الصفحة الأساسية > البديل الوطني > البطالة والتهميش في انتظار الناجحين الجدد
بعد الإعلان عن نتائج الباكالوريا:
البطالة والتهميش في انتظار الناجحين الجدد
تموز (يوليو) 2007

مثلما كان متوقعا نجح قرابة نصف من تقدموا لمناظرة الباكالوريا هذه السنة. ومن المنتظر أن تتجاوز نسبة النجاح العامة الـ60 بالمائة بعد الإعلان عن نتائج دورة المراقبة. وإذا كانت السلطة تعتبر ارتفاع نسبة النجاح دليلا على "نجاح الخيارات التربوية وعلى مواكبة المدرسة التونسية للتطورات الحاصلة في المجال التربوي والعلمي على مستوى العالم" فإن ما صار معروفا لدى الرأي العام هو أن نسب النجاح تخضع للحسابات السياسية الداخلية والخارجية في علاقة بمصالح النظام ومصالح المؤسسات البنكية والاحتكارية التي تملي عليه ما يجب إتباعه في مجال السياسة التربوية. لذلك فإن ارتفاع نسب النجاح في الدراسة لا علاقة له بتحسن مستوى التعليم والمتعلمين. ففي السبعينات والثمانينات مثلا كانت نسب النجاح في الباكالوريا في حدود الـ20 بالمائة وقد تضاعفت هذه النسبة الآن مرتين فهل هذا يعني أن مستوى تلاميذ الباكالوريا تضاعف هو الآخر؟ طبعا لا ! باعتبار وأن الجميع يؤكد أن هذا المستوى تدهور عما كان عليه في السابق، أي بعبارة أخرى لو أن امتحانات الباكالوريا حافظت على نفس المستوى "القديم" فإن نسب النجاح ستكون الآن أقل مما كانت عليه في الماضي.

إن نسب النجاح في تونس في جميع مستويات التعليم أصبحت تطبخ مسبقا في أروقة الوزارات شأنها في ذلك شأن النسب المائوية المتعلقة بالمهازل الانتخابية. بل إن تلاعب الدكتاتورية النوفمبرية بنسب النجاح لا يختلف عن تلاعبها بالأسعار تزيد فيها متى شاءت حسب مصالحها ومصالح القوى الخارجية التي تدعمها. فلو أن "سيادته" يقرر من الآن أن تتجاوز نسبة النجاح في الباكالوريا في السنة المقبلة الـ70 بالمائة مثلا فإنها ستكون كذلك رغم أنف التلاميذ والأساتذة والأولياء وبغض النظر عن المستوى العلمي للناجحين. ومن ناحية أخرى فإن ما ينتظر الناجحين الجدد هو ظروف جامعية متدهورة أثناء الدارسة وبطالة وتهميش بعد التخرّج. فإذا كانت السلطة قد "أعطت الإذن" بالترفيع في نسب النجاح فإنها لم تفعل نفس الشيء في علاقة بتوفير ما يلزم لاحتضان الناجحين الجدد قبل وبعد التخرج. فمن سنة إلى أخرى تزداد الخدمات الجامعية ترديا نتيجة نقص الفضاءات الجامعية والمطاعم والمبيتات ووسائل النقل.. وافتقار معظمها لأبسط شروط الدراسة العصرية. وأصبح التعليم مجالا للاستثمار وجني الأرباح بعد ربطه بالقطاع الخاص الذي كرس مبدأ "تعليم للفقراء وآخر للأغنياء".

أما من تمكن من مواجهة الصعوبات وأفلح في التخرّج فإن ما ينتظره هو البطالة والتهميش والقمع في صورة ما إذا "تطاول" وطالب بحقه في الشغل. فحسب الأرقام الرسمية فإن عدد المتخرجين من الجامعة التونسية سنويا يقدّر بحوالي 60 ألف لا يقع تشغيل سوى 10 آلاف منهم في القطاع العمومي. وبما أن القطاع الخاص غير قادر على استيعاب عاطلين بل هو "منتج" لهم من خلال عمليات الطرد والإغلاق، وإذا اعتبرنا أن عمر "بطالة أصحاب الشهائد" هو عشر سنوات فقط فإن عدد العاطلين من خريجي الجامعة هو الآن في حدود نصف مليون عاطل. وهذا الرقم التقريبي مرشح للارتفاع في السنوات القليلة المقبلة. فحسب الأرقام الرسمية دائما فإن "طلبات الشغل" ستصل إلى 87,2 ألف مطلب شغل سنويا خلال العشرية المقبلة، مقابل 80,3 ألف كمعدل سنوي خلال العشرية الفارطة. وسوف يحتل عاطلو الشهائد مرتبة الصدارة من بين هؤلاء باعتبار وأن نسبة من لهم مستوى تعليم عالي في هيكلة السكان النشيطين ستمر من 14,1 بالمائة سنة 2006 إلى 18,8 بالمائة سنة 2011 إلى 23,7 بالمائة سنة 2016. ومن المنتظر أن تكون نسبة البطالة لدى أصحاب الشهادات العليا في حدود 21,6 بالمائة سنة 2011 و26,1 بالمائة سنة 2016.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني