الصفحة الأساسية > البديل الوطني > الانتخابات الرئاسية 2004 مسرحية سياسية
الانتخابات الرئاسية 2004 مسرحية سياسية
18 تشرين الأول (أكتوبر) 2004

إن سياسة النظام الحاكم منذ تنصيبه سنة 1956 مرورا بـ7 نوفمبر 1987 هي سياسة رجعية في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتربوية ولم تشذ عن ذلك المسألة الديمقراطية: فالاستشارات والحملات الانتخابية ليست إلا تزييفا ومغالطة لجماهير الشعب بطرق ملتوية، ويتمثل آخرها فيما عمد إليه الحزب الحاكم – "التجمع الدستوري الديمقراطي" الذي يمثل الطبقات المسيطرة اقتصاديا في تونس – من تطويع الدستور لفائدته، فالتجأ إلى إجراء استفتاء صوري مفروض من السلطة سنة 2003، وجد مخرجا لتبرير إعادة ترشيح رئيسه الحالي وتمرير مواصلة الحكم بفرض مدة نيابية رابعة لرئاسة ما يسمى مغالطة بـ"الجمهورية".

إن مرشح الحزب الحاكم يُفقد "الجمهورية" معناها الحقيقي باعتباره قد تحول إلى حاكم قار، هو حاكم (ملك) مدى الحياة في هذا المنصب.

إن هذه الانتخابات وإن حاول النظام الحاكم دفع رؤساء الأحزاب الكارتونية إلى الترشح لخداع الرأي العام المحلي والعربي والعالمي فإنها معروفة النتائج مسبقا لدى كل الناس وهي الفوز المصنوع لرئيس حزب التجمع، إنها مسرحية لا علاقة لها بالديمقراطية ولا بأسس النظام "الجمهوري" المزعوم، يضاف إلى ذلك البرامج الرجعية التي تبناها مرشح التجمع ومرشحو الأحزاب الكرتونية إذ هي تصورات تدافع عن مصالح الائتلاف الطبقي الحاكم، وهي خالية من مضامين تدافع عن الطبقات الشعبية، خالية من أي تصور وطني تقدمي، وهي تمرر التخاذل في المسألة القومية وتتبع سياسة الامبريالية إزاء الوضع الراهن في العراق وفلسطين، وهي في نهاية التحليل تعكس خيارات العولمة قطريا. ففي الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار المواد الأساسية مثل المحروقات والغاز بطريقة جنونية، وفي الوقت الذي يتم فيه التفويت في المؤسسات العمومية وشبه العمومية للخواص، وفي الوقت الذي فقدت فيه الطبقات الشعبية حق التأمين على المرض والتداوي المجاني، وفي الوقت الذي يتم فيه طرد العمال بفعل الخوصصة، وفي الوقت الذي يعاني فيه البطالة مئات الآلاف من العاطلات والعاطلين عن العمل، وفي الوقت الذي تمرر فيه السلطة خيارات العولمة في التعليم (مدرسة الغد) يطالعنا النظام بما أسماه باطلا بـ"الانتخابات الرئاسية".

لقد عملت السلطة على لف مؤيديها حول هذا الإجراء اللاديمقراطي، وكان المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل قد دعا في هيئة إدارية وطنية بتاريخ 31 أوت 2004 إلى المصادقة على بيان يتضمن تزكية مرشح الحزب الحاكم، وتجدر الإشارة هنا إلى أن البيروقراطية النقابية قد منعت نواب المجلس الوطني سنة 2004 ونواب المؤتمر الاستثنائي سنة 2002 بجربة من إثارة هذه المسألة، ولم تستشر العمال من خلال الاجتماعات العامة ولا حتى ممثليهم على مستوى النقابات الأساسية والجهوية، بل أسقطت هذا القرار على الهيئة الإدارية الوطنية التي انقسمت مواقفها إلى تيارين: تيار ما بين محتفظ ومعارض رفض هذه التزكية ونادي باستقلالية الاتحاد، وتيار انجر وراء موقف المكتب التنفيذي إزاء هذه المسألة.

إن عملية ما يسمى بـ"الانتخابات الرئاسية" هي تركيب وإخراج سياسيان تعمل السلطة الحاكمة عبر وسائل إعلامها المسموعة والمرئية والمقروءة على تمريرها على الطبقات الشعبية وعلى رأسها الطبقة العاملة التي تعاني من الاستغلال وغلاء المعيشة وضرب حق الشغل، بل إن طبيعة هذه "الانتخابات" من حيث فبركة المترشحين، ومن حيث معرفة نتائجها مسبقا، ومن حيث تحوير الدستور لتمرير نيابة رابعة لمرشح التجمع، إضافة إلى ضرب الحريات الفردية والعامة مثل حق التظاهر والتجمهر، وحق التعبير والتنظم، وحق مساندة نضالات شعبنا في العراق وفلسطين، وضرب الحق النقابي في عديد القطاعات والمؤسسات، ولجم الصحافة، وتدجين المعارضة، تجعلنا نعمل على فضح هذه الانتخابات باعتبارها مسرحية سياسية سَخّرَتْ لها السلطة كل السبل لتمريرها خدمة لمصالحها وندعو جماهير شعبنا إلى مقاطعتها.


مجموعة من المناضلين اليساريين

سبتمبر 2004



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني