الصفحة الأساسية > البديل الثقافي > حديث مع الدكتور الطّاهر الهمّامي
موقع "قصّة اون لاين":
حديث مع الدكتور الطّاهر الهمّامي
30 أيار (مايو) 2009

على اثر صدور كتابه الجديد ("بعل ولو بغل") أجرت مدوّنة "قصّة اون لاين" الحديث التالي مع الدكتور الطاهر الهمّامي:

-  "بعل و لو بغل" من أين هذا العنوان؟
اخترت هذا العنوان لسببين:
* أولا، لعنايتي القصوى في مؤلفاتي بمسألة العنوان التي أراها أساسية و حيوية في حفز الاقتناء والتلقي و إخراج المتوقف أمام واجهة المكتبة التي يعرض فيها الكتاب من لامبالاته التقليدية. كتب كثيرة تخسر الرهان لأن كتابها لم يفلحوا في الوقوع على العنوان المطلوب.

* ثانيا، إيماني بأن الكيّ و الشيّ قد ينفع . الفارق بين البعل و البغل "نقطة".

لكن القضيّة المطروحة، مؤسّسة الزواج، من أمّهات القضايا و لم يقع معالجتها وظلّ المسكوت عنه فيها هو المسيطر.

العنوان يستهدف المرأة دون شكّ. فيما الكتاب يدافع عنها. و يشير العنوان إلى جانب الضعف و الوهن و استبطان الدونيّة في شخصيّة المرأة التي تربط حياتها و مصيرها و جسدها و روحها لأيّ رجل مهما كان مستواه. وهي التي لها من العلم و الشّهادات و حظوظ الشغل و المواهب ما يغنيها عن مصير مظلم.
السرّ في ذلك يكمن في كون المجتمع هو الذي أرضعها ثقافة الاستعباد عبر الموروث المتوارث من الجدّات و الأمهات.

- ألم يطرح قبلك زعماء الإصلاح الاجتماعي (خير الدين التونسي، محمد عبده، قاسم أمين، الطاهر الحدّاد...) هذه المسألة؟

لقد اقتربوا منها و طرق بعضهم (أمين و الحدّاد) بابها، لكنّهم لم يجرؤوا على دخولها و الخوض فيها، لأن الظروف لم تكن تسمح و لأن الفكر الذي يقودهم كان قاصرا عن وعي القضية في بعدها الفاجع. ظلّت مؤسّسة الزواج بمثابة التابو لأنها تشكّل نواة المجتمع الاستعبادي القائم و ركيزته، و قد أوكل إليها مهمّة إستمراريّته. إذن مسّها يعدّ من قبيل السعي إلى تقويض أسس المجتمع، مهما بلغت هذه المؤسّسة من الخراب و التّعفّن. و شواهد ذلك ناطقة كما ذكرت في الكتاب مستندا إلى الإحصاءات.

- ألا ترى أن حال الأحوال الشخصيّة عندنا في تونس هي أفضل بكثير ممّا هي عليه في الشرق الذي ننتمي إليه؟

التشريعات التي صدرت حتّى الآن بتونس على سبيل تحسين الأحوال الشخصيّة لم تعن بالمؤسّسة الزوجيّة قدر اعتنائها بالمرأة. أمّا أسس الحيف و المكر و الحيلة و الكيد و الكذب في علاقة الزوجين فباقيّة على حالها إن لم تستفحل. لأن التشريعات أتاحت لهما هامشا من التعبير. فصرنا نشاهد ما نشاهد من شظايا زفرات "السّجينة" و"السّجين".

أمّا غيرنا من بلدان عربيّة و إسلاميّة فالأمر عنده ما يزال عنده راكدا ركود المستنقعات الأسنة حيث تبدو مؤسّسة الزواج مستقرّة، لكنّه استقرار علاقة السيّد بجاريته و العبد بمالكه. بتلك التشريعات، دخلت الشمس بيوتنا و حرّكت سواكن المؤسّسة الزوجيّة. لكن المجتمع يأبى و يحرن و يحول دون أي نقاش في المسكوت عنه و يتصدّى لدوران الأفكار.

- أين وضعت الأديان في كلّ ذلك؟

أنا ناقشت المشاريع الكبرى( الليبرالية، الدينيّة، الاشتراكية) و حاولت الوقوف على علاقتها بالموضوع و الأجوبة التي قدّمتها في الصدد. و بقدر ما احترزت من فوضويّة البدائل الليبرالية الشائعة في الدول الرأسماليّة المتقدّمة (رغم عدم نكراني العديد من المكاسب التي تحقّقت هناك) لاحظت أن المشروع الإشتراكي سعى سعيا (تم احباطه مع الأسف) نحو إحداث نقلة في محتوى وفلسفة آخر مؤسّسات الإستعباد، وأعني المؤسّسة الزوجيّة.

أمّا الأديان فتمّ استغلالها لا لاستعباد المرأة فقط، بل لتكريس المجتمع الذكوري ولإضفاء القداسة على علويّة الرجل و دونيّة المرأة، مع التظاهر بأنّها في أفضل حال. ويمتد استغلال الدين حتّى إلى منظومات الأحوال الشخصيّة العصريّة.

مجلّة الأحوال الشخصيّة التونسيّة مثلا ما زالت تحتفظ بمؤسّسة المهر التي أرى فيها إذلالا كبيرا للمرأة وترويضا لها لكي تكون العبد المطيع بما أن قرينها اشتراها. خذ أيضا رئاسة العائلة التي تعود للذكر وحده و بها يتذرّع المشرّع لدعوة العروس لطاعة بعلها. ثم خذ عقود القران واسمع إلى فواتحها وأواسطها و خواتمها وانظر كيف يجلببونها بخطاب دينيّ يستهدف في جوهره المرأة.

(المصدر: مدونة "قصة أون لاين" التونسية بتاريخ 9 أفريل 2009)

الرابط: http://kissa-online.blogspot.com/2009/04/blog-post.html


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني