أو عمالا مهاجرين.

إن إسرائيل، ستين عاما بعد تأسيسها، ترفض أن ترى نفسها جمهورية لكافة مواطنيها، فقرابة ربع هؤلاء ليسوا معتبرين في عداد اليهود، وحسب روح قوانينها،هذه الدولة ما هي بدولتهم. ومع ذلك ما انفكت إسرائيل تقدم نفسها على أنها دولة يهود العالم كله، حتى والأمر لم يعد يتعلق بلاجئين مضطهدين بل يتعلق بمواطنين كاملي الحق يعيشون على قدم المساواة داخل البلدان التي يقيمون فيها. وبعبارة أخرى، فإن سلطة إتنية بلا حدود (اتنوكراسيا ethnocratie) تبرر سياسة الميز القاسية التي تمارسها ضد قسم من مواطنيها مستحضرة خرافة الأمة الخالدة المعاد تشكيلها كي تتجمع فوق "أرض الأجداد".

إن كتابة تاريخ يهودي جديد، خارج الدائرة الصهيونية، ليس بالأمر الهين. فالضوء الذي ينكسر عليها يتحول إلى ألوان إتنية مركزة ومؤيدة، والحال أن اليهود شكلوا دائما مجموعات دينية تكونت غالبا عن طريق اعتناق الديانة اليهودية في أنحاء مختلفة من العالم. فهي لا تمثل "إتنوس" ethnos حاملا لأصل وحيد بذاته ومن شأنه أن يكون قد تنقل على مدى تيه عشرين قرنا.

وكما هو معلوم، فإن تطور أي تاريخانية شأنه شأن السيرورة المعاصرة، كلاهما يقضي وقتا في اختراع الأمة. فهذه قد شغلت ملايين البشر في القرن 19 وطيلة جزء من القرن 20، الذي شهد موفاه هذه الأحلام وقد بدأت تنكسر. عدد متزايد من الباحثين يحلل ويفكك ويعيد تركيب الروايات القومية الكبرى، وخاصة الخرافات المتعلقة بالأصل الواحد، والعزيزة على أخبار الماضي. وكوابيس الأمس الهوياتية ستترك مكانها، غدا، لأحلام أخرى حول محور الهوية. وعلى غرار كل شخصية مصنوعة من هويات مائعة ومتنوعة، فإن التاريخ هو أيضا عبارة عن هوية في حالة حراك.

بقلم شلومو ساند
مؤرخ، أستاذ بجامعة تل أبيب، مؤلف كتاب: كيف تم اختراع الشعب اليهودي، صدر عن دار فايار في سبتمبر 2008.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني