الصفحة الأساسية > البديل الوطني > الحوض المنجمي: فيفرى مرّة أخـرى
الحوض المنجمي: فيفرى مرّة أخـرى
4 شباط (فبراير) 2010

شهر فيفري هو شهر المحاكمات السياسية في تونس بامتياز، ففي مثل هذا الشهر من السنة الفارطة شهدت محاكم قفصة أشهر المحاكمات السياسية التي لم تعرف مثلها البلاد منذ عقود والتي شغلت الرأي العام الوطني والعالمي.

فيفري 2009 كانت البلاد على موعد مع محاكمة قادة الحوض المنجمي وشبابه في جلسات مراطونية بلغت 67 جلسة أنهكت البلاد والعباد، وقدّمت صورة حقيقية سيّئة ومشينة عن القضاء التونسي، طارحة بحدّة مسألة الفصل بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية في تونس، لقد كان القضاء الذراع الطويلة للسلطة في التنكيل بشباب الحوض المنجمي وقادته، وإلاّ كيف نفسّر تلك الخروقات القانونية والجزائية التي شهدتها تلك المحاكمات، انتهت المحاكمات بإدانة كل من شارك في الحراك الاجتماعي فزجّت بهم السلطة في السجون ليدخلوا مرحلة المعاناة والنزيف النضالي من أجل إطلاق سراح المساجين، وهذا ما حصل فعلا مساء 4 نوفمبر بعد ضغط شعبي ودولي وكانت السلطة محرجة وفي أسوأ أحوالها وهي تفرج عنهم. والجميع كان يتصوّر أنّ هذا الإفراج هو بداية الانفراج لمجمل قضايا الحوض المنجمي، لكنّ فيفري 2010 جاء مكذّبا لكلّ التوقّعات التي نفخت فيها الدعاية الرسمية للتعتيم على الملف والخروج من مأزقها البنيوي.

فيفري 2010 كان عودة لنزيف المحاكمات من جديد وفي نفس الملف ولكن بصيغة انتقامية لمرحلة شرسة في تعامل السلطة مع جميع الملفّات، فما إن قدّم شباب المظيلة اعتراضهم على أحكام قضائية قاسية إثر تحركاتهم السلمية للمطالبة بحق الشغل على اعتبار أنّ الملف أغلق حتى زجّ بهم في السجن.

يوم 23 فيفري القادم سنكون مع فصل جديد لتلك المحاكمات العبثية، وسيمثل كل من الفاهم بوكدّوس وحسن بنعبدالله أمام القضاء الذي لم يعد أحد منّا يثق في استقلاليته أو شفافيته، ولا تخفي هذه المحاكمات بعض الدلالات سواء في علاقة بملف حسن أو ملف الفاهم:
- الفاهم بوكدوس حوكم غيابيا بـ6 سنوات، وحضوريا بـ4 سنوات، وهو حكم انتقامي يدخل في باب تصفية الإعلام الحرّ بسبب تغطيته المتميّزة والحرفية لتحركات الحوض المنجمي بكل تفاصيلها وخفاياها، وكان الصحفي القادر على تقديم صورة حقيقية لما حدث ويحدث.
- حسن بنعبد الله محكوم غيابيا بـ10سنوات مع النفاذ العاجل، وهو حكم أمني بدوافع انتقامية لدوره في تأطير الحركة الاحتجاجية بالرديف وأولا وأخيرا لتاريخه النضالي في المجالين الحقوقي والسياسي، وخاصة في اللجنتين الجهوية والمحلية لأصحاب الشهائد المعطلين عن العمل.

فيفري مرّة أخرى يعني أنّ السلطة ليست لها الإرادة السياسية لطيّ ملف الحوض المنجمي ومعالجته معالجة جديّة اقتصاديا واجتماعيا، مفضّلة المعالجة الأمنية القضائية لتكميم الأفواه والعقول والمطامح في المواطنة والعيش الكريم.


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني