الصفحة الأساسية > بديل المرأة > المجد لعشتار في سيدي بوزيد وربوع وطننا الحبيب
المجد لعشتار في سيدي بوزيد وربوع وطننا الحبيب
28 كانون الأول (ديسمبر) 2010

في الملحمة ولدت عشتار وفي الأسطورة تداخلت الأصوات فذاك صوت من التاريخ وهذا صوت من الحاضر وبين الاثنتين وبين الزمان كل الزمان كانت المرأة التونسية وستبقى نموذج للنضال والتضحيات، بدءا بالفترة الاستعمارية وصولا إلى امتداداتها الراهنة. ولم تدخل عشتار في أسوار مملكة التاريخ بمعزل عن (تموز) الذي تناسخ عبر الشخوص فكان الزوج والأخ والأب. فكان الهاجس الذي تفكر فيه عشتار ليل نهار، مثلما هي الهاجس الجميل له.

لم تكن المسيرة النسائية التي جابت يوم الأحد 26 ديسمبر 2010 المزونة - منددة بالآلة القمعية لنظام بن علي وزمرته ومشدّدة بصوتها العالي على حق الجهة في التنمية العادلة والتشغيل والعيش الكريم، ومطالبة بإطلاق سراح المعتقلين ومحاسبة كل المسؤولين المتسببين في إشعال فتيل الدمار في سيدي بوزيد ومعتمدياتها - قلت لم تكن هذه المسيرة إلا عطاء من عطايا هذا المعدن النفيس وهو لعمري امتداد حقيقي وملموس لمسيرتها التاريخية العبقة بالنضال من أجل الحرية، وهي امتداد لسلسلة من التضحيات الجمّة نقف أمامها إجلالا وإكراما.

إن هذه المسيرة النسائية تعبيرة فاضحة لنظام الحكم الذي يدّعي زورا وبهتانا احترامه للمرأة وصائنا لعيشها ومدافعا عن كرامتها.

تذكرنا هذه المسيرة بمثيلاتها في مدينة الرديف وقت اعتقال قادة الحراك في أفريل 2008. حيث لعبت المرأة الدور الفاعل والفعال في التظاهر والنضال من أجل الضغط على سلطة بن علي للإفراج عن المعتقلين. ونجحت إلى حدّ ما وفي تضافر عضوي مع المناضلين في إسقاط آلة القمع والاعتقال.

تذكرنا بالخيمة 12 في أم العرائس إبان انتفاضة الحوض المنجمي حيث اعتصمت النسوة اللواتي نددن بالفساد المستشري والظلم المتنامي وطغيان أصحاب النفوذ وطالبن بالعيش الكريم...

تذكرنا دوما بالملاحم البطولية التي خاضتها في بنقردان وفريانة والصخيرة وفي معامل السخط والعار في الشريط الساحلي وتونس وصفاقس، في إضراباتهن واعتصاماتهن وصرخاتهن في وجه الطاغية بن علي.

هذه المرأة الباحثة في أروقة الفعل عن إنجاز يتحقق مضاف لسلسلة بلا انتهاء. هذه المرأة الحنجرة المتعالية في سماء الفعل الثوري تعيد دوما تشكيل خطوطها النضالية في مساحات النبل والاستشراف والصدق الأصيل.

مسيرتها في المزونة (والآن وصلني خبر أن هنالك أخرى في سيدي بوزيد)، هي العطايا الحقيقية لانتساب المرأة التونسية لأسوار نضالها الحقيقية، وتداعيات الذات الفاعلة في التاريخ.

فلروح هذه المرأة في المزونة، في منزل بوزبان، في سيدي بوزيد... في الرديف... في الحوض المنجمي... في بنقردان... في تونس... في امتدادات هذا الوطن الغالي، وكياناتها المورّدة في الخبز اليومي في البلاد، وعمق عطاياها المستمر، تحية عملاقة بحجم انتفاضات شعبنا الحاضرة والتي سوف تأتي...

نجمة سعيد


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني