الصفحة الأساسية > بديل الشباب > مكان أحمد شاكر بن ضيّة مدارج الكليات وليس الزنزانة......
مكان أحمد شاكر بن ضيّة مدارج الكليات وليس الزنزانة......
6 آذار (مارس) 2008

الرسالة الثالثة لأحمد شاكر بن ضّية من داخل السجن: أوراق سجنية مهداة للإخوة والرفاق بالإتحاد العام لطلبة تونس أرادها أن تكون على شاكلة كتاب" إعدام سجان" للدكتور عصمت سيف الدولة".

ولد طالب الحقوق بكلية الحقوق والعلوم السياسية والإقتصادية بسوسة أحمد شاكر بن ضّية بمدينة القيروان في غرة سبتمبر 1982 وهو طالب قومي ناصري وشاعر متحصل على عديد الجوائز الإبداعية في الشعر العربي وشارك في العديد من الندوات والملتقيات الشعرية، تم اعتقاله يوم 27 ديسمبر2007 على إثر التحركات الطلابية الإحتجاجية التي شهدتها بعض الأجزاء الجامعية بسوسة منتصف شهر نوفمبر 2007 ومازال إلى حد الآن موقوفا على ذمة التحقيق صحبة عديد الطلبة الناصريين واليساريين، وفيما يلي رسالته الثانية من داخل السجن لإخوته ورفاقه بالإتحاد العام لطلبة تونس والحركة الطلابية:

باسم الله الرحمان الرحيم

"أوراق الزنزانة 2"

(الجزء الثاني)

الآن تعرف

أن صمتك لم يكن خشبا

و لا ذهبا...

و أنّك حين تصمت

يصعدون إلى فمك

أبدأت تحصي أضلعك

كم من ضلوعك

و الحصار يضيق

قد وقفت معك

-معين بسيسو-

"معتقل المسعدين"...

يبدو أنه الوصف الأنسب لهذا المكان من كلمة "سجن"، وهكذا يسميه السواد الأعظم من المساجين هنا،و ذلك مقارنة ببقية سجون القطر التي إرتادوها، بداية من هندسته المعمارية الخانقة(ضيق مفرط وانغلاق شديد, حتى أن الهواء يصلنا بقا و عفنا في بعض الأحيان) مرورا بمدى قسوة نظامه الداخلي و وصولا إلى درجة الإذلال و الإهانة التي يعامل بها السجن، والله على ما يصفون شهيد.

بدأت أقتنع بهذه التسمية أيضا و لأسباب أخرى:فهذا المكان أخذ يمتلئ من زملائي و رفاقي مناضلي "الإتحاد العام لطلبة تونس" اليوم بعد الآخر و الواحد تلو الآخر، وهذا المكان لا يكتفي بحبسنا دون العالم الخارجي بل يحبسه دوننا أيضا..

في معتقل المسعدين، من المفترض أن تصلك الأخبار -طبعا بعد تنظيفها- عن طريق وسائل الإذعان "الإقليمية" غير أن المساجين الذين يتقافزون بين قنوات "الصرف التلفزي" الثلاث المسموح بها، لا يتركون مجالا لنشرات الأخبار المغسولة للنفوذ منها، فهؤلاء المساجين الذين زجّ النظام "الشرعي" "الوطني" "العادل" "الديمقراطي"... بالكثير منهم هنا، من أجل تناول أو ترويج مواد مخدرة، لهم فرصتهم التي يمنحها إياهم نفس النظام في تناول جرعاتهم اليومية من المخدرات الرسمية التي يروجها عبر هذه القنوات (كوكايين، غوغاء خليعة، أقراص مخدرة من فئة برامج الألعاب المراهنات، حشيش، مسلسلات نابية...)

«بلاد الناس تملأ

أبيض الأشياء إنسانا

و توصله إلى ألوانه

و أنا بلادي..

تفرغ الإنسان

من إنسانه

وتظل ظمأى للأبد»

ونظرا لما سبق فإن القلة القليلة المهتمة بأخبار ما وراء أسوار المسعدين تلتجئ إلى الجرائد، وفي السجن لا تصل طبعا إلا الصحافة المأجورة تلك التي ترقص على ملهى صحافتها أقلام المرتزقة من أبواق السلطة.

وبما أنني لا أستعمل المخدرات، وبما أني أتفق مع "أحلام مستغانمي" في أن هناك جرائد يجب أن تغسل يديك منها بعد تصفحها، فما بالك إن لم أرد أن تتسخ يدي أصلا، فإني أبقى معزولا وغائبا تماما عما يحدث خارج هذه القضبان.

...لكن فجأة جاءت الأخبار، جاءني بها الأستاذ المحامي المناضل "هشام القرفي"، كانت أخبار حزينة ومؤلمة، لكنها في الحقيقة رغم ما أثارته في من ألم جعلتني أزداد شعورا وتمثلا للوحدة ولو كانت وحدة المعاناة، وزادتني ثباتا على مبادئي التي دخلت من أجلها السجن.

ها قد تحولت غزة إلى سجن يضيق على أبنائها ويجعل دونهم كل أساسيات الحياة وآلة الإحتلال الصهيوني تمطرهم جحيمها من كل الجهات....

هو نفس العدة الذي يحاصر الآن غزة ذلك الذي مزق الوطن العربي ورفع بين أراضيه الحواجز حتى حوّل الأقطار العربية إلى سجون تضيق على سكانها ووكّل أنظمة قطرية عميلة "سجّانه" لحراسة الحدود الإقليمية لهذه الأقطار ولتعطيل مشروع تحرر ثم وحدة هذه الأمة.
وذلك العدو الذي يعتقل مناضلي غزة و شرفاءها ويقتل فيها أمهاتنا وآبائنا وأخواتنا وأبنائنا هو نفسه الذي يعتقل مناضلي الحرية في كل شبر من هذه الأرض الطاهرة وهو الذي يمنع أبناء شعبنا العربي في تونس من التعبير عن احتجاجه السلمي لما يتعرض له أهلنا في غزة.

ذلك العدو الذي يتفنن في القمع والقهر والتعذيب لم يفهم بعد أننا أمة صامدة ولن يستطيع إضعاف عزيمتها بأساليبه القذرة.
«لا تخف إننا أمة لو جهنم صبت على رأسها واقفة ما حنى الدهر مرة إنما تنحني كي تعين المقابر إن سقطت أن تقوم،تتم مهمتها الهادفة». - مظفر النواب-

سلاما أرضي العربية بغزة، سلامي أهلي المحاصرون لست أتضامن معكم بل أتوحد معكم في أوجاعكم....

وإن كان كل فرد في هذه الأمة يساهم حسب موقعها، فإني وحسب موقعي (معتقل المسعدين) سأساهم بالكتابة لفضح هذا العدو ووكلائه من الأنظمة القطرية العملية.... (يتبع إن شاء الله).

الطالب القومي الناصري أحمد شاكر بن ضية

سجن المسعدين

سوسة في 6 فيفري 2008


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني