الصفحة الأساسية > بديل المرأة > بيان
بمناسبة اليوم العالمي للنساء 8 مارس 2009:
بيان
8 آذار (مارس) 2009

تحتفل النساء في كامل أرجاء المعمورة، يوم 8 مارس، بيومهن العالمي. ويكتسي الاحتفال هذه السنة صبغة خاصة، فهو يتم في أجواء الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالنظام الرأسمالي العالمي والتي تسعى البرجوازية وحكوماتها إلى تحميل العمال والكادحين وشعوب البلدان المهيمن عليها تبعَاتها المدمّرة. ويتحمّل النساء بشكل خاص النصيب الأوفر من هذه التبعات. فإذا كنّ في الأوقات العادية عرضة لأبشع أنواع الاستغلال بسبب جنسهن، فإنهنّ، في هذه الأزمة، الأكثر عرضة للطرد والبطالة والتفقير مثلما تشهد على ذلك أرقام المنظمات والهيئات الدولية التابعة للأمم المتحدة.

وليس حال النساء في تونس أفضل من حال النساء في البلدان الأخرى وخاصة التابعة منها رغم الدعاية المضَلّلة التي تروّجها الدكتاتوريّة النوفمبريّة للتّهوين من انعكاسات الأزمة على تونس والتّقليل من مسؤوليتها في ذلك. فقد اشتدّ الطّرد خصوصا في صفوف النّساء العاملات في قطاعات مثل النسيج والصناعات التحويلية والفلاحة وغيرها من القطاعات ذات الكثافة النسائية. كما ساءت من جهة أخرى ظروف العمل بالنسبة إلى من حالفهن الحظ وحافظن على شغلهن، علاوة على ما يلحقهن من تعب وشقاء جرّاء تحملهن أعباء العمل المنزلي وتربية الأطفال في وقت تلتهب فيه أسعار المحاضن ورياض الأطفال.

وتعاني ربات البيوت في مختلف الأوساط الشعبية بالمدن والأرياف أكثر من غيرهن من اشتداد وطأة بطالة الأبناء والبنات وغلاء الأسعار في الوقت الذي تكدّس فيه حفنة من النّهابين ومصّاصي الدّماء ثروات طائلة. وقد بيّنت أحداث الحوض المنجمي في العام الماضي مدى ضجر ربّات البيوت من هذه الأوضاع البائسة. وتواجه النساء الحوامل أكثر فأكثر المصاريف المشطّة للوضع والعلاج. كما أدّى تراجع نفقات الدّولة في مجال التعليم إلى حرمان عشرات الآلاف سنويا من الطالبات من السكن الجامعي مما يدفعهن إلى السكن في ظروف بائسة إن لم تكن خطرة أو الانقطاع عن الدراسة.

ولا يمكن للمرء أن يتجاهل تفاقم ظاهرة البغاء في بلادنا نتيجة الفقر والبؤس من جهة، وغياب أي مرجعية أخلاقية في مواجهة غول السوق وقيمه الاستهلاكية التي تشيّئ وتبضّع الإنسان وخاصة المرأة من جهة أخرى. وقد بيّنت العديد من الأحداث مدى تورط أجهزة الدولة في هذه التجارة الحاطة بالكرامة البشرية للنساء. وإلى ذلك فقد استشرى العنف المادي واللفظي ضدّ النساء في العائلة والمجتمع.

وتواجه النساء، كما الرجال، هذه الأوضاع المزرية وهن مجرّدات من حقوقهن الأساسية. فالدكتاتورية تمنعهن من حقهن في التعبير والتنظم والاجتماع، والبيروقراطية النقابية الموالية لها تتهاون حتى في مساعدة العاملات منهن على تكوين نقابات وتتركهن ضحية لتعسّف أرباب العمل. وتعاني الجمعيات والهيئات المستقلة العاملة في الحقل النسائي من حصار وتهميش مزمنين، أمنيين وإعلاميين.

ولا تتورع السلطة عن إطلاق كلابها المسعورة من بوليس سياسي ومن أقلام مأجورة على النساء اللواتي يتجرأن على الإصداع بصوتهن للدفاع عن كرامتهن وكرامة بنات جنسهن والشعب التونسي عامة. فقد تكاثرت في الأشهر الأخيرة الاعتداءات الجسدية على الناشطات في مختلف الواجهات وخاصة في المجال الحقوقي. كما تكثفت الحملة عليهن من طرف صحافة العار الممولة والمحمية من نظام بن علي والتي لا تتورع عن تعهيرهن ووصفهن بأبشع النعوت الموغلة في البذاءة والنذالة المأخوذة من قاموس ذكوري متخلف.

إن يوم 8 مارس هو يوم للتقييم، ولكنه أيضا يوم للتخطيط للمستقبل. فأمام هجمة الدكتاتورية النوفمبرية على حقوق النساء الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحرمانهن من أبسط حقوقهن السياسية، فإن السبيل الوحيد للتصدي لهذه الهجمة وللدفاع عن الحقوق والحريات هو النضال ولاشيء غير النضال. وقد بينت المساهمة النشيطة للنساء في انتفاضة الحوض المنجمي وفي الاعتصامات العمالية الكثيرة التي تشهدها العديد من مناطق البلاد وصمود المدافعات عن حقوق الإنسان بمن فيهن أمهات المساجين السياسيين، وجرأة العديد من المثقفات على فضح أكاذيب الدكتاتورية وخطابها الديماغوجي حول وضع النساء في تونس، دون أن ننسى مشاركة النساء الكثيفة في الاحتجاجات التي عرفتها بلا دنا على العدوان الصهيوني الغاشم على غزة، القوة الكامنة في النساء التونسيات والدور الذي يمكنهن القيام به إلى جانب أشقائهن من الرجال المستَغَلين والمظطَهَدين في مواجهة الدكتاتورية والاستغلال الفاحش.

إن حزب العمال الشيوعي التونسي، الذي ما انفك يدافع عن حقوق النساء التونسيات وفي مقدمتهن النساء العاملات والكادحات والشعبيات ويناضل ضدّ كافة أشكال الميز والاضطهاد التي يتعرضن لها، يدعوهن بهذه المناسبة إلى التجند مباشرة للتصدي لتبعات الأزمة وتحميلها للمتسببين فيها، لنظام بن علي وكبار الأثرياء المحيطين به الناهبين خيرات البلاد وثرواتها، دفاعا عن الحق في الشغل والصحة والتعليم وفي حرية التعبير والتنظم وفي الاختيار الحر والديمقراطي خصوصا في هذا العام الذي تعدّ فيه الدكتاتورية لمهزلة انتخابية جديدة تكرس بن علي رئيسا مدى الحياة.

تونس، في 8 مارس 2009
حزب العمال الشيوعي التونسي


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني