الصفحة الأساسية > البديل العربي > بعد شهر ونصف على سقوط بغداد آن الأوان لعكس الهجوم؟
بعد شهر ونصف على سقوط بغداد آن الأوان لعكس الهجوم؟
20 أيار (مايو) 2003

مازال الشارع العربي يعيش على وقع الصدمة التي أحدثها سقوط بغداد المفاجئ، فبعد شهر ونصف على هذا الحدث المروع لم نر أي تحرك شعبي أو بادرة سياسية تستحق الذكر. ومن الأسباب الرئيسية الكامنة وراء هذا الجمود رغم قوة الزلزال الذي هز الضمير العربي وهو يرى بالصورة والصوت سقوط إحدى قلاع الحضارة العربية بطريقة مهينة، هو الطوق المضروب على الحركة الشعبية وعلى قواها التقدمية والوطنية من طرف أنظمة عربية عميلة شاركت في العدوان وتواطأت مع المحتلين. وقد وصل العجز بهذه الأنظمة إلى حد جعلها غير قادرة حتى على تسمية ما حصل بالاحتلال أو تقديم شكوى لمحكمة العدل الدولية... فهذه الأنظمة تواجه غضب شعوبها بالعصا وترتعد خوفا من السوط الأمريكي المرفوع أمامها لمزيد تركيعها. فلو كانت هناك حرية تعبير وحرية تنظم، ولو كان حق التظاهر والتجمع مكفول... لما بقيت الشعوب العربية ذاهلة أمام ما حصل. فالنخب المرتبطة بالأنظمة العميلة والجمعيات والأحزاب الصورية الدائرة في فلك السلطات لازمت الصمت واحتمت بجحورها خوفا على ضياع امتيازاتها. أما بقية مكونات المجتمع المدني المعارض بحق فهي مقموعة ومحاصرة، وكل من يدلي بموقف مغاير لعملاء بوش يعد "متطرفا وإرهابيا يحرض على العنف ويخطط له..." وجبت محاربته في إطار "الحرب على الأرهاب" التي تقودها أمريكا.

في الدول الغربية التي تتوفر فيها هوامش من الحرية بدأت القوى التقدمية والمناهضة للحرب وللامبريالية تستفيق من صدمتها وتعمل على تجميع صفوفها من أجل تنظيم المواجهة وعكس الهجوم. في بلجيكا مثلا يواصل ممثل الادعاء في العاصمة بروكسل الإعداد لإحالة قائد القيادة المركزية الأمريكية في العراق "تومي فرانكس" على القضاء بتهمة جرائم حرب. وفي عديد الدول الأروبية تحاول الأحزاب والجمعيات المعادية للامبريالية تنسيق مواقفها وتوحيد تحركاتها ضد الغول الأمريكي الفالت من كــــل القوانين. الصحافيون أيضا كثفوا دعايتهم حول ما تعرض له زملاؤهم من قمع ومحاصرة وقتل على أيدي غزاة العراق مطالبين بإحالة المجرمين على القضاء. بل إن بعض من يتولون مناصب في الدول التي شاركت في العدوان يدينون بوش وبلير ويطالبون بمحاكمتهما. ففي بداية الشهر الجاري صرح عمدة لندن الكبرى صراحة بأن الرئيس بوش رئيس غير شرعي، وأنه مجرم حرب ويرتكب جرائم حرب في العراق. وهناك أكثر من منظمة قانونية تتحرك حاليا في بريطانيا لتجريم كل من بوش وبلير كمجرمي حرب بسبب غزو العراق.

الفنانون الغربيون أيضا خرجوا من لامبالاتهم وصرحوا بما يعارض سياسة بلدانهم مطالبين باحترام سيادة الشعوب وبمزيد من الحرية والديمقراطية في الغرب قبل التفكير في تصديرها إلى الشرق. فقد جهرت "مادونا" (التي لا يمكن لأحد أن يتهمها بـ"التطرف") بأنه عوض أن تذهب الإدارة الأمريكية إلى العراق لتحمل إليه الديمقراطية أولى بها أن تركز الديمقراطية هنا في أمريكا، فقد أضحى الصوت المغاير لبـوش –تواصل مادونا- ممنوعا في أمريكا ويصادر.

وكان مهرجان "كان" في دورته السادسة والخمسين (ماي 2003) فرصة لتجديد الوفاء للفنانين الذين ناهضوا الحرب على العراق،مثل "تيم روبنز" وزوجته "سوزان ساراندون" اللذين قوبلا بحرارة كبيرة من طرف الحضور. كما حضر المهرجان أحد أشهر مناضلي هوليود، المخرج "أوليفر ستون"، صاحب "بلاتون" و"من قتل كيندي".

وفي ظل غياب الدعم عربيا، يحاول الشعب العراقي تضميد جراحه وتنظيم المقاومة ضد المحتلين. هذه المقاومة التي لم تنطفئ شرارتها رغم هول المصاب وقوة العدو وشراسته. ورغم التعتيم الإعلامي على العمليات العسكرية ضد قوات الاحتلال والمتعاونين معهم من المعارضات المشبوهة والعميلة، فقد بدأت الأخبار تتسرب عن بداية تشكل مقاومة عراقية منظمة تقودها الأحزاب والحركات الرافضة للوجود الاستعماري وغير القابلة بالتعاون معه بأي شكل من الأشكال. ولا يكاد يمر يوم دون أن نسمع عن مهاجمة المواقع العسكرية الأمريكية والبريطانية وسقوط الجرحى والقتلى في صفوف جنود الاحتلال. وتتزامن هذه العمليات الفدائية مع التحركات الشعبية من مسيرات وتجمعات وندوات... تدين العدوان وتتوعد الغزاة بقتال شرس وطويل الأمد.

وتحاول واشنطن ولندن التستر على خسائرها البشرية اليومية، فتارة يدعون أن مروحية سقطت وقتل جميع ركابها، وتارة يقولون أن قنبلة من مخلفات الحرب انفجرت أو مستودع للذخيرة انفجر وأودى بحياة عدد من جنود أمريكا أو بريطانيا... للايهام بأن لا وجود لمقاومة في العراق وأن الجهود منصبة على "إعادة الإعمار وفرض الأمن...".

ومن البديهي أن نتساءل عن غياب القوى السياسية والشعبية في تونس لدعم نضال شعب العراق. فبعد الحماس الذي عرفته الساحة الشعبية والحركية التي ميزت عمل القوى التقدمية أثناء العدوان، تراجع هذا الحماس إلى حد الانكماش بعد سقوط بغداد. وبعد شهر ونصف على هذا الحدث الأليم، آن الأوان كي تفيق القوى الديمقراطية والتقدمية من صدمتها وتعمل على إعادة الروح للعمل الداعم للشعب العراقي في نضاله ضد المستعمر، وتجسيد الشعارات التي رفعت أثناء الاحتجاجات الجماهيرية وخلال التجمعات والندوات، وتنشيط اللجان التي بعثت وخاصة منها "اللجنة الوطنية لمساندة العراق".

- من أجل محاكمة مجرمي الحرب
- من أجل رحيل الغزاة
- لا اعتراف بحكومة عميلة منصبة
- الدعم الدعم للمقاومة العراقية
- من أجل حق الشعب العراقي في تقرير مصيره واختيار النظام السياسي الذي يريد



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني