الصفحة الأساسية > البديل العربي > لا مستقبل للمحتلين والعملاء في العراق
لا مستقبل للمحتلين والعملاء في العراق
10 كانون الثاني (يناير) 2005

آخر التصريحات في صفوف قوات الاحتلال وفي حكومة علاوي العميلة تؤكد على ضرورة إجراء "الانتخابات" العراقية في "موعدها المحدد"، أي نهاية الشهر الجاري. ويأتي هذا التأكيد في وقت تصاعدت فيه أعمال المقاومة مما أجبر بعض الفصائل التي كانت عبّرت منذ البداية عن نيتها في المشاركة في هذه الانتخابات المزعومة إلى المطالبة بتأجيلها إلى حين "توفّر الظروف الأمنية الملائمة". وقد أعلنت بعض هذه الفصائل عن مقاطعتها بعد أن رفضت حكومة علاوي التأجيل. وقبل أسبوعين على الموعد المقرر يمكن القول أنه لم يبق في قائمة المشاركين سوى القوى السياسية التي انخرطت منذ البداية في مشروع الاحتلال وصار حاضرها ومستقبلها مرهونان بوجوده. وهو ما يجعل من هذه المهزلة الانتخابية مشروعا استعماريا لا مصلحة للشعب العراقي فيه. فإدارة بوش المجرمة تسعى من خلال إجراء هذه "الانتخابات" إلى تحقيق أربعة أهداف:

أولا: إضفاء الشرعية على حكومة علاّوي العميلة وتقديمها في صورة الحكومة المنتخبة من طرف الشعب العراقي بهدف تشريع الاحتلال وتأبيده.

ثانيا: استغلال الجعجعة الإعلامية حول الانتخابات لتغطية الجرائم الفظيعة التي ارتكبتها عصابة بوش المجرمة في العراق خاصة خلال اجتياحها الأخير لمدينة الفلوجة وما خلفه من تقتيل جماعي ودمار كبير. وتقديم هذه الجرائم على كونها "شر لا بد منه" لـ"تحقيق الديمقراطية في العراق".

ثالثا: الظهور بمظهر "الحريص" على نشر "قيم الديمقراطية" وإيهام الرأي العام العالمي وخاصة الأمريكي والعربي منه بأن "العملية السياسية في العراق جارية" وأن "الشعب العراقي سيتمكن، ولأول مرة في تاريخه من اختيار ممثليه بكل حرية".

رابعا: تهميش المقاومة العراقية وتقديمها في صورة أطراف معزولة، "رفضت العملية السياسية واختارت طريق العنف".

لكن إدارة بوش تدرك جيدا أن تحقيق هذه الأهداف ليس بالأمر الهين، لذلك فهي تسعى بكل ما لديها من قوة إعلامية واقتصادية وديبلوماسية وعسكرية إلى إنجاح هذه "الانتخابات" التــي تعلّق عليها آمالا كبيرة. فبالتوازي مع الآلة الإعلامية الضخمة التي استنفرت كل قواها، تواصل الآلة العسكرية عملياتها البربرية في المدن العراقية لتحصد المزيد من الضحايا وتدمر ما تبقى من المباني والمنشآت. وبالتوازي مع ذلك تصعّد الخارجية الأمريكية من ضغوطها على دول الجوار لإرغامها على الانبطاح الكامل أمام المشروع الامبريالي في ما أصبح يسمى بـ"الشرق الأوسط الكبير". وقد تحولت هذه الدول بفعل هذه الضغوط إلى خادم ذليل للبيت الأبيض. وجاء اجتماعها الأخير ليؤكد ذلك حيث جددت التزامها بما أملاه عليها سيدها بوش وتعهدت بـ"دعوة العراقيين" إلى المشاركة في الانتخابات. أما الدول العربية فإنها تتسابق لإعلان الولاء والفوز بالرضى. وكان اجتماع الدورة 22 لمجلس وزراء الداخلية العرب المنعقد بتونس مفتتح هذا الشهر فرصة جديدة لتقديم جليل الخدمات للاحتلال الأمريكي ولحكومة علاوي العميلة التي شاركت في هذا الاجتماع بوزيرها للداخلية والذي اشتكى كغيره من زملائه العرب من تنامي ظاهرة "الإرهاب" في بلده! وقد وجد كل المساندة من المجتمعين الذين عبروا على لسان رئيسهم الفخري الأمير نايف بن عبد العزيز الذي جدد في ندوته الصحفية التي عقدها بتونس "بأن جميع الدول العربية تعاضد الأمن العراقي في أي مجال وخصوصا دول الجوار، مشيرا إلى أن أمن العراق سيظل أمنا عربيا مشتركا معبرا عن عدم اعتقاده بأن تتأخر أي دولة عربية في شد أزر العراق في هذا المجال" (الصباح 6 جانفي 2005).

وقد بدأت بعض الفضائيات العربية التابعة للأنظمة العربية بالدعاية للمشاركة في المهزلة الانتخابية ودعوة العراقيين داخل العراق وخارجها لـ"الإقبال بكثافة على صناديق الاقتراع". وعبرت أغلب الأنظمة العربية وخاصة تلك التي لها جالية عراقية عن استعدادها للمشاركة في "إنجاح الانتخابات" وتقديم كل التسهيلات للجالية العراقية الموجودة على أراضيها للقيام بـ"واجبها الانتخابي". وما دام ما يقوم به الحكام العرب يصب فـي خانة الاحتلال فِإنه لا يعتبر تدخلا في الشأن العراقي، أما إذا وقع التلميح ولو سرا إلى ضرورة دعم المقاومة العراقية فإن ذلك يعتبر "تدخلا سافرا في الشأن العراقي" الذي لا يحق لأي كان التدخل فيه ما عدا طغمة بوش "الحريصة جدا على نشر الديمقراطية" فيه!

إن أحلام بوش وزمرته لن تتحقق في العراق. والانتخابات المهزلة التي يُروّج لها ستلقى نفس مصير كل المساعي الهادفة إلى تشريع الاحتلال وتأبيده. فمثلما انتهى بريمر، "الحاكم المدني" في العراق، ومثلما انحل "مجلس الحكم الانتقالي"، ومثلما تهمّشت "الحكومة العراقية المؤقتة"، فإن هذه "الانتخابات" ستفشل ولن يشارك فيها الشعب العراقي، ولن تدخلها إلا الأطراف التي ارتبط مصيرها بمصير الاحتلال مهما كانت الأغلفة الزائفة التي تتغلف بها سواء كانت "وطنية" أو "شيوعية" أو "إسلامية" أو "ديمقراطية".

إن الشعب العراقي ليس في حاجة إلى انتخابات تحت مظلة احتلال غاشم، بل هو في حاجة إلى مقاومة شعبية قادرة على دحر الاحتلال وتحقيق الاستقلال الكامل. وبعد ذلك سيتمكن الشعب العراقي المستقل من تقرير مصيره واختيار حكامه ومؤسساته. ويحق للشعب العراقي أن يفخر بوجود مقاومة قوية استطاعت أن تفشل كل مخططات الاحتلال وأن تتحول إلى رقم صعب يصعب تجاهله أو تهميشه في أي عملية سياسية في العراق. ولا بد من التذكير بما نشرته وزارة الدفاع الأمريكية مؤخرا عن ضحاياها من الجنود في العراق، حيث اعترفت بأكثر من 1300 قتيل و10200 جريح نصفهم لم يتمكن من العودة لمباشرة مهامه. فالمجد للمقاومة والموت للمحتل وعملائه.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني