الصفحة الأساسية > البديل الوطني > حملة هوجاء ضدّ حزب الثورة
حملة هوجاء ضدّ حزب الثورة
24 أيار (مايو) 2011

شهدت الأيام الأخيرة قيام حملة تشويه واسعة ضد مكونات جبهة 14 جانفي. وشملت التشويهات بصفة خاصة حركة الوطنيين الديمقراطيين وحزب العمال وبصفة أخص الرفيق حمّة الهمامي. الحكومة المؤقتة تكفلت بتحديد المضمون السياسي لهذه الحملة: "كل من دعا إلى تأجيل موعد 24 جويلية لانتخابات المجلس التأسيسي وكل من دعا إلى التظاهر والاحتجاج يقف وراء أعمال العنف والتخريب" سيناريو ونسق وأطراف هذه الحملة تُنبؤ بمسلسل حملات التشويه القادمة التي لن تنضب وقد تُصيب من جديد حزب العمال أو أيّ طرف سياسي آخر يُشهر سلاح الرأي المعارض لقوى الردّة وخيانة الثورة.

من الواضح أن منظمي حملات التشويه هذه هم البوليس السياسي والأطراف التي تمثلها سياسيا الحكومة الحالية. وما ادّعاءات السيد الباجي قائد السبسي، الوزير الأول الذي لا تخفى عليه كبيرة أو صغيرة، بأن أعمال العنف تهدف إلى تأجيل موعد 24 جويلية وتلميحه بذلك إلى مسؤولية مكونات جبهة 14 جانفي وخاصة حزب العمال إلا دليل على حنكته السياسية وصدق نوياه!

تحديد الأطراف التي تقف وراء أعمال العنف والتخريب وحتى القتل منذ يوم فرار بن علي لا يتطلب تحليلا سياسيا ولا بحثا قضائيا ولا حتى ذكاء يذكر وهو أقرب إلى "سرّ بوليشينال"، أي سرّ لا سرّ فيه. هذه الأطراف التي نكّلت بالشعب التونسي منذ بداية الثورة يوم 17 ديسمبر 2010 وتسببت في سقوط الشهداء وكانت ذراع بن علي من أجهزة أمن ومليشيات، هي التي تحاول اليوم الإفلات من المحاسبة على جرائمها وهي التي تتمتع اليوم بالغطاء الآمن الذي توفره لها خيارات الحكومة الحالية والسند الذي قدمها لها أحزاب الشرعية الدستورية، أحزاب خيانة الثورة.

إن حملة التشويه الأخيرة لم تهدف إلى ضرب حزب العمال والقوى الثورية ولا إلى إنقاذ موعد 24 جويلية الذي لم يعد من الممكن إنقاذه بقدر ما كانت تهدف إلى توفير الأمن والطمأنينة للأجهزة الأمنية المورّطة في قتل الشهداء ولعائلات الفساد التي نهبت خيرات البلاد في الوقت الذي يبقى فيه القضاء في قبضة رجالات العهد البائد.

أما تورّط الإعلام الرسمي وفي مقدمته القناة "الوطنية" التي استعرضت شهادات كاذبة لأشخاص يتهمون مباشرة حمة الهمامي، هم من المفروض على ذمة الإيقاف والتحقيق، فهو دليل قاطع على التنسيق القائم بين هذا النوع من الإعلام وقوات الأمن والحكومة المؤقتة. إنها مشاهد العار والانحطاط الإعلامي التي لا تبالي لا بقيم المواطنة ولا بالقيم الإنسانية. ولا نجد لها مثيلا اليوم إلا على الشاشات الرسمية للنظام السوري والليبي الذي ينكّل بمعارضيه ويعامل المحتجين معاملة الدواب. فبأيّ حق يتمّ عرض مواطنين على شاشة الإعلام المرئي وهم في حالة إيقاف أكانت تصريحاتهم كاذبة أم صحيحة. أليس ذلك اعتداء صارخ على هؤلاء المواطنين ومسّ وإذلال لكرامتهم.

يبدو أن "السيد" الوزير الأول الباجي قائد السبسي الذي صرّح عديد المرات أنه ضد المحاكمات الشعبية فيما يتعلق بمجرمي العهد البائد لم يكن على علم بهذه المسرحيات. دليل آخر على نزاهته وصدقه!

أمّا الأحزاب والمنظمات والشخصيات التي أعلنت ولائها اللامشروط لتاريخ 24 جويلية وعمل جمعيها على طمأنة الوزير الأول على حسن نواياها وحرصها الشديد على استقرار أمن البلاد فقد تساءلت "من هي الأطراف التي تقف وراء أعمال العنف؟" وطالبت الحكومة بتحقيقات نزيهة لكشف هذه الأطراف ومحاسبتها. الحقيقة أن مثل هذه التساؤلات لا ترتقي إلا إلى مستوى استبلاه المواطن التونسي ولا تشبه إلا سياسة النعامة.

فالأحزاب والمنظمات والشخصيات التي تقف حائرة أو تدّعي الحيرة أمام هوية الأطراف المتورطة في أعمال العنف وتخريب مسار الثورة اختارت سياسة خلط الأوراق وسياسة البلبلة وتفادي المواجهة مع أعداء الثورة. من منا لا يعرف من هم المخربون ومن هم القتلة ومن هم المفسدون؟! من منا لا يعرف ضد من حرق البوعزيزي جسده وضد من قامت ثورة 14 جانفي؟!

ورغم بساطة الحقائق وبيانها بيان الأبيض من الأسود فإن أحزابنا الديمقراطية ومنظماتنا الديمقراطية وشخصياتنا الديمقراطية لم تحرك ساكنا في الدفاع عن براءة ونزاهة حزب العمال وناطقه الرسمي الرفيق حمّة الهمامي! الكلّ هرول إلى القصبة معبّرا عن تطابق وجهة نظره مع وزيرها الأول.

إن حملة التشويه التي لا زالت متواصلة ضد حزب العمال ولا نخالها تنتهي وردود فعل باقي الأحزاب إنما يبين للشعب التونسي هوية الذين يقفون في المربع الأول للثورة وهوية أولئك الذين يقفون في مربعها الأخير.

سمير حمودة
23 ماي 2011


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني