الصفحة الأساسية > بديل الشباب > تأبيد أزمة الاتحاد العام لطلبة تونس في صالح من؟
تأبيد أزمة الاتحاد العام لطلبة تونس في صالح من؟
تموز (يوليو) 2007

اجتمعت أخيرا معظم التيارات النقابية والسياسية الناشطة في الجامعة التونسية باسم الاتحاد العام لطلبة تونس على قناعة توحيد المنظمة والخروج بها من واقع الانقسام والأزمة والتردي. جاء ذلك محصلة لمجهودات برزت أولى تباشيرها عند مستهل العام الدراسي المنصرم وبالتحديد بمناسبة انتخاب المجالس العلمية حيث تقدمت قوائم موحدة (ولأول مرة منذ سنوات) تحت راية المنظمة الطلابية في الغالبية العظمى من الأجزاء الجامعية، في جبهة موحدة ضد الطلبة الدساترة.

وسرعان ما أنصف التاريخ هذه الحركة إذ سجلت النتائج تفوقا ملموسا لقوائم الاتحاد على قوائم "التجمعيين" برغم كل الضعف والتعب والارتجال التي طبعت عملية إعداد القوائم ومضمون الالتقاء الذي تأسست عليه ومجمل الحملة الانتخابية.

كان ذلك الانتصار القاعدة –على محدوديتها- التي أنجبت فكرة بعث مسار توحيد الاتحاد ووضع حد لحالة الازدواجية التنظيمية والوهن النقابي لكن وبما أن إرث الخلاف وحجم التباين في الرؤى والأهداف كان على درجة كبيرة من العمق والتأثير لم يتسن لفكرة توحيد المنظمة الطلابية أن تتقدم عمليا بالنسق المراد لها بل شهدت تعثرات عديدة ومتتالية وساد الاعتقاد بأن هذا الحلم لن يقدّر له أن يتجسد خلال هذا العام لتضيف الحركة الطلابية إلى سجل أزمتها سنة أخرى لقائمة السنوات التي عاشتها.

لكن إصرار مناضلي الاتحاد كان أكبر، وإرادتهم من أجل الارتقاء فوق عوائق التناقضات والصراعات كانت أقوى وأمكن لها في النهاية، أن تمسك برأس الخيط المؤدي إلى الحل الأفضل من غيره بالنظر لكمّ السلبيات الفاعلة.

كان ذلك عندما اهتدت اللجنة الوطنية من أجل المؤتمر الموحد إلى مضمون الأرضية الديمقراطية، لضمان عملية انتخابية أسلم ما أمكن من أجل إنجاز كل الخطوات الممهدة لمؤتمـــر ديمقراطي وموحد يفرز مضامينا وتوصيات وهياكل وقيادة.

وككل مبادرة، حام حول هذا التمشي كثير من الشكوك والتردد وهو أمر مفهوم إذ أن الحلول، التي يمكن أن تفرزها حركة ما تردت في أزمة، لا يمكن أن تكسب لصفها كل الناس دفعة واحدة ومن أول وهلة، بل ينبغي أحيانا انتظار ما سيفعله عامل الزمن من فعل.

لكن وبالقدر الذي تكفل فيه عامل الزمن بتبديد شكوك المتشككين وتردد المترددين ليتوسع صف الراغبين فعلا والمؤمنين حقا بمسار التوحيد، بالقدر ذاته تكفل غربال الزمن بفرز الأشياء وتبين بجلاء أن ليس هناك من هو أشد ضررا بالوحدة والتوحيد من أولئك الذين رفعوا عقيرتهم بالصياح من أجل الوحدة حينما كان مسار التوحيد مجرد شعار لم تنجل عنه بعد آخر سحابات الغموض.

فيوم أن اتفقت غالبية مكونات الحركة الطلابية الفاعلة في الاتحاد العام لطلبة تونس، من هذه الرؤية وتلك، ومن هذا "المؤتمر" وذاك (الـ24 والتصحيح) تراجع البعض بل وراح يبحث وكيفما اتفق عن أي سبب لتبرير نكوصه. ولو فرضنا جدلا أن الأسباب المقدمة وعلى رأسها "القانونية" أسباب وجيهة و بها ما يكفي من حجج الإقناع لتصويب ما يجب تصويبه في مسار التوحيد لما سارع هؤلاء إلى تفجير مسار التوحيد من الداخل قبل أوان تفعيله.

لقد سارع بعض أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد (المؤتمر 24) إلى "تجديد" هياكل بعض الأجزاء وأحيانا على سبيل التعيين واستصدار المراسلات بصورة إدارية بحتة في الوقت الذي مازال النقاش جاريا حول الأرضية الواجب وضعها لتأطير عملية التجديد. هذا المسعى هو بلا شك محاولة لاستباق المفاهمات الجارية داخل اللجنة الوطنية (شهر أفريل و ماي) لتأمين شروط انتخابية صرفة علما وأن تجديد بعض هذه الهياكل أدانته لا فقط مكونات اللجنة الوطنية بل أدانه حتى بعض أعضاء المكتب التنفيذي لـ"المؤتمر 24" من وجهة نظر مخالفتها للقانون الداخلي الجاري به العمل. إن "التشبث" بالقانون، على فرض أنه مشروع لمن هو مؤمن به بصدق، يفترض من هؤلاء احترام كل أحكام القانون وجميع تطبيقاته. لكن أن يداس القانون لاعتبارات فئوية ثم تثار ضجة لا تهدأ حول وجوب احترام ذات القانون، لا تترك لهذا القانون ولا للمدافعين عنه أية مصداقية وتعري عن حقيقة نواياهم وأهدافهم.

والواضح اليوم أن مسار تشويش عملية توحيد الاتحاد الذي بدأ بـ"تجديد" (أو قل تعيين حتى لا نقول تنصيب) بعض الهياكل وانتهى بدعوة المؤتمر للانعقاد منتصف الصائفة الحالية لا تخضع لا لاعتبارات القانون ولا لطائفة أخرى من الشعارات مثل "منظمة ديمقراطية ومناضلة ومستقلة".

وعلى فرض أن الهياكل التي تم تجديدها جمعت كل شروط القانونية والشرعية وهو أمر غير حاصل كما قلنا، فهل من القانونية والديمقراطية عقد المؤتمر دون أن يقع تجديد بقية الأجزاء الأخرى والتي تمثل ثقل الحركة الطلابية ومواطن تأثير الاتحاد العام لطلبة تونس؟ وهل من القانونية والديمقراطية التلويح بعقد المؤتمر وتشريك كل من يقبل صفقة مع أصحاب الدعوة لمؤتمر الصائفة خارج المؤتمر بل وتمكينه من مواقع في القيادة؟ نقول ذلك والشائع والمتعارف عليه لدى عدد من رموز ومناضلي تيارات كثيرة متمسكة بمسار التوحيد واللجنة الوطنية أن أصحاب فكرة المؤتمر العاجل ما انفكوا يخطبون ود هذا وذاك للالتحاق بهم في المشروع مقابل مواقع في القيادة المقبلة ومن خارج قاعة المؤتمر ودون المشاركة في أشغاله كنواب. هل هذا هو الإيمان بالقانون حتى من وجهة نظر حقوقية بحتة ناهيك عن التدبيجات السياسية المغلوطة المقدمة؟

إن حجة القانونية باتت مكشوفة، وحريّ بمن يبتغي احترام القانون أن يعمل حيثما كان أناس على استعداد تام لاحترام القانون نصا وتطبيقا ولكن أيضا لهم إرادة حقيقية للاستفادة مما يسمح به القانون باتجاه تصحيح أوضاع المنظمة وانتشالها من المأزق الذي تردت فيه جراء التعطل الديمقراطي الذي ساد داخلها وشطحات الهروب بها إلى الأمام والزج بها في معارك وآفاق لا تتلاءم مع خصوصياتها ووظيفتها الحقيقية. فالاتحاد العام لطلبة تونس منظمة نقابية، مهما كان عمق إيمانها قيادة وهياكل وقواعد بقضايا السياسة بالمعنى المتعارف عليه اليوم، تبقى في النهاية منظمة دورها الأول، وقبل أي دور آخر، الدفاع عن مصالح الطلبة وتمثيليتهم من أجل معالجة مشاكلهم المادية والبيداغوجية وتأطير وقيادة نضالاتهم ونشاطاتهم في هذا السياق. أما أن تتخلى المنظمة عن هذه الوظيفة وهذه الأدوار لتتحول إلى "مجرد كتلة ضغط" من أجل إقامة الدليل على مشروعية حضور ووجود هذا التيار أو ذاك فهو ما يضر لا بالمنظمة وحسب بل بالحركة الطلابية وبالطلبة وبما لا مجال للشك فيه بالتيارات السياسية التي تأخذ من الفضاء الطلابي منطلقا لحضرها ووجودها.

إن الزيغ بالقضايا المطروحة للجدل والحوار من أجل بلورة وتطوير مسار نضال ناجح لتوحيد اتحاد الطلاب إلى نشر غسيل هذا أو ذاك من القيادة السابقة للاتحاد (المؤتمر 24) وتعليق كل ذنوب الماضي عليه، أمر لا يمكن أن يقنع أحدا بصحة ووجاهة فكرة التعجيل بالمؤتمر إلى منتصف هذه الصائفة في غياب أبسط أسباب التئام هذا المؤتمر. فمن يريد قتل كلبه يتهمه بالجنون.

لذلك صار من الواجب أن يتساءل الذين يعطلون ويرومون تفجير مسار التوحيد عما إذا كانوا فعلا يخدمون مصلحة اتحاد الطلبة والطلاب والجامعة ومصلحتهم هم بطبيعة الحال أم أنهم يصبون الماء في طاحونة غيرهم وعوا بذلك أم لم يعوا. والفاهم يفهم.

ملاحظة

اللجنة الوطنية من أجل المؤتمر التوحيدي تتقدم

نادت اللجنة الوطنية من أجل المؤتمر التوحيدي لتجمّع مركزي لمناضلي وأنصار الاتحاد مساء يوم السبت 24 جوان الجاري. وتم بهذه المناسبة إصدار لائحة أكدت تمسك مناضلي الاتحاد بمسار التوحيد وعزمهم على المضي فيه قدما من أجل انتشال المنظمة الطلابية من أزمتها التي تردّت فيها. كما تم تشكيل لجنة موسعة للإعداد لندوة وطنية ستنعقد بمقر الاتحاد يومي 7 و8 جويلية القادم لتدارس عدد من المحاور المتصلة بوضع الطلاب والجامعة وبحالة الاتحاد الراهنة وآفاق تجاوزها.

الذين شاركوا في هذه التظاهرة اعتبروها خطوة جدية في انطلاق عملية تفعيل اللجنة الوطنية ومسار التوحيد الذي بات مختلف مناضلي الاتحاد يعلقون عليه آمالا كبيرة.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني