الصفحة الأساسية > البديل الوطني > شهر من أربع سنوات
شهر من أربع سنوات
14 آب (أغسطس) 2010

مضى اليوم شهر على سجن زوجي الصحفي الفاهم بوكدّوس الذي يقضّي مثلما هو معلوم حُكما بأربع سنوات، هي دونما شكّ ثمرة محاكمة غير عادلة بالمرّة، انتفت فيها أبسط شروط المحاكمة العادلة وفق المقاييس المحلّية والعالميّة. أكثر من ذلك فإنّ بقاء الفاهم وراء القضبان بظروفه الصحّية لا يجدُ أيّ مُبرّر له ولو ضعيف لا في السّياق الذي تطوّرت إليه قضيّة ما عُرف "بالوفاق الجنائيّ".

يقبع فاهم بوكدّوس في غرفة من المؤكّد أنّها تتلاءم مع المواصفات السيّئة للسجون التونسيّة حيث الاكتظاظ والتلوّث الهوائيّ والشذوذ والأمراض والضجيج الذي يدمر الأعصاب...

دون ريب يُقاوم مجمل تلك الظروف ليطوي الأيّام ويغالب نوبات الربو" التي استفحلت في الأيّام الأخيرة، بحكم الشدّ العصبيّ المرتفع والظروف الصعبة وضعف المتابعة الصحيّة.

يدخل شهره الثاني بعيدا عن أهله وحياته، وعن مزاولة مهنته التي عشقها رغم كلفتها الباهظة التي كان واعيا بها ولم يقبل يوما لا المساومة حول نقل الحقيقة كما هي ولا المهادنة في الانتصار لقضايا الفئات الكادحة والمضطهدة، ذاك الانتصار الذي وضعه رغم البعد الجغرافيّ في قلب الانتفاضة المجيدة للحوض المنجميّ.

واصل نقل الحقيقة وأسهم بقسط وافر في إدارة الرقاب وتعديل الأجندات السياسيّة وطنيّا وعالميّا حول "الحريق الاجتماعي" الذي تضافرت جهود السلطة وخدمها –وما أكثرهم- من أجل إخماده حينا واحتوائه أحيانا أخرى.

أسهم بقسط وفير في وضع انتفاضة الحوض المنجمي في مدارها الصحيح ومزّق جدار الصمت الذي أقامته الديكتاتوريّة لمواصلة مغالطة الرأي العامّ الداخلي وخصوصا الخارجي حول ما سُمّي كذبا معجزة تونسيّة اقتصاديّة ورخاء اجتماعيا وغيرها من الشعارات الزائفة.

قاوم الفاهم بوكدّوس بشرف ودخل سجنه بعزّة، وصبيحة كلّ يوم اثنين أثناء زيارتي له ألتقط من قسمات وجهه،وبريق عينيه وبعض كلمات هاربة من الرقابة وصقيع البلّور، معاني جديدة للصمود والأمل في انتصار الحقيقة وقيم الحرّية والعدالة الاجتماعيّة.

الحرّية للفاهم بوكدّوس
الخزيُ لأعداء الحرّية.

14 أوت 2010

عفاف بالناصر


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني