الصفحة الأساسية > بديل الشباب > لا خيار أمام الطلبة سوى التوحّد والنضال
في بداية السنة الجامعية:
لا خيار أمام الطلبة سوى التوحّد والنضال
24 تشرين الأول (أكتوبر) 2009

لا يمكن للأوضاع المأساوية التي يمرّ بها الشعب التونسي عشية المهزلة الانتخابية أن تستثني الطلبة وهم يعودون إلى الجامعة. فقد طالتهم التهم الكيدية وزج بهم في السجون وحرموا من أبسط حقوقهم في الدراسة والسكن لثنيهم عن القيام بدورهم كطليعة في النضال ضد خيارات الدولة على المستوى الجامعي والوطني والقومي والدولي. لقد كانت الحركة الطلابية منذ الخمسينات تتصدر نضالات الشعب التونسي وأسست منظمتها الطلابية، الاتحاد العام لطلبة تونس، ورسمت ملامحها وتوجهاتها في غمرة النضال حتى بينت بالكاشف مطامح الحزب الحاكم والبرجوازية العميلة من ورائه في إلحاق هذه المنظمة بهياكل الحزب، فعاش الاتحاد العام لطلبة تونس وهو يناضل من أجل استقلاليته ومحافظا في جوهره وتسييره على الانحياز لقضايا الطلاب وقطع تنظيميا وسياسيا مع الحزب الحاكم إثر انقلاب قربة. إن الاستقلالية تطرح نفسها اليوم كما لم تطرح من قبل على اعتبار أن الأوضاع الصعبة التي يعيشها النظام تجعله مسكونا بهاجس التركيع والاختراق. وكلما اشتدت أزمته شدد من قبضته الأمنية وحاول ربح مساحات على الحركة الطلابية ومكوناتها وحصرها في هوامش دفاعية تلهيها عن القيام بمسؤولياتها تجاه الطلاب. كيف لا وهي مقدمة على الإعلان المفضوح عن الرئاسة مدى الحياة؟ كيف لا وخياراتها و"إصلاحاتها" تهوي الواحدة تلو الأخرى وتثبت بشكل قاطع ارتجالياتها وافتقادها إلى العلمية والبيداغوجية والأكاديمية التي تؤهل أبناء هذا الشعب لتحصيل شغلهم وكرامتهم وتقيهم وعائلاتهم من الفاقة والبؤس. إن الدكتاتورية إذ تعادي الاتحاد العام لطلبة تونس وتمنعه من عقد مؤتمره فهي تعرف جيدا أن منظمة بهذا الامتداد الجماهيري يمكن أن تكون رقما صعبا في معادلتها الاجتماعية والسياسية لذلك فهي تعمل على بعث الفرقة وفرض حالة من الارتباك والفراغ التنظيمي الذي يمنع الاتحاد من العمل المستقل والديمقراطي بصفته مؤسسة تخضع لقرارات منتسبيها وهياكلهم الشرعية بما تمليه الحركة الطلابية المركزية.

إن الدفاع عن إنجاز المؤتمر التوحيدي بعيدا عن كل حلول مثالية قافزة عن الواقع أو الوقوع في الانتظارية هو في حقيقة الأمر تفويت على كل مكونات الحركة الطلابية الفاعلة في المسار التوحيدي لفرصة الاستفادة من هذا الظرف لتعميق وتجذير شرعيتها النضالية والسياسية وقد عبرت فيما مضى من خطوات المسار التوحيدي عن نضجها ومسؤوليتها وأسقطت مناورات السلطة لفرقعة هذه الوحدة مما اضطرها للخروج من "حيادها" المزعوم ولتقمع بالكاشف عبر جحافل البوليس المناضلين والطلبة وتردعهم عن إنجاز مؤتمرهم في شهر افريل من هذه السنة. إن المسار التوحيدي قد اكتسب شرعيته واسقط كل حسابات التوجه "الشرعوي" الذي يتعلل بـ"القانونية" و"احترام الهياكل" ليخفي تواطؤه مع الحزب الحاكم في هذه الجريمة وراجت كتاباته ليصبح بعضها عبارة عن تقارير بوليسية وبيانات "حسن نية" للظهور بمظهر المتعقل والواقعي. إن الواقعية لدى اليمينية والانتهازية هي المرادف المباشر لتقديم التنازلات ومنح الفرصة للبرجوازية العميلة لتحديد مصير المنظمة والتلاعب بقرارها الداخلي وشعاراتها المركزية وممارستها النضالية. إن القانونية بالنسبة لهؤلاء تحيل مباشرة إلى مقايضة قائمة على تسميم الجامعة بمضمون اجتماعي وسياسي تهادني يتم تسويقه على أنه صوت العقل وحامل الشرعية ومناهض "للانقلاب" عليها. إن مكونات الحركة الطلابية لها ما يكفي من الخبرة السياسية والإرث النضالي الذي يخول لها أن تعي أن اقتناص اللحظة المناسبة للمضي خطوات عملية في مشروع التوحيد مسألة أساسية تحدد مدى الفاعلية والنجاح في تحقيق الأهداف وأنها دون الحد الأدنى من المركزة على المستوى الجزئي والجهوي والوطني داخل هيئة أركان الحركة الطلابية سيجعل مجمل المكتسبات التي حققها المسار تتلاشى وتخلق فلولا. فالإرادة السياسية على ضرورتها لا تكفي إذا لم تتلوها خطوات عملية تتعامل مع القانونية على أنها حق مكتسب لا يقبل التنازل والشيء الذي سيحميها من مرض الشرعوية الذي كرسته اليمينية والانتهازية في مؤتمراتها السابقة.

إن وحدة الأطراف السياسية الداعمة للمسار التوحيدي وتوافقها على حدود دنيا سياسية ونقابية سيشكل ضمانة من ضمانات إسقاط جميع محاولات إجهاض المؤتمر التوحيدي واستئناف أشغاله. كما يعتبر الشكل التقني وحسن اختياره بما يتناسب مع هذا الوضع مسالة رئيسية تمليها الظروف العصيبة من انغلاق وقمع طال جميع العائلات السياسية المستقلة المدعوة إلى تجاوز حالة البهتة والنهوض من جديد لتنظيم الرد المشترك على منع انعقاد المؤتمر والبحث بجدية عن سبل تجاوز هذا المأزق بهدف إعادة الاتحاد إلى وضعه الطبيعي وعقد مؤتمره الموحد.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني