الصفحة الأساسية > البديل الثقافي > نسخة من حبّ تونسْ
نسخة من حبّ تونسْ
30 أيار (مايو) 2010

عدم حُبّكِ إفلاس للوطن وإصرار فاجر وتقيّ على تشويه صورة الشعب وصورة الشعر!
عدم حبّكِ عبث موصوف مضرّ بالمصلحة العليا للأمّة والمصير المشترك للأغلبيّة العظمى للبشر!
عدم حبّكِ يُنقص من الخريطة مناخها العام والخاص
أيْ سيادة المكان وجمالياته الثريّة والشاسعة
السؤال يسأل نفسه: هل السؤال مَن الذي لا يحبّكْ أم السؤال: من الذي يحبّكْ!!؟؟

عدم حبّكِ يجعل الشمال جنوبا دائما
والأوّل آخِرا دائما
والمتقدّم رَاجعا دائما
والأمام متخلّفا دائما
والشمس خندقا دائما
والنّاس أناسا دائما
والنائب النامي نائما دائما
والعارض الناشئ مُقعدا دائما
والتنمية دائما محو للأميّة دائما لا قضاء على الجهل دائما
ومؤشر الإنعتاق أمنية ليست أمنية دائما
والأمل مرض شعبيّ دائما

هل يحتاج هذا الحبّ إلى تنمية بشرية وطنية شاملة؟
وإلى حلّ نوويّ للقضاء على الفقر الملحد والهواء الفاسد بخصخصة الماء؟
هل يحتاج الأمر لتساوى البحر والسماء أمام أنفك؟
وعلى التأكيد على حلّ الرّوح غير المرخّص لها باسم خصوصيّة الدّولة؟
وحلّ الرّوح الوطنية في كأس بكاء مضبوط السكّر معتدل الحرارة؟
هل يحتاج الأمر إلى منافسة تلعب للفريق المنافس؟
وتسوية متوازنة بين الربح النسبي والخسارة العامة؟

حبّك توفير لشروط منافسة عادلة بين برتقالنا وبرتقال فلسطين
لإثارة فتنة فانوس فخري على منبر عالمي
مقابل إشعال مصباح الحرب في حديقة البرتقال العالميّة المسمّاة إسرائيل

قنابل البِسْرْ تكفي لتفجير كامل حبّات البلّوط في الشوارع العربية الهادئة هدوء الشمس في الصحراء
الصّحراء حالة طارئة،
الشمس كذلك طارئة والمشي أمام الجمل استثناء دائم

لعلّي أفتقد لقبح الغربان الكافي
كي أعاملكِ كبقرة أطاح بها أسود روما
عندما كادت تشبع من عَبّاد الشمس في إفريقيا

لم أجد فيك أيّة وردة
ولكن هل يوجد داع وحيد كاف كي أحذف اسمك من أحشاء الورد
خسرتِ الورد بلا حسرة
هل يَخسر الورد أكثرْ؟

في حبّكِ يصبح اللّيل سباتا
والنّهار مهانة

حُبّى لكِ مقاومة جماليّة
ترفع هذا البلد إلى الأدب العالمي
دون أن يصبح بالضرورة فلسطين

أحسّك كأرملة شهيد
والدّليل أننّي حيّ
وأنت تصلّين عليْ
لعلّ اللّه يرحم هذا الحبّ اليوم أو بعد اليوم

لا ورد لكْ، لا شأن لي
لا شأن لي، لا ورد لكْ

حتى أوفّر البذخ السهل والعذب لفخذيك من كلّ مكان
لا بدّ لكِ من رَجل يحيط به قلبه من كلّ مكان

سوف أحيط بك حبيبتي من كلّ مكان
كالأفق لا كالحضن
وكالحضن لا كالأفق

إن عَلمانية الحبّ تستوجب توفير غطاء عاطفي فائض ومتواصل
والفصل بين المتعة الخاصّة
والعاطفة الشخصيّة

لمْ أجد فيك ما أسمّيه ورد المجاز
ورغم ذلك لم أسمّيك ورد الحديقة
ولم أعتبرك وردا ميّتا
ولم أزرع مكانك بصلا أو خرافة
ولم أعلن عليك لعنة التفاحة
بل أخذتُكِ إلى النهر
لتعثري قبل موتك على الرائحة
في طين جسمي المُتهاطلْ

لن أتعامل معكِ لأيّ سببْ
كنخلة ما بعد وطنية
الواحة مصنع تمر
النخلة مغلقة رهن الترحيل
الثمرُ قيد التهجير
والنخلة الخضراء تتابع الرّحلة من مكانها
الثمر هناك يطالب بيوم راحة تتمتّع فيه النخلة بالشمس
وتتمشى على حدود الواحة
وعلى أطراف الجدار الواقي من الضيوف وأهل الوطن
وأن تتدلّي من ثديها ميداليّة رمزيّة تتكوّن من حبّة تمر بحجم حبّة السمسم
تكريما لها على أكل التراب الوطني حيّا

النّحْلة السمراء في المهجر، فيما تفكّر؟
تمرا أبيض أم طيرا أخضر أم طائرة سوداء؟

الموت أصغر
والحبّ أكبر،
لو توقف الشعر وكنت طفلا في حبّك لانتهيتْ
وأمّا الآن فلن أموت إلاّ في لحظة حبّ كبير
لأنّي أصغر
والشعر أكبر

لا يكون حبّكِ لي حبّا
طالما لا يشرف عليه الشعر من السماءْ

إذا لم يوصلني الشعر ولو مرّة واحدة إلى شفتيكْ
فهو لا يصلح للغناء

لا أنطق باسمكْ
وإنّما أقبّلكْ

سابق للّيل سابق للنهار
لم يفرح لا الليل ولا النهار أبدا
بغفوتي بينهما،
من احدهما للآخر،
ومن التالي إلى الموالي
ومن الآتي إلى الآتي
ولذلك لم تُسرق ولم تُخطف أرض جسمي أبدا
ولم يصادف أبدا أن نام حبيبي غير مطمئن
فإلى أينما ذهب به الحلم،
مرسوم أنا،
شجرة مفتوحة العينين

المشكلة،
أنّي أحببتكِ من أوّل وهلة كأنّكِ حبيبتي الأبديّة
والقصيدة زائلة

الشعر خطأ شائع
وجرح فادح
قابل للتكرار كلّ يوم
كأنّي أحبّكِ فعلاً

على شرفة صوتكْ
يرمي الشاعر نفسه
لا يصل إلاّ أعلى الحياة
ألمٌ مُدهش
صمتكِ يصل أعلى درجات الموت
ولا يقول أحبّكْ

كيف لم أتفطّن أنّي لم أسمع حرفا واحدا يستحقّ السّمع
وأنت تلقِي عليّ سُدّة قلبك بشغف أكيد
وهْمٌ أكيد
غير قابل للقصيد

ولكنّي يا تونس،
أتدرّب جادّا على حبّكْ
فالأصلُ أصل

وأعبّر عن فرح التعبير
على وصول صوتكْ
إلى سُدرة الحبْ

ثمّة بالنهاية ما يدعو للتفاؤل
فالدولة ليست شريكة حياتي إلى الأبد
وثمّة أمل حقيقي لتتغير علاقتي بها
لأنّ قطعة ما من لحم الرّيح، بلا شك تحبّني

صلاح الداودي


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني