الصفحة الأساسية > البديل الوطني > عمارة العباسي مرّة أخرى
عمارة العباسي مرّة أخرى
20 أيار (مايو) 2008

لقد اتفقت كلّ التقييمات لانتفاضة الحوض المنجمي أن الوضع داخل الاتحاد الجهوي للشغل بقفصة قد أثر سلبا على تطوّر الحركة الاحتجاجية ونضج قدراتها التنظيمية، وبذلك تكون الحركة قد خسرت حليفا رئيسيا في الحراك الاجتماعي لكن الأدهى أنه وإن لازم الصمت طيلة الأشهر الأولى للاحتجاجات، فإنه جاهر بمعاداتها شيئا فشيئا عبر تشويهها وتسليط العقوبات النقابية على رموزها من النقابيين بل وحتّى تنظيم التجمّعات للتنديد بها وصولا إلى تجنيد الميليشيات إنّ كلّ هذا الوضع هو نتيجة لمشاركته شركة فسفاط قفصة إفساد المناظرة التي أفاضت كأس الاحتجاجات، ولتمعّشه من هبات الشركة وصفقاتها. وكان من الطبيعي أن يكون الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بقفصة عمارة العباسي حجر الزاوية في هذا الوضع البائس، ممّا جعل سلوكاته تتناقض مع أبسط مبادئ العمل النقابي والتي كانت آخر فصولها يوم الاثنين 19 ماي حيث تولّي صحبة موظّفي الاتحاد وعمّال شركته للمناولة وبعض الوجوه المشبوهة طرد أحد المضربين عن الطعام من الاتحاد صحبة أفراد عائلته الذين قدموا لمساندته وتسليمه لقوات الأمن.

لقد خلف حسن بن البشير بن محمّد صياحي، المولود في 13 ماي 1969 بالمظيلة وصاحب بطاقة تعريف وطنية عدد 03157102 والصادرة بتاريخ 3 ماي 2007، أباه بمنجم الفسفاط بالمظيلة بعد وفاته بحادث شغل يوم 15 ماي 1984، لكنّ عملية انتدابه كانت غريبة لأنّه لم يتجاوز من العمر 14 سنة وواصل فيه 4 سنوات في مخالفة صريحة لقوانين الشغل، وهو الأمر الذي عجّل بإرهاقه ومرضه، إلاّ أنه رغم استظهاره بشهادة طبية في الغرض وقع طرده وحرمانه من العمل، ورغم تقدّمه بالعديد من المطالب إلى جميع السلط المحلّة والجهوية والوطنية لإرجاعه إلى سالف عمله لكن دون جدوى. إلاّ أن القرار الرئاسي الأخير القاضي بانتداب أبناء المتضرّرين ضمن حوادث الشغل قد أعاد إليه الأمل إلا أن اتصالاته بالسلط المسؤولية قادته إلى مزيد من المماطلة، فاستنجد بالاتحاد الجهوي وفي ظنّه أنّ النقابات التي ناضل فيها أبوه سنوات طوال مازالت على عهدها في نصرة الحقّ والعدل، حيث خضع لمدّة أخرى من الوعود والتطمينات مما جعله يقرّر خوض إضراب جوع بمقرّ الاتحاد صباح الأحد 18 ماي مسنودا بأربع أخوات وأخ يعانون البطالة والحرمان، ولقد وعده أعضاء في المكتب التنفيذي الجهوي بالتدخّل لتسوية وضعيته في ظرف 12 ساعة، وحين رجع في اليوم الموالي لمتابعة الموضوع فوجئ بتجاهل تامّ حتّى أن عمارة العباسي نفسه هدّده بضربه وطرده خارج الاتحاد وتلفيق قضيّة ضدّه، واستنجد فعليا ببعض مفتولي العضلات من عمّال شركته للمناولة ومنحرفي المدينة الذين تولوا إخراجه ضربا من مقرّ الاتحاد صحبة أخواته فائزة وحبيبة وفتحية ووريدة، أين تولّت مجموعة من البوليس نقلهم إلى مركز حي النور وإجبارهم على إمضاء التزام بعدم الاحتجاج أمام أو داخل الاتحاد أو الإدارات الرسمية وغير الرسمية.

حدث هذا في الوقت الذي تتواتر فيه إضرابات الجوع والإعتصامات بالمقرّات المحلّية للاتحاد بالرديف وأم العرائس والمتلوي. فهل سيُجبر عمارة العباسي على دفع الملايين لتجنيد ميليشيات لطرد المحتجّين منها أم أن لانتفاضة المناجم منطقا آخر لا يترك مكانا للسماسرة والمرتزقة ومصّاصي دماء العمّال والفقراء والمهمّشين.

فريد عيساوي


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني