الصفحة الأساسية > البديل الوطني > ندوة "الحوض المنجمي: الحق في الشغل والتنمية العادلة"
ندوة "الحوض المنجمي: الحق في الشغل والتنمية العادلة"
درب النضال طويل...
24 نيسان (أبريل) 2010

تحت إشراف النقابة العامة للتعليم الثانوي إلتأمت اليوم الجمعة 23 أفريل بقاعة أحمد التليلي بالإتحاد العام التونسي للشغل ندوة بعنوان "الحوض المنجمي: الحق في الشغل والتنمية العادلة".

وقد تناولت الندوة بالنقاش الوضع الإجتماعي والتنموي بالجهة وأفاق تطوره وسط حضور مميز لعديد الوجوه النقابية والحقوقية والطلابية يتقدمهم قادة الحركة الإحتجاجية وسجناءها وأعضاء من المكتب التنفيدي للإتحاد بالإضافة إلى اللجنة الوطنية لمساندة الحوض المنجمي.

هذا وإفتتح الجلسة السيد سامي الطاهري الكاتب العام للنقابة العامة الذي وجه بداية تحية إكبار وإجلال لشهداء الحركة الإحتجاجية وسجناءها، كما رحب بالحضور وقدم لمحة عن دواعي إنجاز الندوة مبينا أهمية إنعقادها أياما قبل جلسة الإستئناف التي يحاكم فيها كل من المناضل حسن بنعبدالله والصحفي الحرّ الفاهم بوكدّوس على خلفية الإحتجاجات وهو ما لا يدع مجالا للشك بأن ملف الحوض المنجمي جرح لايزال ينزف.

المحامي رضا الرداوي: خروقات قانونية في مواجهة حركة ذات مطالب عادلة

قدّم الأستاذ الرداوي مداخلة مركزية حول الإطار القضائي لمحاكمات الحوض المنجمي معتبرا أن السلطة السياسية قد أسست لإطار للإنقضاض على الحركة الإجتماعية التي نجحت بحكم الزخم الجماهيري والقيادة النوعية في ملامسة ثلاثة أبعاد "محضورة" لدى النظام أدت بالضرورة للمواجهة وهي نشأة إطار تفاوضي خارج الإطار القانوني لحق التنظم، والتظاهر السلمي الذي تحدّى القانون المحدد لحق التظاهر والإجتماعات العامة على منابر الإتحاد المحلي بالرديف الذي كسرالقانون المنظم لحق الإجتماع بالاماكن العامة.

وقد قسّم الأستاذ الأدوات القانونية المستعملة من السلطة للإنقضاض على الحركة إلى :
- الإنقضاض التشريعي عبر لجوء الإدعاء إلى قوانين وأوامر إستعمارية مثل أمر 18 جوان 1894 المتعلق بصنع القوانين الخارقة. وكذلك حول "حرية الجولان" وغيرها من التهم الموجهة لقادة الحركة. إذن فالسلطة السياسية إستبطنت دور "المستعمر" من خلال تصنيفها للقوانين والأوامر.
- الإنقضاض الإجرائي: رغم تعهد النظام والإمضاء على العديد من المعاهدات حول "حسن معاملة الموقوفين" فإن التعذيب كان ممنهجا وقد مورس بشكل ممنهج وبإرادة "قضائية" لعدم التحقيق وملاحقة ومحاسية من تورّطوا في التعذيب أمرا وتنفيذا رغم ثبوته.
وقد ذكر الأستاذ العديد من الحالات المسجلة في التعذيب الذي تكرر خاصة في مركز الأمن بالرديف ومنطقتي الأمن بالمتلوي وقفصة. ورغم مطالبة لسان الدفاع فقد تم رفض مطالبهم بعرض منوبيهم على الفحص الطبي.
- الإنقضاض القضائي: وذلك عبر التجاهل المتعمد لفتح أيّ تحقيق في مقتل هشام بن جدو الذي استشهد بصعقة كهريائية والحفناوي المغزاوي وعبد الخالق عميدي الذين سقطا بالرصاص. هذا بالإضافة إلى محاكمة الإعلام والصحافة التي غطت بكل موضوعية كافة الأحداث.

وفي ختام مداخلته أكد الأستاذ الرداوي على ضرورة المساندة للصحفي الفاهم بوكدّوس والمناضل المعتقل حسن بنعبدالله يوم 27 أفريل في الطور الإستئنافي بقفصة.

الأستاذ عبد الجليل البدوي: تهميش وغياب لسياسات تنموية عادلة

أكد الأستاذ عبد الجليل البدوي على مشروعية الحركة الإحتجاجية من منطلق بحث ميداني وأكاديمي في واقع الجهة التنموي حيث إنطلقت الإحتجاجات نتاج حالة التهميش للقوى المنتجة بالجهة فالمعطيات تشير إلى تفاقم نسب البطالة التي تجاوزت 20% جهويا (50% في صفوف الإناث) مع إنسداد أفاق التشغيل.

كما اشار إلى الخصائص الطبيعية القاسية من تلوّث وانجراف وتصحّر وسوء استغلال للموارد المائية وتراجع قيمة المراعي. وأضاف أن المشاكل العقارية بالجهة لازالت تعطل الأهالي عن تملك الأراضي الإشتراكية ممّا يحول دون تنمية فلاحية حقيقية.

وعرّج الأستاذ البدوي على تحوّل مدن الحوض المنجمي من قطب يستقبل اليد العاملة في الستينات إلى مدن تلفظ أهاليها نتيجة الحاجة والفاقة ونتيجة تراجع الطاقة التشغيلية لشركة فسفاط قفصة لتخليها عن الإنتداب المباشر لحساب شركات المناولة التي يتضاعف فيها إستغلال الطبقة العاملة.

وعبّر في الأخير عن عدم جدية المشاريع المحدثة، بعد أن نجحت الحركة في إحراج السلطة، لكونها غير مترابطة إقتصاديا، حيث تم تركيزها لامتصاص الأزمة وتوفير بعض مواطن الشغل من منطلق حرص أمني عوض أن يكون حرصا إستراتيجيا لخلق تنمية عادلة عبر "مشاريع واستثمارات تتجذر في محيطها المنجمي" على حدّ تعبيره.

مسعود الرمضاني: لازلنا على العهد

بعد الإشارة إلى كون الحركة المنجمية قد شكلت منعرجا لا في تاريخ قفصة فقط وإنما في تاريخ البلاد ككلّ، أكد السيد الرمضاني منسق اللجنة الوطنية لمساندة الحوض المنجمي على ضرورة المواصلة في مساندة الملف المنجمي لا سيّما وأن الوضع لا يمكن حسمه أمنيا أو قضائيا بل بالتنبيه لمشاكل الجهة والتفاوض الجدّي حولها والبدء بحلها تدريجيا.

ودعا السيد الرمضاني إلى ضرورة إيقاف التتبعات ضد مناضلي الحركة وإلى الحضور المكثف لجلسة 27 أفريل بقفصة.

عدنان الحاجي: مقاومة الفساد هو المدخل لحل ملف الحوض المنجمي

إنطلق الحاجي الناطق بإسم الحركة الإجتماعية في الحوض المنجمي بالتذكير بأسباب الانتفاضة التي لم تعالج بعد بغير الحل الأمني والقضائي، وعبّر عن هشاشة الحلول التنموية كمعمل "خميسة" للخياطة ومركز الإتصال عن بعد الذان لا يضمنان ديمومة العمل، بالإضافة لشركات المناولة البيئية التي تقلص عدد عمالها للنصف بسبب الهجرة السرية لشباب الجهة وعدم إدماج الشباب المسرّح من السجن والذي يعدّ بالعشرات.

وأكد الحاجي أن هاته المشاريع أضحت مجالا للتلاعب والفساد والنهب من قبل أصحاب النفوذ السياسي والأمني والمالي بالجهة وخاصة بعد مصيبة الفياضانات حيث لم يجن المتضررون شيئا من الأموال المرصودة للتعويضات. وعدّد الحاجي العديد من الأمثلة عن الفساد على غرار الستة مليارات التي رصدت لتعبيد الطرقات والـ30 مليار التي توفرها شركة الفسفاط لجهاز البوليس والمعتمدية...

وفي ختام تدخله طالب الحاجي الإتحاد قيادة وهياكل ونقابيين بالوقوف إلى جانب الأهالي خاصة الرديف الذين يعانون الإذلال والاستفزاز والابتزاز من طرف البوليس الرابض في المدينة بأعداد غفيرة من جهة، وبضرورة فتح ملف الفساد في الجهة ومحاسبة الفاسدين مهما على شأنهم كمدخل رئيسي لمعالجة الملف المنجمي من جهة أخرى.

بشير العبيدي: الحراك المنجمي بحاجة إلى مساندة أم إلى مشاركة؟

أشار السيد العبيدي أحد قادة الحركة الإحتجاجية إلى أهمية الحركة في الحوض المنجمي وهي تدخل عامها الثالث وما تشكله من محطة مضيئة ومفصلية في التاريخ التونسي بما تحمله من بعد اجتماعي، وطبقي، وإنساني. فهي حركة أهلية، على حدّ تعبيره، لم تلتزم بالمألوف السياسي والجمعياتي والنقابي وقد اكتسبت ثرائها من تنوّعها وممارستها الديمقراطية في ما بين قادتها.

وعرّج السيد العبيدي على أن الحركة تجاوزت الأنماط المألوفة في الإحتجاج فتحمّل الأهالي الإهانة والإذلال والإعتقالات والتعذيب من طرف البوليس ورغم التضحيات فمطالبنا لازالت قائمة ينضاف إليها عودتنا لسالف عملنا ومحاسبة الجلادين وإلغاء صيغة السراح الشرطي لمن سرحوا من السجن.

وتوجه السيد العبيدي بتساؤل للحضور للنقاش مفاده هل أن الإتحاد والمجتمع المدني مساند للحراك المنجمي أم هنالك شراكة وما تتطلبه من رسم لأهداف جديدة للحركة؟؟

المولدي الجندوبي: ضرورة تحملنا لمسؤولياتنا

بعد ترحيبه بأبطال الحراك المنجمي وكافة الحضور، أكد السيد الجندوبي عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل على أهمية المساندة والتعاطف الذي لقيه الملف من قبل المنضمات والأحزاب المناضلة في تونس وخارجها.

وأشار السيد الجندوبي إلى ضرورة التفكير في "منوال التنمية" في مدن الحوض المنجمي وفي جميع الجهات عبر تحمّل المسؤولية التاريخية تجاه تداعيات خيارات السلطة في "الخصخصة" للأملاك العامة.

وحذر من خطورة تكرار ما حدث في الحوض المنجمي في مناطق أخرى على غرار الصخيرة إذا لم يتم التعجيل بالحلول من طرف السلطة.

النقاش

على إثر هذه المداخلات فتح رئيس الجلسة الباب للنقاش حيث تراوحت المشاركات بين التعبير على المساندة المطلقة للحوض المنجمي، وبين الدعوة لقيادة الاتحاد لمزيد تحمل مسؤوليتها تجاه قادة الحوض المنجمي والعمل على إرجاعهم لسالف عملهم ومحاسبة الفاسدين في الجهة، وبين تقديم بعض المقترحات كأن يتم الإحتفال بذكرى غرة ماي تحت شعار "حق الجميع في شغل قار" ولما لا يكون الإحتفال هذه السنة في مدينة الرديف.

وفي الختام أكد رئيس الجلسة عن ضرورة السير في درب النضال ومساندة المناضل المنجمي المعتقل حسن بنعبدالله والصحفي الحرّ الفاهم بوكدّوس في جلستهما الإستئنافية بقفصة يوم الثلاثاء 27 أفريل 2010.

بلقاسم بنعبدالله


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني