الصفحة الأساسية > البديل الوطني > رسالة مفتوحة من الصحافي الفاهم بوكدوس إلى الرأي العام
رسالة مفتوحة من الصحافي الفاهم بوكدوس إلى الرأي العام
10 تموز (يوليو) 2010

لاشك أن الجميع على إطلاع بما عشته وأعيشه طيلة الأسبوع المنقضي، إذ رغم تعرّضي لأزمة ربو حادة فرضت عليّ الإقامة في المستشفى الجامعي فرحات حشاد بسوسة منذ يوم الجمعة 2 جويلية 2010، فإنّ محكمة الاستئناف بقفصة أبت إلا أن تصدر حكمها ضدي والقاضي بـ4 سنوات سجنا رغم تقدّم محاميّ بشهادة إقامة في المستشفى وهو خرق قانوني خطير ومسّ من أحد أركان المحاكمة العادلة، بالتوازي مع ذلك يحاصر غرفتي بقسم الأمراض الصدرية بالمستشفى المذكور عدد من أعوان البوليس الذين حاولوا أكثر من مرة التأثير على الإطار الطبي من أجل إخراجي من المستشفى، وهم يتربّصون الآن من أجل الزجّ بي في السجن حال مغادرتي.

إنني إذ أتوجه للرأي العام المحلي والدولي وفي مقدمته الجسم الصحفي الذي أتشرف بالانتماء إليه، فكي يكونوا على بيّنة من وضعيتي التي تنذر بخطر محدق، خطر جدي لا مفتعل، إنني لا أذيع سرا حين أقول إن مرض الربو يلازمني منذ أكثر من 20 سنة وهو من النوع الحاد وهو في مرحلة متقدمة جدا، وأن أزماته المتتابعة أنهكت بدني وأضعفت قدرته على التحمّل، هذا البدن الذي تعوّد على التدخلات العاجلة وجرعات من العقاقير لن تتوفر في حال الرمي بي في السجن، إن التعفن الذي طال الرئتين وانسداد قنوات التنفس يؤدي بصفة حتمية إلى نقص نسب الأوكسجين في الدماغ ممّا يفقدني الوعي ويدخلني في غيبوبة ممّا يستدعي التعجيل بالتنفس الاصطناعي الذي ساهم ويساهم في إنقاذي من موت محقق. إن الزج بي في عنابر السجن التي أعرفها جيدا سيضاعف معاناتي ويعقد وضعي الصحي وهو وضع عشته سابقا، فالسجن ليس إلا رديفا للاكتظاظ والأوساخ والرطوبة وكثرة المدخنين وضيق التنفس (للجميع) خاصة في أشهر الصيف القائضة، فضلا عن خضوع المتابعة الصحية التي يمكن أن أتلقاها إلى تدخل إدارة السجن زيادة على بطئها وعدم جديتها وجدواها في أغلب الأحيان. إن ذهابي لمثل هكذا وضع وفي مثل حالتي هذه لن يكون إلا حكما عليّ بالموت.

إنني إذ أتوجه إليكم بهذا النداء، فإنني أحمّل السلطة التونسية كامل مسؤوليتها فيما يمكن أن أتعرّض له من تعكرات حتمية، فأنا خارج من المستشفى ذاهب إلى السجن/الموت.

إنني حين اخترت مهنة الصحافة، فقد اخترت صف الكلمة الحرة والنظيفة والمنحازة للحقيقة، وأنا أعرف جيدا الضريبة المفروضة على من اختار هذا النهج، وأنا لن أكون أقلّ جرأة وشجاعة ممّن سبقني في هذا الدرب، فلن تربكني الأحكام الجائرة ولن أتخلف عن تقديم الضريبة ولو كانت حياتي، فلتكن حياتي ثمنا فداءا للحرية والديمقراطية.

10 جويلية 2010

الصحفي الفاهم بوكدوس
مراسل قناة الحوار التونسي وموقع البديل الالكتروني
المستشفى الجامعي فرحات حشاد بسوسة


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني