الصفحة الأساسية > البديل الوطني > كل الدواليب تتوقف إذا أرادت سواعدك الجبارة (*)
كل الدواليب تتوقف إذا أرادت سواعدك الجبارة (*)
14 كانون الثاني (يناير) 2008

مازالت منطقة الحوض المنجمي بجهة قفصة وتحديدا المظيلة وأم العرائس تعيش تحت إيقاع الاحتجاجات الشعبية الواسعة دفاعا عن حق الشغل وسخطا على نظام الحكم وكل أعوانه وخدمه المورّطين حتى النخاع في تمرير خياراته اللاشعبيّة.

ولعلّ ما يلفت الانتباه هو من جهة تواصل الاحتجاجات لمدّة تجاوزت الأسبوع عكس المرّات السابقة، ومن جهة أخرى استمرار التكتم الرسمي على ما يدور. وكأن الأمر إمّا حدث عرضي وهامشي لا معنى له، وإما أن هذه الجهة ليست ضمن التراب التونسي أصلا!!!

حتى يومنا هذا مازالت المسيرات الشعبية تجوب شوارع مدينة أم العرائس، إضافة إلى تزايد أعداد المضربين عن الطعام وتكاثر الخيام المنتصبة بالشوارع الرئيسية.

وحتى يومنا هذا مازالت منطقة برج العكارمة مسرحا لمئات المعتصمين من النساء والرجال، وحتى ليلة البارحة مازالت الاشتباكات مستمرة بين المحتجين وفرق البوليس في مداخل مدينة المظيلة.

والأهم من كل شيء هو استمرار تعطل النشاط الاقتصادي الأبرز بهذه الجهة، أي استخراج الفسفاط.

يحدث كل هذا ونظام بن علي ينظر بعين وحيدة للجهة وانتفاضتها العارمة. ومثلما هو معلوم فهذه العين لا تبصر إلا من زاوية وحيدة تتمثل في المعالجات الأمنية لفرض الصمت على الجميع، وبعدها يجدون الوقاحة للتباهي بالاستقرار الذي "تنعم به البلاد"!!!

وفي مثل هذه الأوضاع التي تعيشها قفصة تأكد بما لا يدع مجالا للشك الفشل الذريع لسياسة العصا الغليظة وهشاشة بل زيف مقولات "الاستقرار الاجتماعي" و"الأمن والأمان"...، ذلك أن كل الحلول الأمنية القهرية لم تفلح في عودة الهدوء وإعادة الأمور إلى نصابها بكل من أم العرائس والمظيلة. بل على عكس ذلك، فاللجوء إلى استعمال القوّة (عنف على بعض المحتجين، إيقافان...) مثل الوقود الإضافي لاتساع رقعة الاحتجاجات وتجذر مضامينها وأساليبها النضالية التي وصلت في المظيلة حدا مهينا لهذا النظام الذي اضطرّ إلى القبول بالتفاوض مع المحتجين لإجراء عملية تبادل مختطفين (رائد بالأمن مقابل 7 موقوفين)!!!

فشلت القبضة الحديدية، وفشلت الوعود الزائفة وفشلت كل المحاولات المسمومة من رجال المطافئ المحسوبين على المعارضة والنضال وبقي صوت المحتجين عاليا ضد الحيف الاجتماعي والغبن.

وكل الدلائل تؤكد على الإمكانيات الواقعية لتطور الأوضاع بشكل سريع بالمنطقة في الأيام القليلة القادمة.

وهو ما يدعو المعارضة الديمقراطية في بلادنا إلى:

1 - الإسراع بمدّ كل أشكال العون السياسي وخصوصا الإعلامي للإسهام في تمزيق الصمت المضروب على احتجاجات قاربت حد الانتفاضة الشعبية بجهة قفصة.

2 - الضغط بكل الإمكانيات على نظام الحكم حتى لا تتجه الأمور أكثر فأكثر نحو الإيغال في التنكيل بالمحتجين وتضييق الحصار البولسي المضروب على جهة أصبح يحلو لمتساكنيها تشبيهها بغزة.

3- المبادرة بتكوين لجنة وطنية لتأمين مثل هذه المهمات وغيرها ورفع الصوت عاليا لمحاسبة كل المسؤولين الحقيقين عن الأضرار الفادحة التي طالت جهة قفصة.

ملاحظة

(*) مطلع أغنية شعبية ألمانية قديمة.


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني