الصفحة الأساسية > البديل الوطني > الواقع يفند الدعاية النوفمبرية
بمناسبة العودة المدرسية والجامعية:
الواقع يفند الدعاية النوفمبرية
18 تشرين الأول (أكتوبر) 2004

تصم أذاننا أبواق الدعاية الرسمية حول إنجازات السلطة في مجال التعليم وتنشر أرقاما خيالية في مجال محو الأمية ونسب النجاح وتطور مستوى التعليم وتدني كلفة التعليم إلخ... لكن العائلات المحرومة من أسباب العيش الكريم والمهددة في عملها نتيجة سياسات السلطة الاقتصادية المملاة من الدوائر الامبريالية (غلق مؤسسات أو خوصصتها، طرد…) تعاين بداية كل موسم دراسي عكس الخطب الرسمية. فما هي حقيقة أوضاع التعليم في تونس الذي يشمل أكثر من مليونين تلميذة وتلميذ وأكثر من 300 ألف طالبة وطالب؟

ارتفاع نسب النجاح مقابل تدني المستوى المعرفي

يعلم أبناء قطاعات التعليم جيدا تدهور مستوى التعليم عاما بعد عام نتيجة الارتجالية والبرامج المسقطة على المربين: الكفايات – الأنجليزية للسنوات الخامسة والسادسة ابتدائي – الفيزياء للسنة تاسعة أساسي..إلخ.

كما أصبح التعليم يخضع للدعاية السياسية، حيث تتمطط نسب النجاح مع كل حدث سياسي يهم الدكتاتورية النوفمبرية (نسبة النجاح للباكالوريا 2004 وصلت 69% تزامنا مع مهزلة أكتوبر الانتخابية)، وتُعطى الأوامر للمديرين والعمداء بالتساهل في الامتحانات والتخلص من عبء الرسوب بعد أن أصبح النجاح لا يكلف السلطة مسؤولية توفير الشغل للمتخرجين بعد إقامة حواجز المناظرات والكاباس. وفي هذا السياق تم إقرار احتساب معدل السنة سابعة ثانوي ضمن معدل مناظرة الباكالوريا (25%). وهو ما سهّل التلاعب بالمعدلات في المدارس الثانوية وشجع ضمنيا التلاميذ على الدروس الخصوصية أو ما يسمى بـ"المنشطات".

تعليم طبقي ولا شعبي:

من أكاذيب السلطة ادعاءها "التميّز والامتياز للجميع". لكن الحقيقة هي أن "الامتياز" أصبح في عهد بن علي محصورا داخل الأغنيـاء. فالكل يعلم أن التعليم أصبح مرتبطا أكثر من أي وقت مضى بالإمكانيات المادية لعائلة التلميذ أو الطالب. فمن له مال يدرس وينجح ويتوجه نحو الاختصاص الذي يريده ويحصل على الشغل الذي يتماشى مع شهائده العلمية. أما من ليس له مال فمآله الضياع. ولا يخفى على أحد استفحال ظاهرة التدخلات و"الأكتاف" والرشوة للحصول على ترسيم للدراسة بالخارج أو الحصول على التوجيه المطلوب أو الفوز بشغل (بعض من لهم معدل يفوق 16 من 20 لم يتمكنوا من دخول كليات الطب هذه السنة!)

تعليم باهض ولا مجاني:

لم يعد اليوم بالإمكان الحديث عن تعليم مجاني أو حتى مجاني نسبي. فالترسيم للطالب وصل حدود 85 دينار والأدوات المدرسية أسعارها لاهبة والمنحة ضعيفة ولا يتمتع بها إلا المعدمون أو المستكرشون (أعوان التجمع…). ولم يستح وزير التعليم العالي في ندوة صحفية بتاريخ 9 سبتمبر من التصريح بأن لا نية للترفيع فيها. وتمت تسوية الوضعية القانونية لـ17 مؤسسة للتعليم العالي الخاص تساهم السلطة بالدعاية لها وتموّلها تحت ضغط أصحاب هذه المؤسسات الذين اشترطوا مساعدة الوزارة بإيفاد طلبة من الكليات العمومية إلى الكليات الخاصة مقابل تغطية الدولة لمصاريف ترسيمهم. كما لا يغيب على المتتبع للشؤون الطالبية تخلص السلطة المتزايد من عبء السكن الجامعي وتشجيع المستثمرين على اقتحام هذا النشاط التجاري بما يعني ذلك من ارتفاع معاليم السكن الذي لا يقل عن 90 دينار شهريا للفرد في غرفة مشتركة ذات سريرين أو ثلاثة مع انعدام الظروف الصحية من تهوئة وتسخين وأدواش… فهل يمكن الحديث في ظل هذه الحالة عن قدرة أبناء الفئات الشعبية على مواصلة دراستهم.

آفاق التعليم: البطالة بامتياز

الشعار الرائج لدى الأوساط الشعبية في علاقة بمستقبل التعليم في تونس هو "تقرا وإلا ما تقراش المستقبل ما ثماش". والأرقام الرسمية تؤكد من سنة إلى أخرى صحة هذا الشعار. فالجامعة التونسية تلفظ كل سنة أعدادا متزايدة من أصحاب الشهائد العاطلين (أكثر من 40 ألف عاطل سنة 2003). وقد وضعت السلطة عقبة أمام الطلبة وهي "الكاباس" ضاربة عرض الحائط بالشهائد العلمية المتحصل عليها مع اعتماد "الغربال الأمني" لحرمان الناشطين النقابيين من النجاح في هذه المناظرة. وهو ما حدا بطلبة 9 أفريل ومنوبة السنة الفارطة إلى التحرك الجماهيري من أجل حق الشغل الذي أصبح اليوم امتيازا لمن يدفع أكثر من جيبه ومن كرامته.

كل هذه العوامل جعلت الشبيبة التلمذية غير متحمسة للدراسة وللتعليم وأصبحت قيم الربح السريع وتدبير الرأس والحرقان هي القيم السائدة في صفوفهم.

هذا إجمالا واقع التعليم في تونس بن علي. ولن يتغير بالوعود الزائدة والكذب والتضليل. كفانا نصف قرن من الأوهام! علينا أخذ مصيرنا بأيدينا، مرشدنا في ذلك نضالات شبابنا الثوري الناهض من غفوته والمطالب بالعدالة وبحق الشغل. فمتى توحدت قوى المجتمع المدني من أجل هذا الحق الأساسي من حقوق الإنسان إلا وافتضحت السلطة وأجبرت على التنازل وتلبية مطالب أهل الاختصاص من تلاميذ وطلبة ومدرسين وأولياء وعملة في تعليم ديمقراطي وشعبي وضامن لحق الشغل.

-  جامعة شعبية، تعليم ديمقراطي.
-  تعليم مجاني.
-  حق الشغل للجميع.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني