الصفحة الأساسية > البديل العربي > الشعب الفلسطيني في حاجة ملحة إلى جبهة وطنية موحدة
بمناسبة الذكرى الرابعة لانطلاق "انتفاضة الأقصى":
الشعب الفلسطيني في حاجة ملحة إلى جبهة وطنية موحدة
18 تشرين الأول (أكتوبر) 2004

تمر هذه الأيام الذكرى الرابعة لانتفاضة الأقصى. ورغم الوحشية التي واجهتها بها الآلة العسكرية الصهيونية، خصوصا منذ وصول اليميني المتطرف شارون إلى السلطة، فإنها لم تهدأ. ولا يمر يوم في غزة والضفة الغربية دون قتل أو اغتيال مبرمج لقادة المقاومة أو تهجير سكان، أو تدمير منازل أو افتكاك أراض أو تخريب مرافق حياتية (مستشفيات، ماء، كهرباء…) أو تدمير ورشات أو حرمان أعداد جديدة من الناس من مورد رزق، أو خلق مناطق عازلة تضاف إلى جدار العار. وفي "أيام الندم" فقط، التي أعلنها المجرم شارون منذ أكثر من أسبوع، سقط أكثر من 140 شهيدا ثلثهم من الأطفال. ومع ذلك فإن الشعب الفلسطيني لم ينفك عن العطاء، بل إن القمع الوحشي لم يزده إلا إصرارا على المقاومة من أجل الحق في الاستقلال والحرية والكرامة، مقدما مثالا نادرا في الصمود والتضحية.

ولكن السؤال الذي ما انفك يرافق الانتفاضة الثانية ويزداد كل يوم إلحاحية هو التالي: هل ثمة تناسب بين التضحيات التي يقدمها الشعب الفلسطيني وبين المجهودات التي يبذلها قادته من أجل توحيد صفوف الحركة الوطنية وجعلها أكثر قدرة على مواجهة العدو؟ إن الجواب على هذا السؤال، مع الأسف الشديد، لا يبعث على الرضى. فكل متتبع للساحة الفلسطينية يلاحظ أن الحزبية الضيقة هي الطاغية بما في ذلك في الميدان العسكري. وليس خافيا أن وضعا كهذا يضعف الحركة الوطنية الفلسطينية لأنه يبقيها مشتتة، وهو ما يسهل على العدو الصهيوني الأكثر تنظيما والأكثر قوة وعتادا على الصعيد العسكري مواجهة الشعب الفلسطيني وعدم إتاحة الفرصة له كي يستثمر نضالاته وتضحياته على الوجه المطلوب ويحولها إلى مكاسب على مختلف الأصعدة.

كما أن وضعا كهذا من شأنه أن يطيل في عمر عملاء الكيان الصهيوني والعناصر البيروقراطية الفاسدة المعششة في ما تبقى من مؤسسات السلطة والتي تستغل آلام الشعب الفلسطيني وعذاباته لتحقيق مكاسب مادية ضيقة وربط علاقات بهذه الدولــة أو تلك سواء كانت الولايات المتحدة أو مصر أو الأردن أو بعض الرجعيات العربية الأخرى واعتماد تلك العلاقات للتموقع في الساحة الفلسطينية والسعي إلى التأثير فيها وفقا للمصالح الضيقة.

ولا نخال فصائل المقاومة الفلسطينية بمختلف نزعاتها تجهل أن أحد شروط النصر الذي حققته الحركات الوطنية في العديد من بقاع العالم خلال القرن العشرين كان توصلها إلى خلق جبهة وطنية موحدة وفرت للشعوب المعنية قيادة سياسية وعسكرية قادرة على تجميع طاقاتها واستثمار كل ما لديها من عناصر المقاومة ومركزتها وتوجيهها بشكل ذكي وحاسم ضد المحتل. وقد بينت كل التجارب أنه بقدر نجاح أي حركة وطنية في بعث مثل تلك الجبهة على أسس سياسية وتنظيمية وعسكرية سليمة، يكون تحقيقها للنصر أسرع.

فهل تكون الذكرى الرابعة لانطلاق انتفاضة الأقصى فرصة لكافة فصائل المقاومة الفلسطينية كي تراجع مسيرتها وتنقد واقع التشتت الذي تتخبط فيه وتقف على انعكاساته السلبية وتستخلص منها العبرة وتنطلق في وضع الأسس الضرورية لبناء الجبهة الوطنية الموحدة لحركة التحرر الوطني الفلسطيني. هذه الجبهة التي تسلحها بالقيادة السياسية والعسكرية الموحدة القادرة على صياغة الاستراتيجيات والتكتيكات الضرورية للتقدم بالنضال الفلسطيني نحو أهدافه بعدما عرفته الساحة الفلسطينية ولا تزال من لخبطة في الرؤى والأهداف والتكتيكات منذ أوسلو خاصة. ومن المؤكد أن مثل هذه الجبهة سيكون من نتائجها تطور التضامن العربي والأممي مع الشعب الفلسطيني، لأن من عوامل تقوية التضامن وضوح الأهداف والتكتيكات والاستراتيجيات.

تلك هي أمنية كل الثوريين والتقدميين في تونس. وهي أيضا أمنية الشعب التونسي الذي لا يُخفي حيرته إزاء تشتّت الصفّ الفلسطيني ولا ينفك عن السؤال: لماذا كل فصيل "يضرب" على رايته ولا "يضرب" الجميع تحت راية واحدة، راية فلسطين". وهذه الأمنية هي أمنية كل مناصري القضية الفلسطينية في الوطن العربي والعالم.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني