الصفحة الأساسية > البديل الوطني > الانتفاضة المنسية
الانتفاضة المنسية
26 تموز (يوليو) 2008

قام أهالي منطقة نقطة-الشفار بجهة صفاقس خلال شهر ماي الماضي باحتجاجات شبيهة بما حدث في الحوض المنجمي مطالبين بتشغيل أبنائهم وبناتهم حاملي وحاملات الشهائد العليا المعطلين عن العمل في شركة "بريتش غاز" بالمنطقة وبعد أن رخص لشركة أخرى بالشروع في استخراج الغاز بالجهة وعلى شواطئ القرية.

وقد نجم عن ذلك إغلاق المنطقة البحرية ومنع الصيد البحري والتقاط المحار بها، هذا النشاط الذي يمثل مورد رزق أساسي لعدد كبير من أهالي المنطقة. لذلك خرجوا، رجالا ونساء شبابا وكهولا، للاحتجاج مطالبين بتشغيل أبنائهم قبل غيرهم بشركات التنقيب عن البترول والغاز. ولعل ما استفز الأهالي أكثر هو انتداب شركات التنقيب الجديدة لغالبية عمالها وكوادرها من خارج الجهة وخاصة من قرقنة وصفاقس في حين هناك عدد كبير من أصحاب الشهائد رفضت مطالبهم وأجبروا على البطالة ثم حرموا حتى من النشاط الذي كان من الممكن أن يسترزقوا منه ولو بصورة وقتية وهو الصيد البحري وجمع المحار.

تجمع الأهالي وساروا في مسيرات قبالة البحر وأمام مقر شركة "بريتش غاز" وحول منزل عضو مجلس النواب، ابن جهتهم، المدعو محمد الشريطة رافعين شعارات مطالبة بحق الشغل ومنددة بسياسة السلطة وبتجاهل أبناء المنطقة وكذلك شعارات ضد عضو مجلس النواب (يا شريطة يا كذاب ويني وعودك للشباب) الذي فشل في إقناعهم، بل وتدخلت قوات البوليس لحمايته من غضب المواطنين. وقد بقي منزله الفخم تحت الحراسة البوليسية المشددة لمدة أيام.

وقد تركز غضب المواطنين على المسؤولين في الحزب الحاكم وفي شركة "بريتش غاز".

وخوفا من مزيد تأزم الوضع خاصة وأن الحركة استمرت حوالي 3 أيام وفشلت كل محاولات إخمادها بالعنف، أجبرت السلط هناك على تشغيل البعض من الشباب المعطل واستجابت لمطالب الرجال والنساء الذين طالبوا بتعويضهم عن الخسارة المترتبة عن توقيف نشاط جمع المحار حيث أسند لكل امرأة مبلغ 90د (من المفترض أن يكون شهريا حسب الوعود الأولية) و150د للرجال.

وقد تمكن البعض من هذا المبلغ فيما لا يزال البعض الآخر يتجمّع يوميا أمام مقر المعتمدية بالمحرس ينتظر دوره في التعويض.

وإذا كان لهذه الحركة من دلالها فكونها تؤكد أن تأزم الوضع الاجتماعي ليس بالأمر الذي تختص به منطقة الحوض المنجمي وأن التعتيم الإعلامي المضروب على احتجاجات جماهير الشعب لا تكفل منع وقوعها. ومن المنتظر أن تشهد هذه المنطقة مثلها مثل منطقة الحوض المنجمي وغيرها من مناطق البلاد في ظل حالة الجفاف والنتائج السلبية للموسم الفلاحي وفي ظل تمادي الدولة في خياراتها الاقتصادية الفاشلة والاجتماعية اللاشعبية، من المنتظر أن يكون الموسم القادم موسم الاحتجاجات الواسعة والمكثفة ولن يكون الحل الأمني الذي سُلّط على بوادر الغضب الشعبي كفيلا بحل الأزمة بقدر ما سيكون بمثابة الزيت الذي يسكب على النار.

هوامش من أحداث نقطة – الشفار

من المضحكات المبكيات أنه عند مطاردة أعوان البوليس لأحد الشبان المحتجين للمسك به وتعنيفه إحتمى هذا الأخير بصورة بن علي وكان في كل مرة يتحلق به أعوان البوليس لضربه إلا ويقدم لهم الصورة، إلى أن تمكن أحدهم في غفلة منه من افتكاك الصورة ووضعها جانبا لينهال عليه البوليس بالضرب المبرح.

وقد انتقل هذا الشاب لمقر المعتمدية مكسوّا بدمه ليحتجّ فما كان من المعتمد إلا أن طلب منه عدم تضخيم المشكل مقابل القبول بتشغيله في شركة بريتش غاز.

تقع قرية نقطة على بعد 24 كلم جنوب صفاقس على الطريق الوطنية صفاقس – قابس وتتمتع بموقع ممتاز جعل منها قبلة كل متساكني مدينة صفاقس للاصطياف ولأثريائها لإقامة أفخر المنازل والقصور. وقد حولت لفائدتهم شركة الصوناد شبكة الماء الصالح للشراب فيما أصبح أهالي القرية الأصليين يشربون من ماء "الصونداج" (البئر العميقة الجديدة) التي لا تتوفر فيها أبسط مقومات حفظ الصحة حيث تتميز مياهها بنسبة عالية من الملوحة والكلس (calcaire).


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني