الصفحة الأساسية > البديل العربي > عمليّة همجيّة لن توقف المقاومة بل ستؤجّجها
إعدام صدّام حسين:
عمليّة همجيّة لن توقف المقاومة بل ستؤجّجها
17 كانون الثاني (يناير) 2007

أقدمت قوّات الاحتلال الأمريكيّة وعملاؤها في بغداد على إعدام الرئيس العراقي السابق صدّام حسين فجر يوم السبت 30 ديسمبر 2006 الذي يناسب اليوم الأوّل من "عيد الأضحى" الذي يحتفل به المسلمون في مختلف أنحاء العالم. وفي حين رحّب بوش وبلير والكيان الصهيوني والنظام الإيراني بهذا الإعدام واكتفى معظم الحكام العرب بانتقاد تاريخ تنفيذه، فقد أثار بالمقابل استنكارا كبيرا في صفوف الشعوب العربية التي رأت في إعدام صدّام حسين "عقابا له على عدم خضوعه للإدارة الأمريكية" وفي توقيته استفزازا لمشاعرها وإهانة جديدة لها وفي موقف الحكام العرب الذليل دليلا آخر على عجزهم عن الدفاع عن كرامتها.

إنّ حزب العمال الشيوعي التونسي يعبّر عن الآتي:

1- إنّ إعدام الرئيس العراقي السابق صدّام حسين، على إثر محاكمة صورية، يمثل اغتيالا سياسيا لا يمكن فصله عن احتلال العراق من قبل الامبريالية الأمريكية وحليفتها الانجليزية وسعيهما المحموم إلى تدمير مقدراته البشرية والاقتصادية والثقافية ونهب ثرواته وتمزيق وحدته وطمس هويّته ودفعه إلى أتون حرب طائفية مدمّرة على يد عملائها من مختلف الطوائف والتيّارات السياسية حتى يسهل إخضاعه وتأبيد السيطرة عليه.

2- إنّ الذين نظموا محاكمة صدّام حسين المهزلة ونفذوا فيه حكم الإعدام هم قتلة مجرمون ولصوص، أعداء لدودون للشعب العراقي كما تدلّ على ذلك الجرائم اليومية التي يرتكبونها في حق هذا الشعب الذي فقد في ظرف ثلاث سنوات فقط من الاحتلال حوالي 700 ألف من بناته وأبنائه علاوة على الدمار المادي وفقدان أبسط مقوّمات العيش بالنسبة إلى الملايين من البشر، وهو ما ينزع عن المحتلين وعملائهم كلّ أهليّة أخلاقية وقانونية وسياسية لمحاسبة صدّام حسين ونظامه.

3- إنّ هؤلاء المحتلين والعملاء، خلافا لما يروّجونه، لم يعدموا صدّام حسين لأنه "طاغية" أو لأنه ارتكب "مظالم في حق جيرانه" بل لأنه لم يخضع لإرادة واشنطن وشكّل خطرا على مصالح الامبريالية الأمريكية في المنطقة. إنّ هذه الأخيرة تمثل السّند الرئيسي لأعتى الدكتاتوريّات في العالم عامّة وفي المنطقة العربيّة خاصّة، وهي توفر لعملائها من الطغاة (بينوشي مثلا) الحماية حتى يفلتوا من العقاب على ما ارتكبوه من جرائم في حق شعوبهم. وهي تريد من خلال إعدام صدّام حسين توجيه رسالة إلى الطغاة العرب خاصّة مضمونها: "كونوا طغاة مع شعوبكم لكن في خدمة مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل"!

4- إنّ شعبا عراقيا حرّا ومستقلا وصاحب سيادة هو الوحيد الذي يحقّ له تقييم حكم صدّام حسين ومحاسبته على ما ارتكبه من أخطاء ومظالم في حقه وفي حق بعض شعوب المنطقة. أمّا المحتلون وعملاؤهم، فالمصير الوحيد الذي هم حقيقون به هو المثول أمام محكمة جنائية دولية للإجابة على جرائم الحرب التي ارتكبوها ويرتكبونها في العراق، دائسين القوانين الدوليّة والمبادئ الإنسانيّة وإرادة المجموعة الدولية والشعوب التي ناهضت الحرب على العراق واعتبرتها غير شرعية.

5- إنّ رياء الحكومات البورجوازية الغربية ونفاقها قد اتضحا مرّة أخرى. فبينما هي تعلن مناهضتها "المبدئيّة" لحكم الإعدام وتقيم الدنيا وتقعدها حين يطول هذا الحكم أحد رعاياها أو واحدا من الموالين لها وحين يقع تصوير إعدامه وبثه، فإنها لم تبد احتجاجا على تنفيذ هذا الحكم الهمجي وغير الإنساني على الرئيس العراقي السابق في يوم عيد ديني وما رافقه من استفزاز وإهانة وتشفّ طائفي وتصوير وبثّ، وادّعت "احترام إرادة الشعب العراقي" هذا إن لم تقل إن صدّام حسين "يستحقّ ما تعرّض له" ممّا يؤكد أنها تتصرّف بمعايير مزدوجة وأنها منقادة بمفاهيم عنصرية وبربرية تجاه العرب وتجاه الشعوب والأمم المضطهدة.

6- إنّ الموقف المخزي لمعظم الحكام العرب الذين لم يعارضوا من العمليّة سوى تنفيذ حكم الإعدام في يوم عيد، إنّما يأتي كنتيجة لتأييدهم، سرّا أو علنا، الحرب على العراق واحتلاله وتنصيب عميل عليه. وهو يعكس تبعيّتهم للامبريالية الأمريكية وخدمتهم لمصالحها في المنطقة وخوفهم من فقدان كراسيهم. أمّا النظام الإيراني، فبتأييده تنفيذ حكم الإعدام على الرئيس العراقي السابق، فقد وجد نفسه إلى جانب بوش وبلير والكيان الصهيوني، وباعتباره هذا الإعدام "تحقيقا للعدالة الإلهيّة" كما جاء على لسان أحد رموزه، يجعل من مجرم الحرب جورج بوش الابن محقـِّقا لتلك العدالة في الأرض. وقد نسي حكام طهران أنّ هذا المنطق القومي الضيّق الذي يقودهم ويجعلهم يتواطؤون مع المحتلّ في العراق عبر القوى الموالية لهم، قد يجني عليهم هم أنفسهم حيث أنهم أحد الأهداف المباشرة للامبريالية الأمريكية التي تسعى إلى بسط سيطرتها المطلقة على المنطقة.

7- إنّ تنفيذ حكم الإعدام على الرئيس العراقي السابق لن يكون له، خلافا لما يتمناه المحتلون وعملاؤهم، تأثيرا سلبيّا في مجرى المقاومة التي ستستمرّ متعاظمة حتى دحر هؤلاء وتحرير العراق تحريرا كاملا. كما أنّ قضيّة العراق قضيّة وطنية، ليست مرتبطة بشخص، والذين يخوضون المقاومة لا يخوضونها موالاة لشخص أو حزب بل من أجل العراق، ولا نشك في أنّ الحكماء منهم سيتصدّون بكلّ قوّة للمنحى الطائفي الذي تريد أن تدفعهم إليه قوات الاحتلال وعملاؤها. وإذا كان لأحرار تونس والوطن العربي والعالم من واجب فهو دعم هذه المقاومة والتصدّي للامبريالية والاستعمار وخصوصا لحكومات الدول التي تحتلّ العراق أو تساهم فيه أو تدعمه. وعلينا في تونس مواصلة التنديد بمواقف نظام الحكم الذي ساند سرّا الحرب على العراق واحتلاله، ويقمع الشعب التونسي ويمنعه من التعبير عن مناهضته للامبريالية الأمريكية ومن مساندة المقاومة في العراق وفلسطين ولبنان والتصدّي للتطبيع مع الكيان الصهيوني.

- عاش العراق حرّا مستقلا
- تسقط الامبريالية
- يسقط العملاء

حزب العمال الشيوعي التونسي

تونس في 31 ديسمبر 2006



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني