الصفحة الأساسية > البديل الوطني > تفاقم انتهاك الحريات وحقوق الإنسان في تونس
بمناسبة 10 ديسمبر:
تفاقم انتهاك الحريات وحقوق الإنسان في تونس
10 كانون الأول (ديسمبر) 2006

ما انفكت انتهاكات الحريات وحقوق الإنسان في تونس تتفاقم خلال السنوات الأخيرة ويزداد عدد ضحاياها يوما بعد يوم. وفي هذه السنة وباقتراب الاحتفال بذكرى صدور الميثاق العالمي لحقوق الإنسان في 10 ديسمبر 1948 تشدد السلطات التونسية التضييق على الحريات وتمعن في النيل منها. ففي حين يعلن بن علي بمناسبة وبغير مناسبة "اهتمام" نظامه بحقوق الإنسان و"رعايته" لها، يمارس التعذيب يوميا في مخافر الشرطة والسجون التونسية، ويتعرّض النّشطاء الحقوقيون والسياسيون، نساء ورجالا، إلى الاعتداءات الجسدية والمعنوية في الشوارع وأمام مقرات الجمعيات والأحزاب وتتكاثف الاعتقالات التعسفية والمحاكمات الجائرة وتمنع الاجتماعات والـــتظاهرات وتشتد محاصرة النشاط الحزبي والجمعياتي المستقل وتلجيم حرية التعبير.

ففي يوم 24 أكتوبر الماضي تعرّض عدد من عائلات المساجين السياسيين وخاصة النساء منهن اللواتي أضربن عن الطعام لمدّة يوم واحد بمنزل السيّدة سامية عبّو احتجاجا على استمرار اعتقال ذويهن، إلى الضرب والإهانة في الشارع وفي مركز القرجاني بالعاصمة مما أحدث أضرارا بدنية هامة للبعض منهن.

في مدينة قفصة تعرض الطالب سامي عمروسية إلى اعتداء وحشي من قبل أعوان البوليس السياسي، وهو في يومه السادس والثلاثين من إضراب الجوع الذي بدأه يوم 30 أكتوبر الفارط احتجاجا على طرده من الجامعات التونسية عقابا له على نشاطه النقابي صلب الاتحاد العام لطلبة تونس. وقد تم ذلك الاعتداء عندما توجّه مصحوبا بعدد من نشطاء الحركة الطلابية إلى مقر رئاسة الجامعة بالجهة للمطالبة بتسوية وضعه. وللتذكير فقد أوقف وأحيل على القضاء عدد من مسؤولي الاتحاد الذين ساندوه وسلطت عليهم أحكام بالسجن مع إسعافهم بتأجيل التنفيذ من قبل محكمة قفصة الابتدائية يوم الثلاثاء 28 نوفمبر الماضي.

كما تعرض يوم الخميس 7 ديسمبر الجاري، بمدينة الكاف كل من سامية عبّو زوجة الأستاذ محمد عبّو سجين الرأي، والدكتور المنصف المرزوقي رئيس "المؤتمر من أجل الجمهورية" والصحفي سليم بوخذير والمحامي سمير بن عمر الذين رافقوها إلى سجن الكاف إلى الاعتداء بالسب والشتم والضرب من قبل مليشيات تابعة للحزب الحاكم تحت حماية أعوان البوليس السياسي.

ويتعرّض باستمرار أصحاب الشهائد العليا العاطلون عن العمل إلى العنف اللفظي والجسدي كلما حاولوا التوجه إلى السلطات للمطالبة بحقهم في الشغل أو تجمعوا أو اعتصموا أو أضربوا عن الطعام (تونس، القيروان، قفصة، الرديف...) احتجاجا على بطالتهم. وقد عاينت الجمعية آثار تلك الاعتداءات على أجساد عدد منهم من بينهم خاصّة فلّة الرياحي.

وهاجمت يوم الاثنين 27 نوفمبر الماضي ميليشيات الحزب الحاكم طلبة كلية الآداب بالقيروان على مرأى ومسمع من البوليس والإدارة، مستعملة السكاكين والسلاسل والهراوات مخلّفة جروحا بليغة للعديد منهم (حسين السويسي، علي بن عبدالله، رشيد لحمودي، بدر الدين الشعباني، معز العياري، كريم إلاهي...).

وتضاف هذه الاعتداءات إلى سابقاتها التي تخللت هذه السنة وشملت مناضلات ومناضلي الجمعيات والنقابات والهيئات المهنية (المحامون، الصحافيون،الرابطيون،.الخ.) والأحزاب لتصبح ظاهرة إجرامية بارزة، تهدد سلامة النشيطات والنشطاء وتؤشر لمرحلة جديدة خطيرة في الحياة العامة.

ويؤكد كل الموقوفين خلال الأشهر الأخيرة وخاصة منهم الموقوفين في إطار ما يسمى بـ"قانون مقاومة الإرهاب" أنهم تعرّضوا خلال استنطاقهم لدى البوليس السياسي إلى صنوف من التعذيب الجسدي والمعنوي الذي خلّف للعديد منهم آثارا مادية ونفسية بالغة الخطورة. وقد وصل الأمر بأحد ضحايا هذه الاعتقالات التعسفية، هشام السعدي، إلى الإلقاء بنفسه من شباك مكتب التحقيق خلال شهر أكتوبر الماضي مما ألحق به كسورا بالغة الخطورة.

ويواصل جهاز القضاء كعادته التغاضي عن ممارسة التعذيب التي تشكل جريمة في نظر التشريعات المحلية والدولية التي وقّعت عليها الدولة التونسية. وبهذه الصورة يظلّ الإفلات من العقاب هو القاعدة وهو ما يشجّع الجلادين ورؤساءهم على التمادي في ممارسة التعذيب.

ويشتكي السجناء السياسيون الذين يقبع عدد منهم في السجن منذ ما يزيد عن الـ15 سنة، من استمرار تعرّضهم إلى سوء المعاملة وإلى الإهمال الصحي الذي أدى إلى وفاة البعض منهم بعد فترة قصيرة من مغادرة السجن على غرار ما حصل للسجين السياسي الهاشمي المكي، وتدهور صحّة البعض الآخر أو إصابته بعاهات أو أمراض مزمنة (الهادي الغالي، عبد اللطيف بوحجيلة، عبد الرحمان التليلي، سليم الحبيب، حافظ البرهومي، خالد العيوني، أيمن الدريدي...). كما تستمرّ عزلة بعض السجناء مثل السجين سيف الله بلحسين الذي يقضي عقابا بعشرات السنين سجنا.

ولا تزال المصالح السجنية تتعمّد إبعاد السجناء السياسيين المحكوم منهم والذي مازال في حالة إيقاف عن عائلاتهم ومحامييهم لعزلهم عن العالم الخارجي أو حرمانهم من إعداد وسائل الدفاع عن أنفسهم (مواصلة حبس الأستاذ محمد عبو بسجن الكاف، تشتيت الشبان الموقوفين بمقتضى قانون الإرهاب بسجون خارج تونس العاصمة خلافا لما تنصّ عليه التشريعات).

وتعمد السلطات بشكل مستمر إلى انتهاك حقوق الدفاع، فتمنع المحامين من زيارة منوبيهم وإن مكنتهم من ذلك فهي تفرض عليهم حضور أعوان إلى جانبهم إن لم يكن مكتب الزيارة ذاته مجّهزا بآلات التنصّت والتصوير، وهوما يمثل انتهاكا صارخا لسرّ المهنة.

ويمعن نظام الحكم في الاعتداء على المدافعين عن حقوق الإنسان لثنيهم عن القيام بواجبهم متجاهلا المواثيق الدولية التي أمضى عليها. وفي هذا الإطار يتواصل اعتقال المحامي محمد عبو، كما يتواصل الحصار المضروب على منزل السيد علي بن سالم نائب رئيس الجمعية ورئيس فرع الرابطة ببنزرت والملاحقة الأمنية لعديد الناشطات والنشطاء في الحقل الحقوقي.

وترتكب كل هذه الانتهاكات في إطار مواصلة السلطة مصادرة الحريات الفردية والعامة مصادرة تامة، وتضييق الخناق على كل الجمعيات والهيئات المستقلّة ووسائل الإعلام الحرّة وأحزاب المعارضة.

إن الجمعية التونسية لمقاومة التعذيب إذ تندد بهذه المناسبة بكافة مظاهر وأشكال انتهاك الحريات وحقوق الإنسان في تونس،

1 ـ تنبّه الرأي العام إلى خطورة وضع الحريات وحقوق الإنسان في تونس، وإمعان نظام الحكم في عدم الوفاء بالتزاماته الدولية، والحال أنه عضو في مجلس حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.

2 ـ تدعو كل الجمعيات، والهيئات والشخصيات المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان في تونس وفي الخارج إلى تكثيف الجهود وتوحيدها من أجل:
- القضاء على ممارسة التعذيب وسوء المعاملة.
- تمكين الهيئات الحقوقية الوطنية والإقليمية والدولية من زيارة أماكن الإيقاف (مراكز الأمن ...) والاعتقال (السجون).
- تحديد مدّة الإيقاف بـ48 ساعة غير قابلة للتمديد مع وجوب حضور المحامي أثناء البحث.
- ضمان زيارة المحامي لمنوّبه خلال مدّة الإيقاف وخلال قضاء العقوبة بالسجن.
- وضع حد للإفلات من العقاب ومحاسبة المسؤولين عن ممارسة التعذيب والاعتداءات الجسدية أمرا وتنفيذا.
- الكف عن هرسلة المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان، وفي هذا الإطار اطلاق سراح الأستاذ محمد عبو حالا ودون قيد أو شرط.
- رفع الحصار عن كل الجمعيات والمنظمات والهيئات الحقوقية، وتمكينها من عقد مؤتمراتها وممارسة أنشطتها بكل حرية.
- إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين وسن قانون العفو التشريعي العام.

الجـمعية التونسية لمقاومة الـتعذيب
تونس في 10 ديسمبر 2006


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني