الصفحة الأساسية > البديل العربي > استراتيجية بوش الجديدة في العراق = المأزق!
استراتيجية بوش الجديدة في العراق = المأزق!
17 كانون الثاني (يناير) 2007

فاجأ بوش الجميع وأعلن عن قراره إرسال أكثر من 20 ألف جندي إضافي إلى العراق. جاء ذلك في سياق إعلانه عن إستراتجيته الجديدة المتعلقة بالحرب في هذا البلد. وقد تضمنت الإستراتيجية أيضا التأكيد على مواصلة دعم حكومة المالكي ودعوة الدول العربية إلى دعمها وتوجيه تحذير ضمني إلى كل من سوريا وإيران لدعمهما ما أسماه إرهابا في العراق. وبذلك يكون بوش قد اختار سياسة الهروب إلى الأمام ومحاولة الظهور بمظهر القائد القومي الرافض للهزيمة مهما كان الثمن. وفي الحقيقة فإن هذه "الإستراتيجية الجديدة" لم تتضمن جديدا حيث ردد بوش نفس العبارات في خطبه السابقة والتي تدل على مدى ما يشعر به الفريق الحاكم في واشنطن من تخبط ومن انسداد للآفاق ومن تورط في المستنقع العراقي.

وقد لاقت هذه الإستراتيجية الجديدة وخاصة ما تعلق بإرسال مزيد من الجنود إلى ساحة المعركة انتقادات واسعة شملت حتى المقربين من بوش في حزبه الجمهوري وذهب البعض إلى حد اعتبارها أكبر خطأ ترتكبه الإدارة الأمريكية منذ حرب الفيتنام. وبذلك تزداد عزلة بوش ليس على النطاق العالمي فحسب بل على النطاق الداخلي أيضا. فأقرب حلفاء بوش في العدوان على العراق مثل بريطانيا وأستراليا عبروا عن رفضهم إرسال مزيد من الجنود وعن نيتهم سحب ما لديهم من قوات في غضون شهور. والشارع الأمريكي بدأ برص صفوفه للضغط على حكومة بوش من أجل ثنيها عن إرسال مزيد من الجنود وبسحب ما لديها، خاصة وأن المقاومة العراقية الباسلة تمكنت من تجاوز حاجز الثلاثة آلاف قتيل في صفوف الجنود الأمريكيين مع حلول العام الجديد. وهددت في بيانات لها بإعادة جنود بوش في أكياس الموت وقالت بأن هؤلاء جاؤوا إلى العراق لقتل العراقيين وإذلالهم ونهب ثرواتهم لذلك يجب أن يقتلوا.

وقد تساءل العديد من المراقبين عن مغزى إرسال مزيد من الجنود والزج بهم في معركــة خاسرة. وماذا يمكن أن يضيف هؤلاء للعراق غير مزيد من القتل والدمار! لقد دعا بوش في إستراتيجيته الجديدة إلى دعم حكومة المالكي التي هي في الواقع جزء من المشكلة وليست جزء من الحل، ليس بالنسبة للشعب العراقي ولمقاومته الباسلة فحسب بل وكذلك بالنسبة إلى المحتلين أنفسهم. فهذه الحكومة مرتبطة بفرق الموت التي ترعاها وتمولها إيران وخاصة ميليشيا جيش المهدي. وقد كشفت الأحداث أن حكومة المالكي لا يمكنها القضاء على الميليشيات باعتبار وأنها تستمد قوتها منها وخاصة من ميليشيا جيش المهدي التي بدأت تخرج شيئا فشيئا عن سيطرة المحتل وتدخل تحت مظلة حكام إيران الساعين إلى استعمالها أداة لضرب المقاومة من ناحية والمساومة بها مع واشنطن حول الخلافات العالقة وفي مقدمتها الملف النووي والتهديدات بالعقوبات الاقتصادية وبالحرب.

إن أكبر تحد تواجه إدارة بوش ليس المقاومة المتصاعدة فحسب بل وكذلك عدم قدرة هذه الإدارة على التحكم بشكل كامل في البيادق التي نصبتها من أجل فرض حكومة عميلة لها تقضي على المقاومة وترعى المصالح الأمريكية في العراق. فحكومة المالكي هي حكومة طائفية مدعومة من طرف إيران بدرجة أولى ومن سوريا بدرجة ثانية. وتستمد نفوذها الداخلي من فرق الموت التي تحصد العشرات من العراقيين يوميا.

إن إستراتيجية بوش الجديدة إنما تعبر بشكل واضح عن عمق الأزمة التي تتخبط فيها العصابة المتطرفة التي تحكم الولايات المتحدة حاليا. فلم يعد لهذه العصابة ما تقدمه للشعب الأمريكي ولشعوب العالم سوى مزيد من الحروب ومزيد من الدمار ومزيد من الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان أعادت البشرية عقودا عديدة إلى الوراء. والصيحات التي يطلقها المدافعون عن حقوق إنسان والتي بدأت تتصاعد من يوم إلى آخر تؤكد أن شعوب العالم ستنهض في يوم من الأيام في وجه الغول الأمريكي الذي يدفع البشرية نحو البربرية والتخلف.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني