الصفحة الأساسية > البديل الوطني > قتـلة... ويمرحون
قتـلة... ويمرحون
20 أيار (مايو) 2008

تابع الرأي العام الوطني والخارجي الكثير من حيثيات الجريمة السوداء التي راح ضحيّتها الشاب هشام بن جدّو علايمي (23 سنة)، نتيجة صعقة كهربائيّة وقف وراءها - حسب إجماع المئات من الحاضرين لحظة سقوط الضحيّة بقرية تبّديت من معتمديّة الرديف - معتمد المكان وحارس المحطّة الكهربائيّة ومسؤول أمني كبير أغلب الظن أنه مدير إقليم الأمن الوطني بقفصة.

فرفاق الشهيد المعتصمين معه أكّـدوا هذا المُعطى، ومئات الحاضرين بساحة الجريمة أقرُّوا ذلك، وقد تسرّبت بعض هذه المعطيات إلى الإعلام الوطني والخارجي، إلا أنّ السلطة القائمة لم تُحرّك ساكنا تُجاه القتلة، فثلاثتهم محلّ شُبهـة في جريمة القتل إلا أنهم ما زالوا في مواقعهم يُمارسون سلطاتهم وينعمون بالحُريّــة؟؟؟ وحتّى نكون دقيقين وحده حارس المحطّة الكهربائيّة اختفى عن الأنظار ليقيم في منزل آمن بين أقاربه وذويــه..

شيّـــع المئات من الأهالي والنشطاء النقابيين والسياسيين ليلة 6 ماي جثة الشهيد الورى وأعتقد الكثيرون وقتها أن النظام سيسرع باتخاذ الإجراءات التي تضمن الحدّ الأدنى من مقتضيات مساحيق دولة القانون التي كثيرا ما تشدّقوا بها. والحدّ الأدنى المطلوب قانونا في جريمة الحال كان يقتضي الإيقاف الفوري للمضنون فيهم والشروع في تحقيق جدّي حتّى يقع تحديد المسؤوليات وفق وقوعها، وهو الإجراء الوحيد الذي كان بالإمكان اتخاذه حفظا لتطبيق الفصول القانونية المتّصلة بتلك الجريمة، وهو الإجراء الوحيد الذي كان من الممكن المسارعة به لحفظ الاحتقان والتوتّر السائد بين الأهالي.

ذاك ما ذهبت إليه أكثر التخمينات، إلاّ أن منطق الديكتاتورية الغاشمة اشتغل في اتجاه آخر ضمن، أولا، حماية القتلة وتركهم في مناصبهم، وثانيا، القيام بضربة بوليسية استباقية لقطع الطريق أمام ردود أفعال الأهالي، وثالثا، استعادة هيبة الدولة المفقودة من خلال التنكيل الهمجي بالمواطنين وكسر شوكة صمودهم.

ذاك كان حساب السلطة إلاّ أن الحصيلة الواقعية أتت مغايرة فالهوّة القائمة أصلا بين الأهالي وهذه السلطة تعمّقت ومحاولة كسر شوكة الصمود انتهت إلى الفشل الذريع، ولعلّ حال أعوان البوليس رغم عددهم وعتادهم في مواجهات الشوارع بأم العرائس أفضل دليل.

فهل لدى هذه السلطة الشجاعة الأخلاقية والسياسية الكافية للتصريح عن عدد أعوان البوليس المصابين؟ وهل لدى هذه السلطة نفس الشجاعة لتقديم فكرة بسيطة للرأي العام عن الروح المعنوية المتدهورة لجهاز قمعها؟ وهل لديها القليل من تلك الشجاعة لتعلن عن الصعوبات الجسيمة التي تواجه إبقاء تلك القوات في حالة حرب مع الأهالي العزّل؟

وحتّى لا تذهب دماء أوّل شهداء انتفاضة الحوض المنجمي هدرا، ندعو كلّ القوى الديمقراطية إلى مواصلة النضال من أجل كشف حقيقة جريمة القتل كاملة، ومحاسبة المجرمين والآمرين بها مهما كانت مناصبهم.


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني