الصفحة الأساسية > البديل الوطني > أعوان الشرطة تقتل مواطنا بمنطقة الأمن بالقصرين
أعوان الشرطة تقتل مواطنا بمنطقة الأمن بالقصرين
حذاري فنحن الأغلبية
26 أيلول (سبتمبر) 2009

محمد بن صالح القرميطي، كان له من العمر 27 سنة قبل أن يُقتل تعذيبا في منطقة الأمن بمدينة القصرين الكائنة بشارع 7 نوفمبر.

أكدت السائحة الفرنسية أنه بريء و أنها قادرة على التعرف على الشخص الذي قام بسرقتها. لم يقتنع أعوان الأمن بأقوالها و لا بأقواله و واصلوا الحفلة. هم أعلم بكل الحقائق و ليس لهم قدرة التفويت في فرصة يمارسون فيها هوايتهم المفضلة: التعذيب.

استنزف أعوان الشرطة بمنطقة الأمن بالقصرين جهودهم في ممارسة هوايتهم التقليدية و لم ينفكوا عن تعذيب محمد بن صالح القرميطي إلا حين فارقته الحياة. لم تنته مأساة هذا المواطن عند هذا الحد، فبكل استهزاء بالقيم الإنسانية و الأخلاق و القوانين و محاولة منهم في التنصل من المسؤولية قام الأعوان بإلقاء جثته من الطابق الثالث لمنطقة الأمن لطمس الحقيقة و تزييفها في محاولة انتحار ناجحة.

تجمعت أعداد غفيرة من أهالي المدينة أمام منطقة الأمن بحي الزهور و أمام المستشفى الجهوي. لم يخالف تقرير الطبيب الشرعي ما كان الجميع على يقين منه، محمد بن صالح القرميطي اُلقي به من نافذة الطابق الثالث من منطقة الأمن بالقصرين بعد أن قُتل تعذيبا على أيدي أعوان الشرطة و لم يحاول البتة الانتحار.

اندلعت مسيرة و مواجهات عنيفة بين أعوان الأمن و جموع من الأهالي. استطاع بعضهم، في غياب أي معنى للقانون، القصاص رمزيا للضحية بتعنيف رئيس المنطقة. جُرح العديد جروحا خطيرة و أمام العنف المفرط لقوات حفظ النظام التي استعملت لقمع المتظاهرين القنابل المسيلة للدموع و الرصاص الحقيقي قامت الجماهير بحرق ثلاثة سيارات أمن. و رغم ذلك لم تنجح قوات الأمن في تفريق المتظاهرين أو الحد من سطوة غضبهم إلى حدود الساعة الثانية من صباح اليوم الموالي حين اشتد نزول تلك الأمطار الشهيرة. في ذات اليوم، أُمر بدفن الضحية و طُوّق حي الزهور و كامل مدينة القصرين بأعداد مهولة من قوات الأمن.

ليست هذه المرة الأولى التي تندلع فيها مواجهات بين أعوان الأمن و أهالي مدينة القصرين و خاصة بحي الزهور الذي يعتبر من أكثر الأحياء الشعبية فقرا و بطالة و إهمالا. حي الزهور بمدينة القصرين هو حي أولئك الذين تناساهم التاريخ و أغفلتهم الجغرافيا، حي من لا عمل و لا صوت له. ليست هذه السمات محدودة على حي الزهور فقط و إنما هي تعم، و ربما بدرجة أقل، على جميع مناطق ولاية القصرين التي تعتبر من أكثر الولايات فقرا.

تتالت في الأشهر الماضية عمليات ارتحال عديد العائلات إلى الجزائر طلبا للإجارة و هربا من الظلم و الفقر و القهر. كل هذه الظروف تنمّي منذ عقود إحساس عدم الانتماء لدى الفقراء و الكادحين من أبناء تونس في منطقة القصرين، أولئك الذين لم يعد لهم ما يفقدون سوى البعض القليل من الكبرياء و الأنفة.

القصرين كغيرها من مناطق الجمهورية المنسية قنبلة موقوتة توشك أن تنفجر في أية لحظة و لن يزيد القمع و العنف المسلطان عليها إلا في التصعيد من قوة الانفجار. ساعتها لن تجدي قوات الأمن و كل فرق التعزيز نفعا. في شهر ماي من سنة 1994 أثناء زيارة رئيس الدولة للمدينة حاول شيخ هرم ذو خرق بالية أن يمد الرئيس بظرف يحتوي رسالة، تجاوز الشيخ الحاجز الحديدي المضروب على حافة الطريق فوجد نفسه تحت ركلات أعوان الأمن و أمام بؤس المشهد تحول حفل استقبال الرئيس إلى مهرجان من الحجارة المنهالة عليه يحاول حراسه اقتناصها بحقائبهم حماية له منها فما كان له إلا أن امتطى سيارته هربا من الغضب الشعبي.

قد يمكن للسلط أن تهادن و تراوغ النقابات و الأحزاب و الجمعيات و من امتهن السياسة، لكنها لن تستطيع حين تدق طبول الغضب الشعبي أن تحد من سيل الجماهير الدافقة. في شهر جانفي من سنة 1984 استطاع الرئيس السابق أن يقدم كبش فداء حماية لكرسيه. الآن، يختلف الوضع و لن تستطيع الأكباش أن تجدي نفعا.

لا أحد يعلم متى سينفجر السد و إن ما يحدث بالجنوب و بالوسط الغربي ليس إلا بداية تصدع ذلك السد المنيع، فحذاري... حذاري فنحن الأغلبية.

بقلم علي حشاد


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني