الصفحة الأساسية > البديل الوطني > سنة سياسية جديدة بمشاكل قديمة
سنة سياسية جديدة بمشاكل قديمة
20 أيلول (سبتمبر) 2006

انقضت العطلة الصيفية وها نحن في مفتتح موسم سياسي جديد تشير كل الدلائل إلى أنه سيكون "ساخنا" بجميع المعاني خاصة على الصعيدين السياسي والاجتماعي. فالسنة السياسية المنصرمة والتي بلغ فيها الصراع الطبقي في بلادنا درجة متقدمة نسبيا من الاحتدام والتوتر كانت في الواقع طرحت القضايا الأساسية التي تقابل الدكتاتورية الدستورية الحاكمة بالشعب بمختلف تعبيراته، أحزاب ونقابات ومنظمات وجمعيات وشخصيات.

ولم يكن إضراب 18 أكتوبر وبعث "هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات" والحركية العامة لمناهضة زيارة شارون لبلادنا والمواجهات بين الديمقراطيين عموما والرابطيين خصوصا وبين قوات البوليس في عديد المرات، وإضراب المعلمين والأساتذة والأطباء... واعتصام العمال المطرودين في أكثر من مؤسسة وأكثر من جهة، واتساع دائرة تحركات العاطلين عن العمل... لم تكن هذه الأحداث والتحركات غير مقدمة لمسار من التوتر والتصادم أضحى يميز العلاقة بين السلطة والمجتمع والشعب.

إن إصرار السلطة على المعالجة الأمنية الفجة لكل مظاهر الحياة العامة ولمطالب الحركة الديمقراطية والاجتماعية يضع البلاد ونظام بن علي بالدرجة الأولى في مأزق حقيقي ويرشح البلاد لهزات عنيفة.

فليس من المبالغة في شيء القول أنه لا يستبعد أن تكون مواجهات الموسم الحالي اشد وأعنف مما شهدته السنة الماضية بما أن لا شيء يدل على أن نظام بن علي قادر ولا هو مستعد للاستجابة لمطالب الحركة الديمقراطية حتى الدنيا منها (حق التعبير وحق التنظيم والعفو التشريعي العام) ولا لمطالب الحركـــــة الاجتماعية (المعلمين والأساتذة والعاطلين عن العمل...) فضلا عن استمراره في دهورة ظروف المعيشة والحريات (الزيادات في الأسعار وقمع الحريات).

بل إن المؤشرات الأولية تؤكد كلها على أن بن علي ماض في التعويل على البوليس والقمع في مواجهة هذه المطالب وكل الأنشطة التي ستقام حولها. وقد تجلى ذلك في محاصرة الإدارات الجهوية للتعليم لمنع المعلمين والأساتذة من التجمع للاحتجاج على تلاعب الوزارة بحركة نقل المربين، كما تجلى أيضا في الاعتداءات على العاطلين من أصحاب الشهائد خلال احتجاجاتهم الأخيرة.

لكن وفي نفس الوقت مؤشرات كثيرة أخرى تؤكد أن الحركة الديمقراطية والاجتماعية خاصة ماضية هي الأخرى باتجاه التطور والاتساع ومن هذه المؤشرات الاستعدادات الحثيثة لرجال التعليم للعودة للإضرابات دفاعا عن مطالبهم رغم مناورات البيروقراطية النقابية وكذلك الانطلاقة المبكرة لتحركات أصحاب الشهائد دفاعا عن حق الشغل.

إن تردي أوضاع المعيشة وتفاقم مظاهر البطالة والفقر والقمع وغياب الحريات هما الوجهان المتلازمان في سياسة ومحصلة حوالي 20 سنة من حكم بن علي الذي أثبت عجزه بل ومعاداته لجماهير الشعب التونسي ولمطامحه في العيش الكريم وفي الحرية.

وليس أمام الشعب التونسي وقواه الديمقراطية غير التمسك بالنضال ولا شيء غير النضال، بعد أن افتضحت كل المناورات والأوهام، من أجل افتكاك الحرية وتحسين ظروف العيش. وإن تظافر جهود كل القوى وتجاوز حاجز الريبة والخوف والتحام الحركة السياسية الديمقراطية بالحركة الاجتماعية هو السبيل الوحيد لهزم بوليس بن علي وإجباره إما على التنازل أو على الرحيل فما عاد لشعبنا من مصلحة في استمرار حكمه.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني