الصفحة الأساسية > البديل الوطني > لمن المصلحة في تعفين الأجواء في قفصة؟
لمن المصلحة في تعفين الأجواء في قفصة؟
24 كانون الأول (ديسمبر) 2009

لقد شغلت جهة قفصة اهتمام الرأي العام الوطني والدولي وتسلّطت عليها "أضواء" السلطة طيلة السنتين الماضيتين وخاصة بعد قمع الحركة الاحتجاجية والزج بقادتها وشبابها في السجون، ولقد جاء تسريح المعتقلين المنجميين في 4 نوفمبر الماضي كخطوة نحو تنفيس الاحتقان الأهلي ومحاولة "التصالح" مع السكان وإنساءهم جرائم الأشهر الماضية ومعاناة الحاضر، إلا أن مساعي ضرب هذه لخطوة الصغيرة مازالت تتصاعد في المستويات السياسية والأمنية والإدارية.

1 – أمين عام التجمع يهدّد بالحلول الأمنية:

حطّ محمد الغرياني أمين عام حزب السلطة رحاله بمدينة الرديف أيام بعد إطلاق سراح المعتقلين، واستنجدت السلط المحلية والجهوية بحافلتين لنقل المصفقين إلى المعتمدية المكلومة بعد امتناع سكانها على الترحيب به، ويبدو أن هذا المسؤول لم يرق له الترحاب الذي ظفر به رفاق عدنان الحاجي مقابل الازدراء الذي قوبل به، فخانته الفطنة السياسية وصرح بأن السلطة لن تسجن المنتفضين المحتملين في المستقبل ملمحا إلى أن إطلاق النار عليهم وتصفيتهم سيكون الحل الوحيد للتعامل معهم، منتصرا في ذلك للطبيعة الاستبدادية لنظام الحكم الذي لا يمكن أن يتصالح مع الحوار الجدي والمسؤول ولا أن يستنجد بالمعالجات المعمقة لمشاكل البلاد والعباد، ولا يلبث أن ينقلب على المكاسب التي تحققها الجماهير محاولا السطو عليها مجددا. ولئن كان محمد الغرياني يوجه بذلك رسالة تهديد صريحة للسكان ولقادة حركتهم الاجتماعية ويدعوهم قسريا للكف عن المطالبة بتغيير نمط حياتهم المفقر، فإنه لا يقرأ جيدا اللحظة السياسية التي تعرفها المنطقة والتي تسعى فيها السلطة ولو بقدر ضئيل للتكفير عن مجمل سياساتها غير العادلة بالجهة، كما أنه يجهل المكاسب الذهنية والمعنوية التي تمتع بها الأهالي طيلة الفترة الماضية وتسلحهم بشكيمة أقوى لمواجهة أوضاعهم الصعبة، والتي نزعت عنهم نهائيا قيود الخوف والرهبة من ترسانات السلطة القمعية.

2 - الجلاد محمد اليوسفي منتصر على الدوام للتغول البوليسي:

لقد توج الحراك الاجتماعي بالحوض المنجمي محمد اليوسفي جلاد الجهة بامتياز، حيث كان وفيا حتى النخاع لتعليمات مسؤوليه في التنكيل بالأهالي المنتفضين وبقادتهم، مذيقا إيّاهم أبشع فنون التعذيب والتنكيل، كما أضاف من خياله المريض أفضع الممارسات وأشدها بدائية وقروسطية في حب مرضي للتشفي والشماتة. كما تصدر حملة تصفية حركة التضامن مع المنجميين فضيق على رموزها بالجهة وأساء إلى عناصرها التي زارت الجهة إبّان المحاكمات، فلم يسلم منه لا المحامون ولا النقابيون ولا الشخصيات السياسية والحقوقية ولا النساء ولا الشيوخ، وأصبح اسمه يُلاك في كل الألسن وفي الاجتماعات الحزبية والصحف والمواقع الالكترونية، ويرد في كل تقارير المنظمات الإنسانية محليّا ودوليّا، كما باتت أفعاله الشاذة محل تندر حتى أنه افتك ذات مرة عدد من جريدة "الطريق الجديد" من يد أحد النشطاء مهددا بأنه لن يسمح ببيع أيّة صحيفة في المستقبل لا يرد فيها اسمه، ولئن حاول هذا الجلاد في البداية توظيف هذا "التميز" للحصول على ترقية إلى أعلى من رتبة رئيس فرقة الإرشاد بمنطقة شرطة قفصة، إلا أن رميه بإحدى مصالح إقليم البوليس بقفصة جعله يستميت في استغلال ذات "الموهبة" للخروج من الجهة التي لفظته مثلما صرح بذلك مرارا في أكثر من مكان عام، ولعلّ ما يُؤتيه في الأسابيع الأخيرة من تعرّض للنشطاء بالسب والقصف وهتك الأعراض في الشوارع والمقاهي وخارج أوقات العمل يُؤكد هذا المنحى. وسواء حقق هذا المجرم أيّ من مساعيه أو فشل فيها فإنه أصبح أداة فعّالة لتأليب المواطنين ضد الانفلات البوليسي وآفة التعذيب، ودافعا أساسيا لمزيد تشنيج الأوضاع ودهورتها وفتح ردود الأفعال على كل الاحتمالات.

3 – رئيس جامعة قفصة يدعو إلى العنف في الجامعة:

لقد بات هناك إجماع على تدهور الوضع الجامعي بمدينة قفصة والذي ما انفكت نقابات الأساتذة والعملة والطلبة تؤكده، وتدعّم بانعدام التسيير الديمقراطي داخل المؤسسات الجامعية وتخلف الحصيلة الأكاديمية. ولقد ساعد خلط عبد الرزاق الجدي، رئيس الجامعة، بين منصبه الإداري وموقعه في اللجنة المركزية للحزب الحاكم في تلوث هذا الواقع وكلنا يعلم الضغوطات والتجاوزات التي قادها قُبيل الانتخابات الأخيرة لإجبار الأساتذة على مباركة ترشح بن علي لرئاسيات 2009، والذي تدعم في الفترة الأخيرة بدعوته طلبة التجمع في الجهة وتذكيرهم بالأهمية "القصوى" للفوز بانتخابات ممثلي الطلبة في المجالس العلمية، ولئن كان هذا الأمر لا يقتصر عليه وحده فإنه وعد بتوفير المستلزمات المادية لتأمين حصد جمع المقاعد بما فيها استئجار بعض المنحرفين لخلق حالة هلع ورعب في صفوف الطلبة والاعتداء على أنصار الاتحاد العام لطلبة تونس، ولم يمر أكثر من أسبوع على تلك الدعوة حتى قام مجموعة من المشبوهين والطلبة التجمعيين بالاعتداء على أحد نشطاء اتحاد الطلبة بلسانيات قفصة وجره إلى الخارج تحت حماية الآمن الجامعي أين واصلوا تعنيفه بكل همجية، ويبدو أن استياء المدير الجديد لذلك الجزء من تلك الممارسة لم يجد له تجاوبا في أروقة جامعة قفصة التي حلت فيها السياسوية الفجّة محل كل الأولويات.


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني