الصفحة الأساسية > البديل الثقافي > أبَجَدْ هَوَزٌ... حُبِّي كَلَمٌ**. !
أضْـــوَاء وظِــــلاَل*:
أبَجَدْ هَوَزٌ... حُبِّي كَلَمٌ**. !
5 تشرين الثاني (نوفمبر) 2010

بقلـم: رضا البركاتي
ridhabarkati@gmail.com

وانسدل الستار على الدّورة الثالثة والعشرين لأيّام قرطاج السينمائية.

أ‌. إختيار الطالب المتردّد.

تفحّص البرنامج الذي تقترحه القاعات عشيّة الثلاثاء فاختار يحتوي ستّة أفلام قصيرة تونسية. انبهر بالمستوى الذي بلغه المخرجون الشبان في الجانب التقني. هناك قدرة متأكّدة على مسك الكاميرا وحسنُ تصرّفٍ في فنون التعبير السينمائي وصل في واحد منها إلى حدّ اللّعب بها. فالكاميرا تدخل مستشفى وتلفّ في كلّ الأروقة والفضاءات دون توقّف مخترقة الجدران. لا انقطاع تدخل بك من هنا وتمرق من حيث اتفق، لا يحدّها حاجز ولا يضبط حركتها. إنّه تمرين تقني. كما تعرّض شريط أخر إلى آفة الرقابة فأبدع في طرحها بطريقة تقنية بسيطة لكن جدّ معبّرة، وتتمثّل في اعتماد الشريط الصوتي. هناك معجم محرّم لأنّه يحيل على قضايا حارقة مثل الرديف.

هذا جيل جديد من السينمائيين يتملّك تقنيات الفنّ السينمائي ويدخل السّاحة بكلّ جدارة. ولكن ماذا ينتظره؟ ماذا أعددنا له؟ ما هي حال قطاع السينما؟ ومهن السّينما؟ وأطر الإنتاج؟ ونظام الدّعم؟...

ب‌. تحيّة لـ"أسماء الفنّي" !

نظّم نادي السينما "أسماء الفنّي" عرضين لشريط نصر الدين السهيلي "الشاق واق" بفضاء حركة التجديد عشيّة الثلاثاء وجاء هذا تبعا لمنع عرضه بقاعة أفريكا يوم الجمعة الفارط في أطار "العرض الأوّل" للأفلام التونسية عشيّة انطلاق المهرجان.

تحيّة لحركة نوادي السينما، حارسة النار المقدّسة. ولْتُشِعَّ ذكرى "أسماء الفنّي" رفيقة دروب "الأضواء والظلال" التي ستظلّ دوما في البال.

وتجدر الملاحظة أنّ الشريط "المشاكس" تمّ عرضه في إطار المهرجان بقسم "بانوراما" يوم الأربعاء أمّا العرض الأخير، مساء الأحد، بقاعة دار الثقافة ابن رشيق، فقد تعرّض لمضايقات تمثلت في غلق الأبواب وادعاء لأنّ القاعة امتلأت في حين أنّ أماكن عديدة كانت شاغرة وأن "البلكون" لا يوجد به أيّ متفرّج ورابط أمام القاعة عشرات أصرّوا على الدخول فتمكنوا من ذلك بعد بعد عرض أربعة أفلام وقبيل عرض "الشاق واق".

هكذا أمكن للجمهور أن يشاهد الشريط وأن يتفاعل معه بكلّ حريّة. أمّا منعه وتعطيله فسابقة بل هي لاحقة نتمنّى أن تكون آخرة أخيرة وأن لا تتكرّر.

ج‌. لتُفْتَحْ الأبواب أمام الشباب.!

يجب أن لا ننسى أنّ أيّام قرطاج السينمائية بُعِثَتْ من مخاض حركة نوادي السينما ولعلّ ذلك ما أعطاها روحا وشخصية وخيارا وانحيازا. هو مهرجان قام بالجمهور للجمهور.

يظنّ البعض أنّ المهرجان يجب أن تلفّه الأضواء المتلألئة والبهرج وأن يقع الاحتفاء بنجومه البساط على غرار "كان" و"هوليود" لذلك لا يحتاج إلى "المتطفلين" من الجمعيات والنوادي السينمائية، إلى تلك الأصوات الناشزة والحضور المشاكس وهرج نوادي السينما.

إنّ ذاك الذي يسمّى على وجه المغالطة والتسويف "هرجا" و"تشويشا" إنّما هو إرهاصُ وتجدّدُ المجتمع وانبعاثه من القديم المهترئ. هو مخاضُ الإبداع وصهرٌ للجديد وإعادة بناء على أسس أمتن وأكثر عمقا.

إنّما المهرجان حلقة في سلسلة الحياة الثقافية عامة والسينمائية خاصة تُتوِّجُ نشاطا يبدأ برفع الحصار على نوادي السينما وفتح دور الثقافة الموصودة في وجه النشطاء ودعم حضور الصورة والسّينما في برامج التدريس ومراجعة بوصلة شبكة برامج القنوات التلفزية المعدّلة على هلال رمضان والمقابلات الكروية.

إنّ إجراءات أكيدة كهذه لا تستوجب درجة عالية من الذكاء بل حدّا أدنى من تحمّل المسؤولية، وهي لكفيلة بأن تبعث دما جديدا لا في أيّام قرطاج السينمائية فحسب بل في حياة تونس الثقافية.

إنّ مجتمعا لا تعتمل فيه حركة شبابية في النوادي والجامعة والساحة الثقافية والفكرية هو مجتمع نائم مخدّر عقيم لا مستقبل له...

د. الزمن المدرسي ومواعيد "تانيت".!

ولا يخفى على أحد أنّ التلامزة والطلاب يمثّلون أكبر نسبة من جمهور المهرجان، لذلك نقول لم لا يكون تنظيم المهرجان خلال العطلة المدرسية؟ أو لنقل بما أنّ العطل المدرسية غير ثابتة وأصبحت أشبه بالعطل الدينية الخاضعة لسنّة الرؤية ويكثر فيها الأخذ والردّ والتردّد فإنّنا نقترح على الباحثين في الزمن المدرسي أن يُزامِنوا العطلة المدرسية وأيّام قرطاج (السينمائية سنةً والمسرحية في السنة الموالية).

أوليس هو مهرجان عريق ومختص فلم لا تجعله المدرسة بوصلة وهي التي تعلن دوما عن عزمها على الالتفات إلى الفنّ السابع (والرابع أيضا) معترفة أنّ العصرَ عصرُ الصورة وأنّه من واجبات المدرسة المنفتحة على المحيط أن تساهم في رفع الأميّة في المجال.

... حُبِّي كَلَمٌ !

المخرجون الشبان والأشرطة القصيرة والجمهور وحرية التعبير الفنّي والنشاط الثقافي وعلاقة المدرسة بالصّورة والسينما... هذه من أبجديات أيّام قرطاج السينمائية.

ويبقى الحبُّ لسابع الفنون جرحا غائرا في زمن الصورة الرّقمية إذا كان المدرّس ينتمي إلى العصر الحجري-الطبشوري.

وفي انتظار الدورة القادمة تبقى السينما نهرا تصبّ به كلّ الفنون روافدَ، ومعها يخطّ طريق الحياة ويمضي نحو الأزرق ليعانق الآفاق الرحيبة.

ملاحظة

(*) هذه نافدة نفتَحُها على أعمدة "الشعب" نُطِلُّ من خلالها، أسبوعيا، على عالم الصّورة والسّينما وبها نحاول بعثرة أوراق الملفات المُهمَلة والمُأرشَفة والمُعتّمة والمغلقة والمزيّفة والمطلسمة والمقدّسة والمدنّسة... في مجالات الإبداع (الفنّ) والإنتاج (الصناعة) والفرجة (التجارة)... عسى أنْ نساهم في إعادة ترتيب أوراق سابع الفنون في حياتنا... هو عالم مادته أضواء وظلال ولغته أضواء وظلال ومعانيه من أضواء وظلال وقضاياه بين الأضواء والظلال... ونوافده فُتْحة بين الضوء والظلِّ.!

(**) أَبَجَدْ هَوَزٌ حُبِّي كَلَمٌ : قصيدة لأحمد فؤاد نجم.


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني