الصفحة الأساسية > البديل الوطني > بيان بمناسبة مرور 8 سنوات على 7 نوفمبر 87 : الأوضاع تزداد سوء والحل المباشر في إطلاق (...)
بيان بمناسبة مرور 8 سنوات على 7 نوفمبر 87 : الأوضاع تزداد سوء والحل المباشر في إطلاق الحريات:
بيان بمناسبة مرور 8 سنوات على 7 نوفمبر 87 : الأوضاع تزداد سوء والحل المباشر في إطلاق الحريات
كانون الأول (ديسمبر) 2002

ما انفكّت الحالة السياسية بالبلاد تتردّى خلال السنة الماضية، الثامنة في عداد سنوات "التغيير"، وهو انطباع كل ملاحظ نزيه وحكم كل تونسي يملك ذرة من المسؤولية ويقظة الضمير. فقد ازدادت أوضاع الحريات وحقوق الإنسان سوء وتفاقمت ظاهرة الحزب–الدولة والدولة–البوليس، ولم يطرأ ما يدلّ على أن هناك بارقة أمل في انفراج أو اتعاظ بدروس الماضي القريب والبعيد.

واصل الحزب الحاكم، تقوده عقلية الحزب الواحد والخارج على القانون، تعزيز هيمنته على الإدارة ووسائل الإعلام والأجهزة التمثيلية وسعيه إلى "دسترة" المجتمع بالقوة وتصنيف أفراده ومعاملتهم حسب درجة ولائهم له، فزوّر الإنتخابات البلدية الأخيرة (21 ماي 95) على غرار ما فعل دائما وداس القانون الإنتخابي دون رادع، وتصرف وما يزال كما لو أنّ البلاد وعبادها ومؤسساتها ملك من أملاكه الخاصة، ولم تزل مساعيه حثيثة لتأطير السكان بشكل حديدي رغم إرادته عبر شبكة من الجمعيات الصورية يصنعها أو يستولي عليها، وعبر محاصرة ما تبقّى من تنظيمات متشبّثة باستقلاليتها مثل الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والاتحاد العام لطلبة تونس، فضلا عن حزب العمال، بل لم تسلم حتى الأحزاب التي أرادها مجرد ديكور.

و"التجمع الدستوري" يفعل ذلك وعلى ذمته جهاز قمع ضخم ما انفك يتطور عددا وعدة وتخصص له ميزانية تفوق بما لا يُقدّر ميزانية الثقافة مثلا، جهاز منفلت لا يحكمه قانون، أخطره على حقوق الإنسان وفي مقدمتها حق الحياة، وعلى الحريات العامة، فرق البوليس السياسي المتربص ليلا نهارا بحركات المواطنين وسكناتهم، وصاحب الملف الثقيل في مضمار الممارسات المهينة والتعذيب والملاحقات والترويع ونشر الخوف والإرهاب.

ولذا تواصلت خلال العام الثامن من عهد 7 نوفمبر إيقافات الأحرار ومحاكمات الرأي وشملت إلى جانب المناضلين السياسيين (حزب العمال، حركة الديمقراطيين الإشتراكيين، مستقلين...) عشرات الطلبة وممثليهم النقابيين ولم تستثن الأحزاب "المعترف بها" والمعروفة بتواطئها معه. كما تواصلت عمليات حجز جوازات السفر والامتناع عن تسليمها أو التلكّؤ فيه، رغم الاضطرار إلى إرجاع بعضها تحت ضغط حركة احتجاجية متزايدة. وتواصل بؤس الصحافة المكتوبة ووسائل الإعلام المسموعة والمرئية نتيجة سيطرة الخطاب الواحد والأحادي، وتحولها من أداة تنوير إلى جهاز تخدير وتبليد يستهدف خاصة النشء حتى يصرفه عن التفكير، فضلا على لغة البندير التي عادت أقوى من أي وقت مضى. ونتج عن هذه السياسة تفشّي روح الاستقالة وعاهات الخوف والطمع وركود الحياة الفكرية والسياسية واختيار عديد الكفاءات حل العزلة البغيض خوفا على أمنها الشخصي وحرمتها المعنوية.

ولا تخفى على أحد مقاصد سياسسة تكميم الأفواه هذه، فهي تهدف إلى إخلاء الجو أمام المخططات الاقتصادية والإجتماعية اللاّوطنية واللاّشعبية وفي وجه مسلسل التطبيع مع الكيان الصهيوني والاستسلام لهيمنة الإمبريالية الأمريكية والغربية على ثروات الوطن العربي ومستقبل شعوبه.

إن قمع الرأي المخالف وضرب الحريات، وتركيز شبح بوليس داخل كل مواطن ودفع القوى الحية والطاقات الخلاقة إلى الانكفاء والاستقالة، والقضاء على وجود أو فاعلية المنظمات المستقلة والمعارضة، هدفه فسح المجال أمام تطبيق سياسة النهب الإقتصادي التي يقودها البنك العالمي وصندوق النقد الدولي عبر ما يسمى "برنامج الإصلاح الهيكلي" ومشاريع "الشراكة" مع الخارج، على حساب استقلال البلاد ومصالح جماهيرها الكادحة.

إن القمع هو الذي يمكن السلطة من إغراق السفينة دون معارضة والرأسماليين المحليين والأجانب من مضاعفة أرباحهم وتصريف أزماتهم، والمؤسسات المالية العالمية من استرجاع ديونها وفوائضها العالية في كنف الهدوء، والقمع هو الذي يحرس مصالح هؤلاء ويوفر لهم الحماية اللاّزمة لمزيد إذلال العمال وقضم حقوقهم المكتسبة أو ترجمتها إلى لغة الصدقات والمنن ومزيد الطرد والخوصصة ودهورة ظروف الشغل والقدرة الشرائية وهو الذي يزيد في عدد "مناطق الذل" ويحرم أبناء الوطن من التمتع بكرامتهم الإنسانية وتفتيق طاقاتهم ومواهبهم، ومضاعفة عطائهم.

وهكذا لم تزد السنة الثامنة"تحول" معظم التونسيين إلاّ يقينا في كون الإنفراج الحقيقي المطلوب والمؤدي إلى إرساء نظام ديمقراطي لن يحصل بواسطة حزب فاشي كالحزب الحاكم، وبواسطة أجهزة سلطته. كما لن يحصل بالإجراءات الشكلية والترقيعية التي قد تعمد إليها قصد امتصاص الغضب وإسكات أصوات الاحتجاج، وإنما يحصل ذلك فيما نرى على قاعدة تحقيق الأهداف التالية :

1 - سن عفو تشريعي عام

2 - تحرير الإعلام وتكليف هيئة مستقلةبشؤون الإذاعة والتلفزة

3 - تحييد الإدارة وفصل الدين عن السياسة

4 - حق الأحزاب والمنظمات الديمقراطية في التواجد القانوني

5 - حل جهاز البوليس السياسي

6 - حل الحزب الحاكم باعتباره حزبا فاشيا معاديا للحرية وعائقا دون حدوث أي تغيير إيجابي

7 - انتخاب مجلس تأسيسي يتولى إلغاء القوانين الفاشية ووضع دستور ديمقراطي للبلاد وفتح المجال لإجراء انتخابات حرة في كافة المستويات.

إنّ هذه الأرضية التي أكدت مشروعيتها نتائج انتخابات 21 ماي الصورية تمثل المدخل إلى التغيير الذي من شأنه أن يسمح للشعب التونسي بممارسة سيادته ولقواه الديمقراطية والتقدمية بإسماع صوتها، والبلاد بتحقيق نهضتها.

-  من أجل تغيير في صالح الشعب والوطن

حزب العمال الشيوعي التونسي

نوفمبر 1995

"صوت الشعب" –عدد 115- 29 نوفمبر 1995


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني