الصفحة الأساسية > البديل العربي > انتصار المقاومة وهزيمة الدولة الصهيونية
انتصار المقاومة وهزيمة الدولة الصهيونية
20 أيلول (سبتمبر) 2006

انتهت الحرب العدوانية الصهيونية على لبنان الشقيق إلى نتائج عسكرية وسياسية مختلفة بصفة جوهرية عن مآل كل الحروب المتعددة السابقة مع الكيان العنصري المحتل. الأمر الذي يجعل الحرب الأخيرة علامة مضيئة ومشرقة في تاريخ المواجهات العربية-الصهيونية. كيف لا؟ وهي المواجهة الأولى التي تتهي بانتصار واضح لأصحاب الحق وهزيمة مذلة للمعتدين رغم آلة الدمار والموت الرهيبة التي بحوزتهم.

والحقيقة التي يعلمها كل أحرار العالم ويبتهجون لها هي أن هذا الانتصار لم يكن فقط على الجيش الصهيوني وإنما على الواقفين معه عسكريا وسياسيا وماليا وفي ظروف دولية وعربية غير مواتية ليس فقط للانتصار وإنما للصمود والمقاومة. الأمر الذي يرفع عاليا من قيمة ما أنجزته المقاومة اللبنانية ويضعه دون مبالغة في دائرة الإنجازات التاريخية البطولية ليس فقط ضمن سياق الصراع العربي الصهيوني وإنما في السياق الأعم المتصل بمقاومة الامبريالية والاستعمار.

ومن المفارقات العجيبة أن انتصار المقاومة الذي أقره الكثير من جنرالات العدو الصهيوني وغيرهم من الخبراء العسكريين بالولايات المتحدة الأمريكية والغرب عموما، ما زال محلّ شبهات و"بحث" في الأوساط العربية الرسمية وحتى في بعض الدوائر المحسوبة على المعارضة والتقدمية! ومرة أخرى يكون موقف الرجعية السعودية على لسان وزير خارجية نظامها العميل سعود الفيصل أحسن مثال على النهج التصفوي لمكتسبات المقاومة إذ قال على شاشة "العربية" يوم 23/08/2006:"عن أي انتصار تتحدثون؟ إسرائيل أقوى من قبل ولبنان أضعف مائة مرة من قبل؟". بطبيعة الحال نحن نعلم الدوافع السياسية لهذا التصريح ولكل المشككين في انتصار المقاومة. ولا نظن عاقلا بإمكانه عدم إدراك الجامع بين قول سعود الفيصل الأخير وما ردده رئيس حكومة العدو الصهيوني في كلمته بالكنيست بعد انتهاء الحرب بيوم واحد، إذ قال:"... انتصرنا ونجحنا.." أو ما صرّح به بوش مؤكدا انتصار دولة إسرائيل!!

مهما يكن القول والاستنتاجات والتوصيف الذي يطلقه هذا أو ذاك عن مآل الحرب فالأهم في اعتقادنا لتحديد المنتصر والمهزوم في تلك المواجهة (وفي كل مواجهة عسكرية) هو الاحتكام إلى الوقائع الميدانية (الخطط العسكرية، الخسائر البشرية والمادية...) وإلى نسبة تحقيق الأهداف السياسية المعلنة من الفريقين المتقابلين. وهو ما يقودنا إلى الحقائق التالية:

1 – انتصار المقاومة لا لبس فيه

خرجت المقاومة اللبنانية منتصرة بامتياز وتمكنت من إعلاء شأن لبنان الصغير بعدد سكانه وبإمكانياته المادية والعسكرية وحولت البلد "الصغير" إلى مارد جبار يناطح ليس فقط جيش "إسرائيل"، اضخم قوة عسكرية بالمنطقة، وإنما كل الواقفين وراءه: الامبريالية الأمريكية وبريطانيا إضافة إلى الأنظمة العربية العميلة. فالمقاومة على قلة إمكانياتها العسكرية والبشرية قياسا بما يملكه العدو لم تكتف فقط بالصمود واستيعاب الرد الأولي لآلة الدمار الصهيونية وإنما عززت ذلك بافتكاك زمام المبادرة العسكرية وألحقت بالجيش "الذي لا يقهر" ضربات موجعة في العتاد والبشر على حد السواء. وقد تابع الرأي العام الدولي على شاشات التلفاز عينات عدة من الإنجازات الرائعة للمقاومة. فالجندي الصهيوني "الذي لا يُهزم" مثلما تُروّج لذلك الدعاية الصهيونية أضحى اضحوكة العارفين بالشأن الحربي والسياسي مما جعل قطاعات عريضة من الصهاينة أنفسهم يعترفون بتفوق "المقاوم" في شجاعته وتصميمه على خوض المعركة حتى النهاية على "السوبرمان الصهيوني". هذا من جهة، أما من جهة التفوق التكنلوجي والتسلح فقد وقف الجميع مرة أخرى على قدرة المقاومة على ملاءمة وسائلها الحربية وخططها العسكرية بما يحقق نوعا من التوازن بين القوى المتقابلة. وفي هذا الباب أبرزت وقائع الحرب الميدانية أن التفوق الوحيد الذي ظل قائما انحصر في سلاح الجو الذي قتل المدنيين اللبنـــانيين ودمّر البنى التحتية مؤكدا وحشية الكيــــــان الصهيوني. أما في الجوانب البرية والبحرية فالأمر قد اختلف. ذلك أن السلاح المتوفر لدى المقاومة وعلى الأخص المهارات الفنية والقتالية للمقاومين قد مكن من جهة توجيه ضربات مؤلمة للحلقة الأساسية في سلاح البرّ. فـ"المريكافا"، "الدبابة المعجزة" ومفخرة الصناعة الحربية للدولة الصهيونية بدت لعبة في متناول صاروخ المقاوم. أما في البحر، المجال التقليدي للتفوق الصهيوني على كل الأنظمة العربية وعلى المقاومة اللبنانية حتى آخر حرب 2000، فقد تمكنت المقاومة من خلال استهداف البارجة "ساعر5"، مفخرة سلاح العدو، إلى إجبار قادة العدوان الصهيوني على القبول بتحييد نقطة تفوقهم والتضييق على حركة بوارجهم الحربية وزوارقهم.

خاضت المقاومة حربها الدفاعية عن لبنان وشعبه بوسائل وأساليب تتماشى مع قواها الذاتية وأهدافها الشرعية في السيادة الوطنية، وتصرفت قيادة المقاومة في إدارة الحرب على قسوتها واختلال موازين القوى بحنكة كبيرة وصبر أكبر بعيدا عن التهور العسكري والديماغوجيا في تهديد الأهداف وتمكنت من إحباط كل الأهداف المعلنة للعدو الصهيوني ومختلف القوى الامبريالية وعلى الأخص الولايات المتحدة الأمريكية.

2 – هزيمة الدولة الصهيونية لا غبار عليها

منذ إعلان الحرب على لبنان الشقيق سارع قادة العدو الصهيوني إلى تحديد أهدافهم من وراء عدوانهم الهمجي. وبالعودة إلى تصريحات "أولمرت" وقائد حربه يمكن حوصلة النقاط التالية:

1 – تدمير المقاومة وعلى الأخص سلاح ورجال "حزب الله".

2 – إقامة شريط عازل يمتد حتى نهر الليطاني بجنوب لبنان.

3 – حماية شمال فلسطين المحتلة من صواريخ المقاومة.

تحت هذه الأجندة المعلنة انطلق العدو الصهيوني في حربه الغادرة مستعملا كل ما لديه من طاقات تدميرية هائلة وعلى الأخص سلاح الجو والبحر بهدف تهيئة الشروط المادية لاجتياح لبنان، كل لبنان. وبلغ الغرور الصهيوني بقادته العسكريين والسياسيين إلى حد إعلان انتصارهم منذ الأيـــام الأولى. الأمر الذي أشاع نوعا من الارتياح وحتى البهجة لدى القوى الامبريالية العظمى وفي دوائر الأنظمة العربية العميلة. ولعل هذا لارتياح والإيمان بنصر "إسرائيل" الحتمي هو الذي يفسر تواطؤ تلك الدول ومؤسسات المجتمع الدولي وعلى الأخص "مجلس الأمن" وتركهما الوقت، كل الوقت، حتى تمحق "إسرائيل" المقاومة التي بدت عصية عن الانكسار وأعطت منذ الأيام الأولى إشارات دالة عن إمكانية إفشال خطط العدو وحتى هزمه. إلا أن ذلك لم يقنع كواسر البيت الأبيض فاكتفت رايس بالقول:" إن هذه الحرب وخسائرها في "إسرائيل" ليست سوى آلام مخاض شرق أوسط جديد". وبما أن ثمن المولود الجديد مقبولة أمريكيا تواصلت الحرب وبلغت مشارف الشهر وتأكد بما لا يدع مجالا للشك الفشل الذريع لجيش العدو في تحقيق ولو النزر البسيط من أهدافه. وبدأت ملامح أزمة حول حكومة "اولمرت" وقادته الحربيين وقتها فقط سارع "المجتمع الدولي" ممثلا في رأس حربته الولايات المتحدة الأمريكية وشركائها من أنظمة العمالة والخيانة في الوطن العربي إلى البحث عن مخرج "مشرف" للدولة الصهيونية. فكان المقترح الفرنسي-الأمريكي الأول صورة مفضوحة عن الانحياز السافر للعدو وتحايلا فضا على الحقائق الميدانية للحرب الدائرة. وهو أمر تفطنت إليه المقاومة وكل القوى السياسية اللبنانية وتواصلت الحرب أسبوعها الأخير حاملة معها كل صباح ومساء انكسارات جديدة لجيش العدو وإخفاقات بالجملة في إدارة الحرب على جميع الأصعدة، العسكرية والسياسية والإعلامية معززة في الجهة المقابلة انتصار المقاومة وشعب لبنان الصامد، الأمر الذي نجد ترجمته في القرار الدولي 1701 رغم نقاط ضعفه الكبيرة التي لا تنصف انتصار المقاومة وشعب لبنان.

انتهت الحرب ولم يتحقق أي هدف من أهداف "إسرائيل". فالمقاومة برجالها وسلاحها كما كانت وفي مواقعها بالجنوب اللبناني. وشمال "إسرائيل" حتى الساعات القليلة قبل وقف الأعمال الحربية ظل في متناول صواريخ المقاومة. وفوق كل هذا أعلن "اولمرت" منذ خطابه الأول بالكنيست استعداده للتفاوض حول مصير الجنديين.

لقد فشل العدو في تحقيق أهدافه وخرج نظامـه السياسي مثقلا بهزيمة عسكرية وسياسية مدوية مازالت تداعياتها تتفاعل في المجتمع الصهيوني ومن الأكيد بأن نهاية الحرب على تلك الشاكلة وبتلك النتائج هي التي تقف وراء الفضائح المالية والأخلاقية لرموز الدولة الصهيونية وليس من المستبعد أن يعصف انتصار المقاومة اللبنانية بالرموز السياسية والعسكرية للدولة الصهيونية الأمر الذي سيفضي بالضرورة إلى تغييرات عميقة في الطبقة السياسية الحاكمة.

ملاحظة

ماذا يفعل العرب بهذا السلاح؟

خلال 15 عاما أنفقت دول الخليج فقط ما يزيد قيمته على 300 مليار دولار لشراء الأسلحة. دولة الإمارات العربية المتحدة وقعت خلال عام 2000 اتفاقية قيمتها 4,6 مليار دولار لشراء 80 طائرة مقاتلة من طراز AF/16 من الولايات المتحدة. وتلقت مصر شحنة قيمتها 1,3 مليار دولار. وشملت صادرات الأسلحة الأمريكية الرئيسية في عام 2000 توريد 53 طائرة من طراز AF/16 للبحرين ومصر والأردن وسنغافورة. وتحتل السعودي المرتبة الأولى بين الدول العربية في استيراد الأسلحة، ففي عام 2005 ترددت أنباء عن توقيع صفقة سرية بينها وبين بريطانيا تم بموجبها شراء عدد من الطائرات المقاتلة. وقدرت قيمة الصفقة بنحو 10 مليارات جنيه استرليني (17,6 مليار دولار. وتضمنت تلك الصفقة شراء 48 طائرة عسكرية على الأقل من طراز "يورو فايتر تايفون"...



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني