الصفحة الأساسية > البديل الوطني > تأجيج النعرات الجهوية حصان طروادة لتواصل فلول التجمع
أحداث قصرهلال:
تأجيج النعرات الجهوية حصان طروادة لتواصل فلول التجمع
13 آذار (مارس) 2011

شهدت مدينة قصرهلال في الأيام الأولى من شهر مارس أعمال عنف لم يعرف أهاليها مثيلا لها من قبل. وقد ذهب ضحية هذه الأحداث قرابة 200 جريحا بعضهم في حالة خطرة. كما تمّ حرق مصنع ومحلات تجارية ومداهمة عديد المنازل كانت عرضة للحرق والسرقة.

والملاحظ أنه تمّ استهداف منازل بعض المواطنين المعروفين بانتمائهم اليساري. أما الطالب والشاعر محمد أمين بن علي، أحد مناضلي الإتحاد العام لطلبة تونس وسجين سياسي سابق للحركة الطلابية ومن الناشطين أيام الثورة، فقد أدخل قسم الإنعاش بمستشفى المنستير في حالة خطرة بين الحياة والموت. ويقول بعض الشهود أنه تعرض إلى اعتداء همجي بالحجارة على مستوى الجمجمة وبعدة طعنات سكين. ويبدو أن عناصر من ميليشيات التجمع استهدفته مباشرة بعد نزوله من سيارة الأجرة التي امتطاها قادما من مدينة سوسة.

ويشير مسلسل الأحداث إلى أن التجمع بمدينة قصرهلال هو الذي نظمّ ووجه أعمال العنف والتخريب. إذ خرجت مليشياته في مسيرة تضمّ العشرات من الشبان يوم 27 فيفري سويعات فقط بعد استقالة الغنوشي ورفعوا شعارات تطالب بعودته. وقد حاولت هذه الميليشيات مداهمة بعض المحلات التجارية واضطر الجيش إلى تفريقها بإطلاق الرصاص في الهواء. وقد تزامنت هذه المسيرة مع جملة التحركات التي عرفتها البلاد باسم "الأغلبية الصامتة" في جهة الساحل وفي بعض الأحياء الميسورة في تونس العاصمة، المنزه والمنار والقبة، والتي طالبت بفك اعتصام القصبة وهاجمت منظميه. في نفس الوقت شهدت وسائل الإعلام وصفحات النات مباشرة بعد الندوة الصحفية للوزير المستقيل قيام حملة عشواء ضد مجلس حماية الثورة وضد مكوناته الجمعياتية والحزبية وتركزت حملة التشويه بصفة خاصة ضد الإتحاد العام التونسي للشغل بدعوى أن أمينه العام مورّط في قضايا الفساد وضد حزب العمال والناطق باسمه الرفيق حمة الهمامي. واستهدفت هذه الحملة بدرجة ثانية جمعية القضاة وجمعية المحامين وحركة النهضة.

لقد مثلت دعوة محمد الغنوشي لـ"الأغلبية الصامتة" إلى رفض ضغوطات ما سماه "الأقلية" المعتصمة في ساحة القصبة "كلمة السرّ" لانطلاق هذه الحملة وانطلاق تجمعات المنزه والمنار والقبة ولكن أيضا بداية التحركات التي قادتها مليشيات التجمع في مختلف الجهات وما ألحقته بالبلاد من أعمال عنف وتخريب.

في هذا الإطار بدأت وتواصلت أحداث قصرهلال وتآمر بقايا التجمع يمثل تعبيرتها السياسية.

لقد تواصلت أعمال العنف من يوم 1 مارس إلى يوم 3 مارس قامت خلالها مليشيات التجمع بتأجيج النعرة الجهوية وتأليب أهالي قصرهلال ضد سكان أولاد عيّار وتأليب هؤلاء ضد أولائك مستعينين في ذلك على سوابق جهوية قديمة. وعدى الجرحى الذين أصيبوا خلال هذه الأحداث، عمدت هذه الميليشيات إلى تنظيم وقيادة أعمال السرقة والحرق. وحرصت عناصر التجمع على اتهام أولاد عيّار دون غيرهم بما شهدته المدينة من أعمال عنف رغم أنهم كانوا أيضا ضحية مداهمات لمنازلهم ولأهاليهم. ومع الأسف نجح التجمع في جرّ عدد لا بأس به من الشباب ومن مواطني قصرهلال وزجّ بهم في أعمال همجية هي تشويه لثورة شعبنا وانحدار بأبناء الوطن الواحد في سلوكيات متخلفة ولا حضارية.

وتشير عديد الأخبار في مختلف الجهات إلى ركوب فلول التجمع النعرة الجهوية وسعيهم إلى تأليب أهالي مختلف الجهات والمدن والقرى بعضهم ضد بعض.وأصبحت تلك النعرات حصان طروادة لعودتهم السياسية على المستوى المحلي بعد أن كانوا من الأقلية الصامتة منذ قيام الثورة وهروب بن علي.

نحن نعتقد أن النعرة الجهوية ظاهرة قديمة لا تزال تنخر جسم شعبنا ووحدته ولكننا نلاحظ أن الطرف السياسي الوحيد الذي بصدد تغذية هذه النعرة والركوب عليها هو فلول التجمع وبقاياه ومليشياته مدعومين في ذلك ببعض الفئات الميسورة. والهدف من ذلك هو من ناحية استعادة المبادرة السياسية على المستوى المحلي ومن ناحية ثانية إضعاف مسار التحولات الثورية وذلك بجرّ المواطنين في قضايا هامشية وفي أعمال عنف من شأنها أن تبرر عودة أجهزة البوليس بقوة وتعزيز خطاب "هيبة الدولة" لعلّ في ذلك كبح لجماح النهوض الثوري للجماهير وتنفير المواطن عن الفعل السياسي الديمقراطي.

سمير حمودة
10 مارس 2011


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني