الصفحة الأساسية > البديل الوطني > بيان تضامن من النسيج الجمعياتي التونسي مع الحركة الاحتجاجية ضد الفقر والتهميش (...)
بيان تضامن من النسيج الجمعياتي التونسي مع الحركة الاحتجاجية ضد الفقر والتهميش والبطالة
31 كانون الأول (ديسمبر) 2010

إن الجمعيات الممضية أسفله وهي تتابع باهتمام بالغ الاحتجاجات التي اندلعت بمدينة سيدي بوزيد إثر إحراق شاب من أصحاب الشهادات العاطلين عن العمل نفسه أمام مقر الولاية على الملإ وانتشارها في سائر قرى ومدن الولاية ثم اتساع مداها لتشمل عموم الجهات رافعة نفس المطالب الرافضة للفقر والبؤس والبطالة والفساد تؤكد ما يلي :
- أن ما أقدم عليه الشاب محمد البوعزيزي في سيدي بوزيد وما تبعه من أحداث مماثلة قام بها شبان آخرون يعكس حالة اليأس الحاد لدى شريحة العاطلين عن العمل وانسداد الأمل أمامهم في الحصول على مورد رزق يحفظ لهم كرامتهم وينزع عنهم الشعور بالغبن والقهر والتهميش.
- أن تفشي البطالة خصوصا لدى حاملي الشهادات العليا أدرك درجة تنذر بمخاطر جمة قد تدخل البلاد في أزمات اجتماعية لا احد يعرف عواقبها.
- أن الاختيارات المتبعة منذ عقود أبدت فشلها في حل القضايا الاقتصادية والاجتماعية القائمة ولم يزدها إلا ترديا من ذلك أن التفاوت الاجتماعي يتفاقم من يوم لآخر بين فئة ضئيلة العدد يتسارع ثراؤها الفاحش وتتكدس بين أيديها الثروة وعموم فئات الشعب التي تتدهور أوضاعها المعيشية ويتفاقم بؤسها على مرّ الأيام. ومن ذلك أيضا أن التنمية المتوفرة تسير بصورة عرجاء فالتباعد بين الجهات الداخلية والشريط الساحلي ينمو ويتطور باطراد إلى الحد الذي جعل الولايات الداخلية وخاصة ولايات الوسط الغربي تواجه إشكالات تنموية مزمنة وحادة وأضحت غير قادرة على جلب المستثمرين والباعثين الصناعيين سبب الافتقار لشروط الاستثمار ومقوماته. وتعترف الأرقام الرسمية نفسها بهذا الخلل الكبير: فالاستثمارات المرصودة للمناطق الساحلية قدرها المخطط العاشر للتنمية بـ 83,2% بينما لا تمثل كامل الجهات الداخلية سوى 16,8% وترتفع نسبة الفقر في الوسط الغربي وبصورة مهينة إذ تصل إلى 12,8% أي ثلاث مرات ونصف النسبة الوطنية المقدرة بـ .3,8% وبسبب انسحاب الدولة من الاستثمار وتخليها عن أدوارها التقليدية من حماية القطاع العام والتدخل لتعديل الكفة وحماية الجهات المحرومة والأقل حظا وهو ما أدّى لاستفحال الأزمات الداخلية، الأمر الذي جعل مسار التنمية فيها يدور في حلقات مفرغة تعيد إنتاج الفوارق نفسها بل وتعمقها سواء بين الطبقات أو بين الجهات أو بين الجنسين واكتفت الدولة بتقديم برامج وخطط لم يكن من شأنها سوى تقديم بعض الأجوبة الظرفية لإشكالات هيكلية راسخة ومن ذلك ما تعانيه النساء من هشاشة في التشغيل حيث تتضاعف لديهن نسبة البطالة قياسا إلى الشبان حتى ضمن حاملي الشهادات مما ساهم في ظاهرة تأنيث الفقر ومزيد تردي ظروف معيشتهن وتفاقم العنف المسلط ضدهن.

وتؤكد الجمعيات:

أن التنمية والديمقراطية متلازمان تلازم الورقة وقفاها إذ لا تنمية بدون ديمقراطية ولا ديمقراطية بعيدا عن التنمية. فنهج الانغلاق الذي اختاره نظام الحكم وانفراده بالرأي وغلق أبواب التحاور والتواصل مع مكونات المجتمع السياسية والمدنية وغياب هياكل المراقبة والمحاسبة على امتداد عقود ولد مناخا ملائما للفساد والمحسوبية وكل مظاهر الإستثراء غير الشرعي وجعل التنمية المتحققة والتي تسوق لها الجهات الرسمية بكونها "معجزة" هشة وقابلة للاهتزاز في أي وقت وجعلها أبعد ما يكون عن العدل والتوازن وتأمين الاستقرار.

وبناء على هذا التوصيف وانطلاقا من آثار الحركة الاحتجاجية الحالية فإننا:
- نحيي أهالينا في سيدي بوزيد وفي سائر الجهات ونعبر لهم عن مساندتنا اللامشروطة.
- نعبر عن تضامننا مع عائلات الضحايا في سيدي بوزيد ومنزل بوزيان وسيدي علي بن عون وقصر قفصة وندعو إلى فتح تحقيق محايد حول الأحداث لتحديد المسؤوليات ومحاسبة المتسببين في هذه الأحداث.
- نندد بالعنف الذي مارسته قوات الأمن والذي وصل إلى حد إطلاق الرصاص الحي في وجه مسيرات شعبية سلمية.
- نعبر عن استيائنا من الموقف الرسمي الذي قدم الاحتجاجات ضد الفقر والبطالة والبؤس على أنها "أعمال عنف وشغب" من صنع "أقلية من المتطرفين والمحرضين المأجورين" واكتفى بتوعّد المحتجين وهو ما يؤكد أن السلطات القائمة عاجزة عن استخلاص العبر من هذه الأزمة وغيرها من الأزمات وعاجزة عن تقديم الحلول لاستئصال جذورها.
- نطالب بإطلاق سراح جميع الموقوفين والكف عن سياسة الملاحقة واللجوء إلى الحلول الأمنية.
- نطالب باحترام حق التعبير في الفضاءات العمومية وإشراك الشباب في معالجة قضية البطالة والإنصات إلى أصواتهم واقتراحاتهم وضرورة تمكين العاطلين من حقهم في التنظم المستقل.
- نطالب بتراجع الدولة نمط التنمية الذي تتبعه والذي أثبت فشله وأدّى إلى مزيد التفقير والتهميش وتفشي البطالة خصوصا من الشبان والشابات من حاملي الشهادات.
- ندعو السلطات إلى فتح حوار جدي ومسؤول مع كافة القوى الحية في البلاد وكافة فعاليات المجتمع المدني الفاعلة والصادقة.

تونس في 30 ديسمبر 2010

الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان
جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية
الرابطة التونسية للكتاب الأحرار
المجلس الوطني للحريات بتونس
الاتحاد العام لطلبة تونس
التجمع من أجل تنمية بديلة – راد آتاك


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني