الصفحة الأساسية > بديل الشباب > سجناء الحركة الطلابية: شمعة أخرى تنير الظلام...
سجناء الحركة الطلابية: شمعة أخرى تنير الظلام...
26 نيسان (أبريل) 2010

بعد طول انتظار أصدرت المحكمة الإستئنافية بتونس حكمها النهائي في حق الطلبة في ما عرف بقضية طلبة "مبيت الياسمين" بمنوبة، حيث تراوحت الأحكام بين السجن لفترة تتراوح من سنة نافذة إلى سنة ونصف وبين الحكم من ستة أشهر إلى عام مع تأجيل التنفيذ.

وقد تابع أطوار هذه المحاكمة العديد من الحقوقيين ومن مناضلي الحركة الطلابية والديمقراطية الذين أكدوا جميعا الطابع الكيدي للمحاكمة التي وإن كانت تحت عناوين "حق عام" فإنها لم تنجح في إخفاء الاستهداف المباشر والمتواصل على مدى عقود للمنظمة الطلابية، لا سيّما وأنّ المحالين في القضية هم مسؤولون نقابيون بالإتحاد العام لطلبة تونس قد تمت عملية إيقافهم الهمجي بالمبيت الجامعي الياسمين بمنوبة لمّا كانوا معتصمين من أجل الحق في السكن الجامعي.

هكذا أقرّت المحكمة "الإدانة" لهؤلاء المناضلين الذين اختاروا الوفاء لإرث الحركة الطلابية المناضلة والشعبية وتحمّلوا مسؤولياتهم التاريخية تجاه شابات وشبان تونس من أجل حياة طلابية كريمة ومستقبل مشرق بعيدا عن خطابات الدمغجة الفجة من قبل سلطة توظف كافة أجهزتها التشريعية والتنفيذية والقضائية لصالح خياراتها اللاديمقراطية واللاشعبية واللاوطنية.

يُدان أبناء منوبة لرفضهم أن يكونوا مجرّد أرقام باهتة تفتخر بها السلطة حول ما حققته من تقدم وتطور في التعليم العالي، فهم آلوا على أنفسهم مشقة النضال في ظل الديكتاتورية وانحازوا إلى جانب أبناء شعبهم من المفقرين والمحرومين.

يُدان أبناء الفاضل ساسي ونبيل بركاتي وبنات فاطمة البحري لأنهم من سلالة شهداء الحركة الوطنية والحركة العمالية ولأنهم رفضوا أن يعبّروا عن غضبهم ورفضهم للقمع والتهميش والإقصاء في العلب الليلية وفي مدارج الكرة.

ربما كان عليهم التفصي من الإتحاد العام لطلبة تونس أو على الأقل التعاطي السلبي مع واقع الإتحاد المشتت والمحاصر، لا أن يرفعوا شعار المؤتمر الموحد ويستميتون في الدفاع عنه للخروج بالمنظمة الطلابية من حالة الدفاع عن الوجود إلى حالة الدفاع عن المصالح العليا للطلاب ومواجهة السياسات التعليمية المشوهة لمستقبلهم وافتكاك الحق في التعليم المجاني والديمقراطي والحق في السكن الجامعي اللائق والأكلة المحترمة والحق في النقل المجاني.

ربما كان عليهم الالتحاق بإحدى الشعب الدستورية كي يقتنع طغاة تونس ببراءتهم من حبّ هذا الوطن وعشق هذا الشعب الأبيّ، وكي يطبّلوا لهم لدى حلولهم في المناسبات "النضالية" بدل أن يستقبلوا بالخف والكف والركل والشتم والسب والضرب في مخافر البوليس والسجون.

ربما كان على من تشبع بقيم حركة فيفري المجيدة وانتفاضة الخبز الخالدة ومن تجربة آفاق والعامل التونسي ومن شعارات الحركة الطلابية التقدمية المنحازة لقضايا الكادحين والشعوب المضطهدة أن يرتموا في أحضان الفكر السلفي المتحجر، كي تقنع السلطة العالم بأنها تحاكم "الإرهابيين" و"القتلة".

ربما كان على من ترعرع على قيم "الرجولة" أن يتحوّل إلى مخبر ومخرّب داخل الحركة الطلابية وداخل ذراعها التنظيمية الإتحاد العام لطلبة تونس كي تكافئهم السلطة بالمال والجاه بدل التشريد والمعتقلات و"السيلونات".

إن رفاقنا القابعين خلف الزنازين الباردة يستلهمون صمودهم ضد جلاديهم من إيمانهم أن طريق الحرية معبّدة بالأشواك وأن منظمتهم تستحق منهم مثل هذه التضحيات الجسام حتى وإن غاب عن إعلامنا "الوطني جدا" كشف النقاب، فإن التاريخ لن يحرمهم من شرف الإنتماء إلى جيل يقاوم زمن الردة والجزر.

كما يعلم الأبطال أنيس بن فرج وعمر إلاهي وزهير الزويدي وضمير بن عليّة والصحبي ابراهيم وطارق الزّحزاح وعبد القادر الهاشمي وعبد الوهاب العرفاوي أن صمودهم جزء لا يتجزأ من نضال الشرفاء في تونس للحفاظ على استقلالية منظماتهم النقابية والحقوقية والمهنية، أي جزء من نضال التونسيين من أجل الحرية السياسية والديمقراطية والعدالة الإجتماعية.

إن الحركة الطلابية والديمقراطية والنقابية مطالبة اليوم بالإلتفاف حول الإتحاد العام لطلبة تونس وحول مساجينه ومطروديه ومشرديه كي تستعيد الجامعة بريقها بعلمائها وبمناضليها وبشبابها الطامح لوطن حرّ، وإنّ غدا لناظره قريب.

بلقاسم بنعبدالله


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني