الصفحة الأساسية > بديل المرأة > مزيدا من العنف والتنكيل
أوضاع الناشطات في تونس:
مزيدا من العنف والتنكيل
8 آذار (مارس) 2009

تحيي النساء في تونس اليوم العالمي للمرأة في وقت تزداد فيه أوضاعهن قساوة، فالبطالة والفقر والتهميش ما تنفك تتفاقم يوما بعد يوم، في حين تواصل السلطة الإيهام بأن النساء في تونس تتمتعن بكل الحقوق.

جاءت أحداث الحوض المنجمي، والتي تواصلت كامل النصف الأول من السنة المنقضية، لتكشف عن حقيقة أوضاع النساء، فخروج المئات منهن في المسيرات ومشاركاتهن في الإعتصامات وقيامهن بإضرابات عن الطعام كشف عن حجم معاناتهن ومعاناة كل متساكني المنطقة. وقد واجهت السلطة تلك التحرّكات بالقمع والتنكيل. ولم يكن وضع النساء في بقية الجهات بأفضل حال. وتتعرّض الناشطات للهرسلة والاعتداء في خرق سافر للقانون والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها تونس. ويكفي الإطلاع على الحالات الموالية لكشف حقيقة أوضاعهنّ:

1ـ جمعة الجلابي: 45سنة، ربة بيت، زوجة السجين عدنان الحاجي. تعرضت يوم 09 أفريل 2008 إلى اعتداء بوليسي فظيع أدّى إلى نقلها إلى المستشفى وإخضاعها إلى عملية جراحية، مع العلم أنه لم يكن خافيا على البوليس أن حالتها الصحيّة متدهورة باعتبارها تعيش بكلية واحدة تبرّع بها لها زوجها. وكانت قد قادت جملة من الاحتجاجات النسائية سواء عند اعتقال قادة الحركة الاحتجاجية في أفريل 2008 أو إثر اعتقالات شهر جوان 2008 وآخرها مسيرة 27 جويلية الماضي. ومنعت جمعة الحاجي العديد من المرات من الوصول إلى تونس العاصمة أوجندوبة حيث دعيت من قبل أحزاب المعارضة وجمعيات المجتمع المدني لتقديم شهادتها حول أحداث الحوض المنجمي. وتتواصل معاناتها سواء مع المراقبة البوليسية التي جعلتها تعيش مع ابنتها في عزلة، أو في تحمّل أعباء السفر أسبوعيّا إلى سجن القصرين، حوالي 320 كلم ذهابا وإيابا، في الوقت الذي أوقفت فيه جراية زوجها منذ اعتقاله في 23 جوان الماضي.

آثار العنف على ذراع جمعة الحاجي

2ـ غزالة محمدي: 30 سنة، صاحبة شهادة معطلة عن العمل، من مؤسسي حركة المعطّلين عن العمل بجهة قفصة، مناضلة حقوقية وسياسية. أطردت من العمل بجمعية التنمية بقفصة يوم 30 أكتوبر 2008 بسبب نشاطها لفائدة معتقلي الحوض المنجمي. تعرّضت للاعتداء بالعنف العديد من المرات على يد مسؤولين أمنيّين بالجهة. ففي يوم 5 جوان 2008 إعتدى عليها محمد اليوسفي رئيس فرقة الإرشاد بقفصة بالمستشفى الجهوي حيث كانت تزور ضحايا إطلاق الرصاص بالرديف وتلتقط صورا لهم. وبمناسبة محاكمة عدنان الحاجي ورفاقه يوم 11 ديسمبر 2008 تعرّضت غزالة محمدي من جديد للاعتداء على يد كلّ من محمد اليوسفي وفاكر فيّالة، رئيس منطقة الشرطة بقفصة، لمنعها من حضور المحاكمة. وفي يوم 23 جانفي 2009 وبينما كانت غزالة محمدي بمركز الولاية بقفصة للمطالبة بإرجاعها للعمل هاجمها فاكر فيالة واعتدى عليها محدثا لها أضرارا بدنية جسيمة منها كسر على مستوى الأنف حصلت بموجبها على راحة طبيّة بثلاثين يوما. وبناء على ذلك تقدمت بشكاية إلى وكيل الجمهورية بقفصة حيث وقع سماعها يوم 31 جانفي 2009. وفي يوم 03 فيفري الماضي ولما كانت غزالة المحمدي مارّة بالشارع هاجمها ثلاثة أعوان من البوليس السياسي من بينهم حسين النصيري رئيس فرقة بالمتلوّي الذي اعتدى عليها بالعنف الشديد بحضور ناشطين حقوقيين من الجهة، وكانت الرسالة أنّ البوليس السياسي لا يخشى القضاء.

وما تزال غزالة محمدي إلى اليوم مطرودة من العمل وعرضة للاستفزاز من قبل المعتدين عليها الفالتين من العقاب.

3ـ زكية الضيفاوي: 43 سنة، أستاذة تعليم ثانوي بالقيروان مطرودة على خلفية نشاطها السياسي والحقوقي. اعتقلت يوم 27 جويلية 2008 بالرديف إثر حضورها مسيرة نظمها الأهالي للمطالبة بإطلاق سراح أبنائهم الموقوفين. وتعرّضت زكيّة الضّيفاوي للتحرّش الجنسيّ والتّهديد بالاغتصاب من قبل محمد اليوسفي رئيس فرقة الإرشاد بقفصة. ورغم إثارتها لهذه المسألة أثناء محاكمتها فإنّ القضاء تجاهلها تماما كما تجاهل تعذيب بقية المحالين معها وحكم عليها ابتدائيا بـ8 أشهر ثم نزل بالحكم استئنافيا إلى 4 أشهر. وفي الآونة الأخيرة وإثر تعاونها مع إذاعة "كلمة" الإلكترونية بتونس العاصمة أصبحت عرضة إلى الضّغوط البوليسيّة: مراقبة لصيقة، تفتيش جسدي بمركز الشرطة بنهج يوغسلافيا، تهديد... وفي يوم 26 فيفري 2008 أبلغت بطردها نهائيّا من التعليم دون إحالتها على مجلس التأديب بدعوى فقدانها لحقوقها المدنية.

4ـ عفاف بالناصر: 38 سنة، أستاذة معطّلة عن العمل، سجينة سياسيّة سابقة، منسقة اللجنة الجهوية للدّفاع عن أصحاب الشهائد المعطّلين عن العمل بقفصة.

قضّت النصف الأول من سنة 2008 تحت المراقبة البوليسية مخافة تنظيم تحرّكات احتجاجيّة مناصرة لانتفاضة المناجم وصلت حدّ المنع من الوصول إلى وسط قفصة. وقضت النصف الثاني مراقبة نتيجة إقحام زوجها الصحفي الفاهم بوكدوس في قضيّة الحوض المنجمي والحكم عليه غيابيّا بستة سنوات. وقد منعت أكثر من مرّة من حضور جلسات محاكمة زوجها وذلك باستعمال العنف الشديد أحيانا والسبّ والعبارات النابية.

وقد كانت تقدمت بشكوى ضد فاكر فيّالة، رئيس منطقة الشرطة بقفصة، منذ أكثر من سنة دون أن يقع النظر فيها من قبل القضاء.

5ـ ليلى خالد: 47 سنة، زوجة السجين بشير العبيدي، ربّة بيت. داهم البوليس منزلها عديد المرات باللّيل والنّهار بحثا عن زوجها بشير العبيدي المسجون حاليا والمحكوم بثماني سنوات على خلفية احتجاجات الحوض المنجمي، وإبنها مظفر المحكوم في نفس القضية بأربع سنوات، وفتشوا المنزل بدقة وعبثوا بمحتوياته وعنفوا ابنها غسّان الذي تعرّض إلى الرفس والرّكل والجرّ ممّا خلّف له أضرارا بليغة خاصة على مستوى الركبة. وتعاني ليلى خالد مشاقّ الزيارة فزوجها الذي كان مودعا بسجن القصرين نقل في الأسابيع الأخيرة إلى مستشفى الأمراض الصدرية بأريانة، وابنها مظفر نقل أخيرا من السّجن المدني بقفصة إلى سجن صفاقس، فهي تقضّي الأسبوع متنقلة بين الرّديف وقفصة والقصرين أحيانا وبين الرديف وصفا قس وتونس والمرناقية أحيانا أخرى بما يتطلبه ذلك من مصاريف كبيرة في الوقت الذي أوقفت فيه جراية زوجها. وقد منعت عديد المرات من قبل البوليس السياسي من حضور ندوات وأيّام تضامنيّة مع معتقلي الحوض المنجمي نظّمتها منظّمات وأحزاب معارضة.

6ـ سهام بن سدرين: 58 سنة، إعلامية وحقوقية. تعرّضت عديد المرات إلى التعنيف البوليسي على خلفيّة نشاطها الصحفي والحقوقي:اعتداء بالعنف عليها وعلى زوجها الناشط الحقوقي عمر المستيري بميناء حلق الوادي واحتجاز جهاز الإعلامية الخاص بها وأقراص مضغوطة، محاولة إخضاعها للتفتيش الجسدي أكثر من مرّة بمطار تونس قرطاج الدولي... وفي يوم 30 جانفي الماضي تمّ غلق مقرّ راديو "كلمة" الذي تديره وحجز جميع معداته من قبل قاضي التحقيق بعد أن ألصقت بها تهم "توفير خدمات اتصالات بدون ترخيص مسبق وصنع وتوريد وتركيز واستغلال أجهزة الاتصالات والبث المستعملة للترددات الراديوية دون موافقة الوكالة الوطنية للترددات طبق الفصول 5 و46 و52 و82 من مجلة الاتصالات".

والملاحظ أن الحملة الدعائية ضدّ سهام بن سدرين قد تكثفت في الأشهر الأخيرة من قبل بعض الصحف المأجورة وأشباه الصحفيين المتواطئين مع السلطة. والجدير بالذكر أن القضاء تجاهل كل الشكاوى التي تقدمت بها خلال السنوات الأخيرة.

7ـ فاتن الحمدي: 26سنة، صحفية براديو "كلمة". تتعرض إلى هرسلة بوليسية متواصلة منذ التحاقها بـ"كلمة" فقد تمّ إيقافها يوم 24 نوفمبر 2008 بمنطقة الشرطة "سيدي البشير" بعد تغطيتها لتحرّك طلابي "بمعهد القرجاني" حيث تمّ الاعتداء عليها بالضرب والسب والشتم وتهديدها بالسجن إن واصلت ممارسة مهنة الصحافة. ومنذ إغلاق راديو "كلمة" كثف البوليس السياسي من هرسلتها واستفزازها حيث أخذها عديد المرات إلى مراكزه وأخضعها إلى استجوابات وتهديدات وفي يوم 07 فيفري الماضي تمّ احتجازها لمدة ثلاث ساعات بمركز شرطة نهج يوغسلافيا والضغط عليها وتهديدها بتلفيق قضية ضدّها. وقد كان والد فاتن حمدي جُلب يوم 31 جانفي الماضي إلى منطقة الأمن بـ"الفحْص" وسُلّطت عليه كل الضّغوط من قبل أعوان البوليس من أجل أن يدفعها للتخلّي عن عملها.

8ـ نزيهة رجيبة ـ أم زياد: 62 سنة، صحفية وحقوقية. تتعرض للرقابة البوليسية على خلفية مقالاتها النقدية في مجلة "كلمة" والتي كثيرا ما تتعرض فيها لاستشراء الفساد في البلاد. وقد أحيلت على القضاء بسبب مقال تعرض لقرصنة موقع "كلمة" وكان ذلك في نفس الوقت الذي أوقف فيه زوجها الأستاذ مختار الجلالي إثر حادث طريق قاتل، وقد عدّ هذا الإيقاف انتقاميّا لكونه لا يتحمل مسؤوليته، ولكونه قد ارتبط أيضا باستدعاء أم زياد من قبل النيابة العمومية. ومن ناحية أخرى فقد كانت أم زياد كالعديد من المدافعات عرضة للاعتداء الجسدي واللفظي حيث وقع دفعها في إحدى المرات داخل سيارة أجرة ومنعها بالعنف من الدخول إلى مقر "المجلس الوطني للحريات" بعد إسماعها وابلا من الكلام البذيء والنعوت السوقية.

9ـ أمينة جبلون: 24 سنة، صحفية بفضائية "الحوار التونسي" المستقلّة. تتعرّض باستمرار إلى الضغط والمنع من القيام بعملها الصحفي. ويعمد البوليس منذ مدة إلى إيقافها هي وزملائها كلّما حاولوا تغطية أحداث مهما كان نوعها، ويفتشهم ويفتكّ منهم معدّاتهم. ويقع اقتياد أمينة جبلون أحيانا إلى مركز نهج كولونيا بالعاصمة حيث تُفتَّش حقيبة يدها الخاصة وتُساوَم على ترك عملها بـ"الحوار التونسي" مثلما حصل معها يوم 07 فيفري الماضي. وقد وصل الأمر بالبوليس السياسي حدّ تسليط الضّغوط على من تعتزم استجوابهم مثلما حدث معها بمنطقة "حمام الغزاز". وتخضع عائلتها إلى هرسلة متصاعدة للتدخل لمنع أمينة جبلون من مواصلة عملها.

إن هذه الحالات ليست إلا عينات من العنف السياسي الذي تتعرض له النساء في تونس، والذي يتمتع المسؤولون عنه أمرا و تنفيذا، بحماية تامة من السلطة السياسية والقضائية، فرغم العدد المتزايد من الشكاوى المرفوعة من قبل الناشطات، فإن أي تحقيق جدّي لم يُفتح ضدّ المعتدين. والجدير بالذكر أن واحدة من ضحايا التعذيب في تونس، زليخة الغربي، كانت قد استصدرت، بدعم من الفدرالية الدولية لرابطات حقوق الإنسان، من محكمة سترازبورغ بفرنسا يوم 15 ديسمبر 2008 حكما يقضي بإدانة الجلاد خالد بن سعيد وبسجنه لمدة ثمانية سنوات وتغريمه لها ولعائلتها. وللتذكير فإن زليخة الغربي هي واحدة من عشرات النساء زوجات الإسلاميين اللاتي تعرّضن خلال التسعينات للهرسلة والتنكيل والتعذيب. وليس هذا الحكم في الحقيقة انتصارا لزليخة الغربي فقط وإنما هو انتصار لكل ضحايا العنف السياسي والتعذيب في تونس.

إن الجمعية التونسية لمناهضة التعذيب:

1ـ تحيّي صمود نساء الحوض المنجمي في نضالهن من أجل الحق في الشغل والكرامة، وصمود كل الناشطات في الحقل السياسي والنقابي والحقوقي والنسائي والثقافي... وكذلك استماتة الجمعيات والأطر المستقلّة التي تناضل من أجل حقوق النساء ونخصّ بالذكر منها الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيّات وجمعية النساء التونسيات من أجل البحث والتنمية.

2ـ تعبّر عن مساندتها لكل النساء ضحايا العنف السياسي، وتؤكد لهن استعدادها الدائم للوقوف إلى جانبهن وتدعوهنّ إلى التمسك بحقهن في مقاضاة المعتدين، إنْ في تونس أو في بقية دول العالم.

3ـ تدعو السلطة القضائية للكفّ عن حماية الجلاّدين وذلك بفتح تحقيق في كل الشكاوى المقدمة بالمحاكم التونسية ضد أعوان البوليس، ومحاكمة كل من تورّط في ممارسة التعذيب أو العنف الجسدي أو اللفظي ضد النساء.

4ـ تطالب السلطات باحترام كل الإتفاقيات الدولية التي صادقت عليها البلاد التونسية في الصدد وباتخاذ كل التدابير الضرورية للقضاء على ظاهرة العنف السياسي ضد النساء.

حرر بتونس في 8 مارس 2009

عن الجمعية
الرئيسة
راضية النصراوي

آثار العنف على ذراع جمعة الحاجي
آثار العنف على ذراع جمعة الحاجي

الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني