الصفحة الأساسية > البديل الوطني > هل تلتحق المتلوّي بدوائـر الاحتجاج؟
هل تلتحق المتلوّي بدوائـر الاحتجاج؟
29 أيار (مايو) 2008

تعدّدت في المدّة الأخيرة مظاهــر الاحتجاج بمدينة المتلوّي الأمــر الذي أضحى يُؤكّد بصفة جديّة فرضيّة التحاق هذه المدينة بنظيراتها في الحوض المنجمي، وهو التحاق إن تــمّ سيُمثل مُنعرجا هامّا في الحراك الاجتماعي ليس فقط بالمنطقة المنجميّة وإنّما بالجهة عموما.

وحتّى لا تباغت التطوّرات المحتملة الرأي العام الوطني نودّ التطرّق إلى:

1ـ في أهمية مدينة المتلوي.

2ـ مدينة تتأرجح بين الهدوء والاحتجاج.

3ـ الانفجار قادم.

1ـ في أهمية المتلوي:

تعتبر مدينة المتلوي القلب النابض لما يعرف بالحوض المنجمي ذلك أنّها الحاضن الأهمّ للمنتوج الفسفاطي (حوالي 64 % من إنتاج الجهة) وبالتالي لليد العاملة المنجمية.

كما أنها المدينة الجامعة لكثافة سكّانية تفوق مرّات عديدة التعداد الجملي لمتساكني كل من الرديف وأم العرائس والمظيلة ولذلك أطلق الاستعمار الفرنسي قبل 1956 على هذه البلدة تسمية "petit Paris" وواصل النظام الدستوري نهج المعمّرين بإفرادها قياسا بنظيراتها في الحوض المنجمي ببعض العناية الاقتصادية والاجتماعية فهي في القاموس شبه الرسمي في عهدي بورقيبة وبن علي مصنّفة كعاصمة للمناجم، من حيث كثافتها السكانية وأهميتها الاقتصادية مضافا إليهما موقعها الجغرافي وتحديدا قربها من مدينة قفصة (40 كلم) يجعلها الحلقة المركزية في سلسلة المدن المنجمية التي فعلت السلطة كل ما في وسعها لتحصينها من "عدوى" الاحتجاجات والالتفاف السريع بكل الطرق لإخماد بعض مظاهر الحراك المحدودة التي ظهرت في الأشهر الأخيرة.

2ـ مدينة تتأرجح بين الهدوء والاحتجاج:

مثلما هو معروف تميّزت المتلوي بغيابها عن انتفاضة الحوض المنجمي، وهو غياب أفقد الحركة الاجتماعية الناشئة عمقا بشريا وماديا مهمّا، استفادت منه السلطة القائمة وخدمها في المجالين السياسي والنقابي، والحقيقة أنّ خروج المتلوي عن دوائر الاحتجاج متّصل أوّلا وقبل كل شيء بعوامل ذاتية مرتبطة بضعف الحضور السياسي والنقابي للقوى والتيارات المعارضة الراديكالية منها وحتى الديكورية، ممّا فسح المجال واسعا على امتداد السنوات الماضية أمام تعزيز هيمنة الحزب الحاكم وبالخصوص أعوانه المفضوحين والمقنّعين في الحقل النقابي مستفيدين ماديا ومعنويا من تواصل وجود عمارة العباسي أصيل المتلوي على رأس الاتحاد الجهوي للشغل ومقعده الدائم بمجلس النوّاب لمدّة تجاوزت الـ20 سنة.

لهذه الأسباب وغيرها تخلّفت المتلوي عن الاحتجاج لأنّ العوامل الموضوعية (بطالة وفقر...) هي من الناحية الجوهرية واحدة سواء تعلّق الأمر بهذه المدينة أو بسواها في الحوض المنجمي وهو ما يفسّر ذاك الخروج الذي جاء قويّا (مئات الخيام) أدخل رعبا كبيرا في الأوساط الرسمية وجعلها تسارع بكلّ الطرق لإخماد الاحتجاج من خلال المزج بين الاستجابة لبعض المطالب وبين اللجوء للقوّة والترهيب الذي نجح خلال 3 أيام في إعادة الأمور إلى نصابها المتمثل بطبيعة الحال في السكينة التي استمرّت حتّى موفى شهر أفريل الذي دشّن عودة التوترات والاحتجاجات المتفرّقة التي يمكن حوصلتها في: ـ إضراب الجوع الذي نفذه السيد فيصل ماجدي بمقرّ الاتحاد المحلّي للشغل بالمتلوي، والذي تواصل لمدّة قاربت 3 أسابيع دفاعا عن حقه في العودة لعمله كإطار بشركة فسفاط قفصة. ـ تكاثر اعتصامات المعطّلين عن العمل أمام مقرّ شركة الفسفاط وبعض المباني الرسمية(معتمدية، بلدية...). ـ دخول 13 مواطنا في إضراب جوع منذ يوم 15 ماي 2008 من أجل العودة إلى مواطن عملهم. ـ خروج مسيرة نسائية مساندة لمضربي الجوع مؤخّرا. ـ حدوث مواجهات عنيفة بين الأهالي وقوات البوليس في بداية الأسبوع الثالث من شهر ماي.

تلك كانت بعض مظاهر الاحتجاج، ولعلّ ما يلفت الانتباه هو اتجاهها نحو التكاثر والتنوّع والاستقرار ولو في حدود ضيّقة مازالت بعيدة عن إيقاع ونسق الحركة الاجتماعية المستمرّة لكلّ من الرديف وأم العرائس.

3ـ الانفجار قادم:

كلّ الدلائل المتوفرة حتّى الآن تصبّ في اتجاه تعزيز فرضيّة اتساع دائرة الحراك بعاصمة المناجم، ولعل تمادي السلطة في التلاعب بمطالب الغاضبين يمثل الأرضيّة الخصبة لتنامي مشاعر النقمة لدى شرائح واسعة من المعطّلين والمهمّشين الذين أضحى الكثير منهم يبدي إعجابا كبيرا بما يفعله نُظرائهم بباقي الحوض المنجمي. كما أن بعض المكاسب المادية التي تحققت في خضمّ النضال العنيد بالجارتين أم العرائس والرديف أضحت تمثل حوافز إضافية تشجّع على تمزيق جدار الصمت والشروع في ليّ ذراع السلطة التي بدت مرتجفة كما لم يحدث من قبل في ساحتين قريبتان من المتلوي، هما الرديف وأم العرائس.

فلننتظر ما ستحمله الأيام القادمة.


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني